لبنان: «ترسيم» إسرائيل وانتخاب الرئيس… وطرد السوريين!

محمود زين الدين15 أكتوبر 2022آخر تحديث :
لبنان

مافيات حزبية وسياسية وطائفية شاركت في الانهيار الاقتصادي الحالي.
فشل النواب في انتخاب رئيس جديد وتتجه البلاد نحو «الشغور الرئاسي» مما يعطل الآلة الحكومية ويفاقم الأوضاع العامة الاقتصادية البائسة التي يعيشها لبنان.
استكشاف الطاقة بمناطق لبنان البحرية له آثار اقتصادية إيجابية لكنّ التاريخ الحالي لحكام لبنان سيجعل عوائد الطاقة مناط صراع بين أطراف أفقرت لبنان وأوصلته للإفلاس.
سلسلة كارثية تمتد من انهيار اقتصادي بدد ودائع اللبنانيين بالبنوك، إلى انفجار مرفأ بيروت الذي تمنع النخبة الحاكمة التحقيق فيه، وصولا لانهيار سياسي عزل البلد عن محيطه العربي.
ربط عون بصورة معبّرة بين الاتفاق مع إسرائيل وطرد السوريين فهؤلاء، كانفجار المرفأ والكارثة الاقتصادية، ليسوا بشرا هربوا بحيواتهم من القمع والقتل بل مجرد رقم بمعادلة سياسية.
* * *
جمعت الأخبار الآتية من لبنان ثلاث قضايا كبيرة في الوقت نفسه: إعلان اتفاق الحكومة اللبنانية مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين، واستمرار المحاولات لانتخاب رئيس جمهورية جديد، وتصريحات الرئيس الحالي ميشال عون أن السلطات ستبدأ بـ«إعادة السوريين إلى بلادهم»!
تبدو هذه القضايا، للناظر، وكأنها منفصلة ولا علاقة للواحد منها بالآخر، لكن اجتماعها، على هذه الصورة لا يمكن أن يخلو من معنى.
أحد الأشخاص الذين يصلون بين هذه القضايا، هو الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون، الذي سيقوم التيّار المحسوب عليه، «تكتل لبنان القوي» (المؤلف من نواب حزبه «التيار الوطني»، وحزب «طاشناق» الأرمني)، بمقاطعة الجلسة الثانية لانتخاب الرئيس، أمس الخميس، ومن المتوقع أن تقوم «كتلة الوفاء للمقاومة»، المحسوبة على الثنائي الشيعي، «حزب الله» و«حركة أمل»، بالتضامن مع حليفها أيضا، مما أدى لفشل النواب في اختيار بديل عن عون، بحيث تتجه البلاد نحو مسلسل «الشغور الرئاسي»، مع ما في ذلك من عطالة الآلة الحكومية، التي تنضاف إلى الأوضاع العامة الاقتصادية البائسة التي يعيش فيها لبنان، وهو أمر سبق لمجمل الأطراف السياسية اللبنانية أن توقّعته وحذّرت منه.
سيرتبط اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل باسم عون أيضا، الذي سيعلن موافقة بلاده الرسمية عليه، وسيعتبر ما حصل إنجازا كبيرا يمكن أن يخفّف من صورة الكارثة الهائلة التي قاد البلاد إليها، خلال الأعوام الستة التي جلس فيها على كرسيّ الرئاسة.
جاء تصريح عون حول هذا الموضوع ليظهر هذه المفارقة حيث قال إن الاتفاق «سينتشل لبنان من الهاوية التي أسقط فيها»، وكأن تلك الهاوية كارثة طبيعية، وليست نتيجة سياسات يتحمّل الرئيس اللبناني المسؤولية الأولى عنها.
وهي سلسلة طويلة تمتد من الانهيار الاقتصادي الذي صادر ودائع اللبنانيين في البنوك، إلى انفجار مرفأ بيروت الذي تمنع النخبة الحاكمة اللبنانية التحقيق فيه، وصولا إلى الانهيار السياسي الذي أدى لجعل البلد معزولا عن محيطه العربي.
وليكمل الرئيس اللبناني سوداوية المفارقات التي يجمع تفاصيلها في شخصه وسياساته، فقد جمع في جملة واحدة الحديث عن الترسيم و«الهاوية التي سقط فيها لبنان»، وقضية اللاجئين السوريين، حيث قال إن «إنجاز الاتفاقية سيتبعه ابتداء من الأسبوع المقبل، بدء إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم على دفعات»، وبذلك ربط عون، في صورة معبّرة، بين الاتفاق مع إسرائيل، وطرد السوريين.
فهؤلاء، مثل انفجار المرفأ، والكارثة الاقتصادية، ليسوا بشرا هربوا بحيواتهم من نظام ما زال يمارس بطشه اليومي على مواطنيه، ولكنهم مجرد رقم في معادلة سياسية مثلى تزيد فيها مكاسب الترسيم البحري المفترضة من أرباح عون، وينقص فيها قذف اللاجئين البؤساء إلى آلة النظام السوري للاعتقال والتعذيب والقمع من خسائره.
ابتدأ عون عهدته الرئاسية بإصدار مرسوم تجنيس لعدة مئات، وتشير تقارير إلى أنه سينهيها بمرسوم آخر لأربعة آلاف جواز سفر، وحذرت تقارير من استغلال هذه العملية، لتكون ضمن آليّة مالية سوداء لها تجارها والمستفيدون منها، ضمن أجهزة الدولة والأمن والمسؤولين، وهناك شركات تقوم بإصدار التأشيرات، وتحويل الأموال، وكل ذلك هو جزء من آلة النهب الكبرى التي يتم تبادل أرباحها ومنافعها ضمن مافيات حزبية وسياسية وطائفية، والتي شاركت في الانهيار الاقتصادي الحالي.
ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وبدء استكشاف حقول الطاقة في مناطق لبنان البحرية، ستكون له آثاره الاقتصادية الإيجابية على لبنان، لكنّ تلك عوائد الطاقة، إذا قرأنا التاريخ الحالي لحكام لبنان، ستكون، للأسف، مناطا للصراع بين الأطراف التي عملت على إفقار لبنان وتركيعه وإيصاله إلى الحال الراهنة.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

لبنان وإسرائيل: المصالح واضحة في ترسيم الحدود

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة