فشل التقديرات الاستخبارية الأميركية: أوكرانيا بعد أفغانستان

محمود زين الدين17 مارس 2022آخر تحديث :
أوكرانيا

اعترف كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية بأنهم قللوا من قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.

لا تزال روسيا عاجزة عن السيطرة على المجال الجوي الأوكراني بالكامل أو إخضاع كييف.

مثلما ظهر أن بوتين أساء تقدير قدرة جيشه على إخضاع القوات الأوكرانية، التي تشكل جيشاً أصغر من الجيش الروسي، كذلك فعلت أميركا أيضاً.

“الجيش الروسي بحكم تعريفه جيش بري بتموضعه وحجمه والمسافات على أراضيه، فاللوجستيات هي كل شيء بالنسبة له لكنه يبدوعملاقا أرجله من طين”.

“أخطاء كانت لها آثار سياسية في العالم حول استعداد بايدن أو غيره من قادة حلف الناتو لتوفير أسلحة، اعتقدوا أنها ربما قد تقع في أيدي الروس في غضون ساعات”.

“من يريد كسب الحرب يجب أن يضمن كمًا كافيًا من الذخيرة والبنزين اللازم للتقدم إضافة لحصص إطعام الجنود على الجبهة، ومن لا يستطيع ضمان ذلك لا يمكنه القتال”.

* * *
يوم 24 فبراير/ شباط الماضي، أي تاريخ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، نقلت مجلة “نيوزويك” الأميركية عن مسؤولين أميركيين توقعهم سقوط كييف في غضون 96 ساعة، على أن يتم تحييد المقاومة الأوكرانية بعد ذلك بوقت قصير.
حتى أنها نقلت يومها عن مصدر، وصفته بالقريب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قوله إنه يتفق مع التقييم الأميركي بأنه ستتم محاصرة العاصمة الأوكرانية خلال 96 ساعة، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الحكومة الأوكرانية لن تسقط.
لكن مع اقتراب الغزو من نهاية أسبوعه الثالث، برزت تساؤلات حول مدى الخطأ في التقديرات الاستخبارية، خصوصاً الأميركية، بشأن قدرة كييف على الدفاع عن نفسها، وحول الأسباب والآليات التي تتيح صمودها.
تقليل أميركي من مقاومة أوكرانيا
وفي السياق، اعترف كبار مسؤولي المخابرات الأميركية أمام لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، يوم الخميس الماضي، بأنهم قللوا من قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها ضد الغزو الروسي، في الوقت الذي كانوا فيه قادرين على الاستنتاج بدقة نية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شن الحرب وموعدها.
وبرر مدير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية الجنرال سكوت بيرييه الخطأ في التقدير بالقول، أمام اللجنة:
“كانت وجهة نظري، بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل، أن الأوكرانيين لن يكونوا مستعدين كما اعتقدت. لذلك شككت في رغبتهم في القتال. كان هذا تقييماً سيئاً من جانبي لأنهم قاتلوا بشجاعة وشرف، ويفعلون الشيء الصحيح”.
وأشار إلى أنه مثلما ظهر أن بوتين أساء تقدير قدرة جيشه على إخضاع القوات الأوكرانية، التي تشكل جيشاً أصغر من الجيش الروسي، كذلك فعلت الولايات المتحدة أيضاً.
افتراضات معيبة حول نوايا بوتين
وأقرّ بأنه “تم وضع افتراضات (أميركية) حول نوايا بوتين والتي ثبت أنها معيبة للغاية”، على حد قوله، كما أشار إلى أنّ تقييم الإرادة للقتال والمعنويات مهمة تحليلية صعبة للغاية.
بدورها، قالت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية أفريل هينز إن بوتين قلل من المقاومة التي يمكن أن يواجهها من قبل الأوكرانيين، لكنها أضافت “لكننا أيضاً لم نحسن التقدير في ما يتعلق بالتنبؤ بالتحديات العسكرية التي واجهها مع جيشه”.
ويأتي هذا الاعتراف في أعقاب سوء تقدير آخر، بعدما انهارت الحكومة الأفغانية المدعومة أميركياً بسرعة أكبر بكثير مما توقعته واشنطن، بعدما كان المسؤولون الأميركيون يعتقدون أن القوات التي دربتها ومولتها واشنطن قادرة على الصمود لأشهر بوجه حركة “طالبان” بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، في أغسطس/ آب الماضي. لكن بغياب الدعم الجوي والاستخباري، سلمت القوات الأفغانية العديد من المدن من دون قتال في الصيف الماضي.
انتقادات جمهورية لتأخر تسليح أوكرانيا
وكان البيت الأبيض قد واجه عاصفة من الانتقادات من قبل الجمهوريين لعدم تسليم أسلحة أو معلومات استخبارية إلى الأوكرانيين قبل انطلاق الغزو.
وفي حين أشار السيناتور الجمهوري توم كوتون، خلال جلسة لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، إلى صعوبة تقييم إرادة الجيوش الأجنبية للقتال، إلا أنه اعتبر أن: “هذه الأخطاء كانت لها آثار سياسية في العالم حول استعداد الرئيس (جو بايدن) أو غيره من قادة حلف شمال الأطلسي لتوفير أسلحة، اعتقدوا أنها ربما قد تقع في أيدي الروس في غضون ساعات”.
وحتى اليوم، لا تزال روسيا عاجزة عن السيطرة على المجال الجوي الأوكراني بشكل كامل، أو إخضاع العاصمة كييف أو غيرها من المدن الكبرى. كما أن الجيش الروسي استنفد عملياً بنك أهدافه، مع شنه ضربات جوية وصاروخية على القواعد والمنشآت وغرف العمليات التابعة للجيش الأوكراني.
وكانت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية قد تحدثت في تقرير، في 3 مارس/ آذار الحالي، عن الأخطاء الاستراتيجية واللوجستية التي أصبحت تمثل كابوساً حقيقياً للجيش الروسي.
وأشارت إلى “المركبات المدرعة المهجورة بسبب نقص الوقود، والجنود الذين ينصرفون إلى نهب المحلات التجارية، وطوابير آليات عسكرية تنتظر التزود بالوقود”، وهو ما وصفه مصدر عسكري فرنسي بالقول إن “الروس لديهم مشكلة حقيقية في إمداد الوقود. إنها علامة على الفوضى”.
وأضاف الضابط أن هذا الأمر مثير للدهشة بالنسبة لجيش روسي شديد الاعتماد على الآليات، “لأن من يريد كسب الحرب يجب أن يضمن العدد الكافي من الذخيرة والبنزين اللازم للتقدم، إضافة إلى حصص إطعام الجنود على الجبهة، ومن لا يستطيع ضمان ذلك لا يمكنه القتال”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع فتح الجيش الروسي جبهات كثيرة في آن واحد، فإن المسافات التي يريد قطعها من قواعده الخلفية تُحسب بمئات الكيلومترات، وقد ظهر أن لديه صعوبة في التسلسل القيادي والتنسيق، ولذلك أدركت المقاومة الأوكرانية أهمية استهداف التدفقات اللوجستية، ما أدى إلى إبطاء تقدمه.
ونقلت عن المتخصص في الشؤون الروسية في معهد تشاتام هاوس ماتيو بوليغ قوله إن “الجيش الروسي هو بحكم تعريفه جيش بري بتموضعه، بالنظر إلى حجمه والمسافات على أراضيه، ولذلك فإن اللوجستيات هي كل شيء بالنسبة له، ولكنه يبدو كعملاق أرجله من الطين”.

المصدر: أسوشيتد برس

موضوعات تهمك:

خيارات بوتين للخروج من كابوس اوكرانيا محدودة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة