وعد بلفور المشؤوم: هل كان قدراً محتوماً؟

محمود زين الدين1 نوفمبر 2022آخر تحديث :
وعد بلفور

كان وعد بلفور هو السبب في المأساة التي تعيشها فلسطين الآن بعد 105 سنوات من إطلاقه؟
هل كان وعد بلفور قدرا لا يمكن الوقوف ضده؟ هل كان الفلسطينيون والعرب حقا يجهلون خطورة الوعد؟
عانى شعب فلسطين من عدم القدرة على قطف الثمرة لكن التاريخ أثبت له قدرة فائقة على التضحية رغم معاناته دائما من بؤس النهايات.
تجاهلت بريطانيا كل الوعود الرسمية التي قطعتها للشريف حسين بن علي في تلك الفترة والمعنونة تحت مراسلات الحسين مكماهون.
النزعة الاستعمارية لأوروبا وتطلعها لنهب ثروات الشرق جعلها تحتل الشرق، لكن روح الحروب الصليبية لم تغادرها ما جعل بريطانيا تجتهد في تحقيق وعد بلفور!
* * *

بقلم: عبد الله المجالي
صدر وعد بلفور المشؤوم في الثاني من 2 نوفمبر 1917، منحت من خلاله بريطانيا اليهود وطنا قوميا في فلسطين العربية الإسلامية، ولم يكن عددهم في فلسطين آنذاك يتجاوز 55 الفا، مقابل 636 ألفا من الفلسطينيين أصحاب الأرض.
منتهى المأساة والملهاة!! تماما كمن يعطي 8 في المئة من سكان بريطانيا غير الأصليين حقا في إقامة وطن لهم في كامل بريطانيا متجاهلا 92 بالمئة من سكانها الأصليين وحضارتهم!
صحيح أن النزعة الاستعمارية لأوروبا وتطلعها لنهب ثروات الشرق جعلها تحتل الشرق، لكن روح الحروب الصليبية لم تكن غادرتها، وهي من الأسباب الرئيسية التي جعلت بريطانيا تجتهد في تحقيق وعد بلفور، مقابل تجاهل كل الوعود الرسمية التي قطعتها للشريف حسين في تلك الفترة والمعنونة تحت مرسلات الحسين مكماهون.
هل كان قدرا؟
هل كان الوعد قدرا لا يمكن الوقوف ضده؟ هل كان هو السبب في المأساة التي تعيشها فلسطين الآن بعد 105 سنوات من إطلاقه؟ هل كان الفلسطينيون والعرب حقا يجهلون خطورة الوعد؟ أو كانوا “غايبين فيله” كما يعتقد البعض؟
باختصار فإن الإجابة هي لا، وكان بالإمكان إنهاء انتداب بريطانيا لفلسطين بنيل الفلسطينيين استقلالهم كما حصل مع معظم المستعمرات البريطانية في المنطقة والعالم.
التاريخ يشير إلى تنبه الشعب الفلسطيني والعربي للمؤامرة، فقد انتفض الفلسطينيون ضد الانتداب البريطاني وضد العصابات اليهودية التي كانت تحت حمايته، وما ثورة البراق وشهداؤها، وثورة القسام والثورة الفلسطينية الكبرى إلا شواهد على يقظة الفلسطينيين لما يحاك لهم.
لقد نفذ الفلسطينيون أطول إضراب عام في تاريخ الشعوب، والإضراب أداة نضالية تعبر عن تقدم الوعي الحضاري لدى الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت.
في الضفة الشرقية وعى الأردنيون الخطر على فلسطين، ورفضت الحركة الوطنية والعشائر الأردنية وعد بلفور والاستيطان الصهيوني، ولم يكن ذلك مجرد بيانات استنكار، بل كانت بالسلاح أيضا، والعام 1920 شاهد على معركة ضارية بين الأردنيين بقيادة كايد مفلح العبيدات والعصابات الصهيونية في شمال فلسطين.
كذلك وعى المصريون الخطر الداهم على فلسطين، وشكلت الحركة الوطنية المصرية الكتائب للدفاع عن فلسطين، وما “قرش فلسطين” تلك الحملة لجمع التبرعات لصالح القضية الفلسطينية إلا شاهد على ذلك.
لم يكن الوعي ينقص الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، ولم تكن التضحية تنقصهم كذلك، فقد قدموا الشهداء تلو الشهداء، وكانت الثورة الكبرى والإضراب الكبير من أبرز المحطات التي كان يمكن أن تغير مجرى التاريخ، لكن أسبابا من أبرزها تدخل قيادات عربية قدمت الوعود للفلسطينيين على لسان بريطانيا أحبطت تلك الجهود.
لقد كان لتدخل القيادات العربية بالتواطؤ مع بعض القيادات الفلسطينية التي تضررت مصالحها، أثر في إحباط آمال الشعب الفلسطيني، وهو ما يشبه إلى حد ما ما حصل في الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انتهت بتوقيع اتفاق أوسلو الخائب.
لقد عانى الشعب الفلسطيني البطل من معضلة عدم قدرته على قطف الثمرة.
أثبت التاريخ للشعب الفلسطيني قدرة فائقة على التضحية، لكنه عانى دائما من بؤس النهايات.

*عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني

المصدر: السبيل – عمان

موضوعات تهمك:

السفارة البريطانية في القدس المحتلة: فارق التهور والحكمة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة