بعد تصريح خامنئي: هل نشهد انفراجة في إيران؟

محمود زين الدين8 يناير 2023آخر تحديث :
إيران

«حوالي 70% من سكان مدينة قم، وهي معقل المرجعيات الشيعية والحوزة العلمية، لا يرتدين الحجاب أو يعارضن فرضه على النساء».
يؤكد خامنئي أن الحجاب واجب شرعي لكنه يضيف أنه «ينبغي ألا نتهم اللواتي لا يراعين الحجاب بصورة تامة بانتفاء التدين وبمعاداة الثورة. لا مطلقا».
يؤمل أن تساهم تأكيدات خامنئي في تدعيم موقف المعتدلين داخل النظام التي تحاول استيعاب وتفهّم ومعالجة أسباب الاحتجاجات، وترفض تجريمها تلقائيا بدعوى معاداة الثورة.
نخب إيران تعرف أن الحلّ الأمني الاستئصالي غير ممكن، وأن تجريم حاجة المجتمعات للتنوّع والتطور سيوسّع الشقّة مع قطاعات عريضة ويفاقم الأضرار التي تعرّضت لها صورة إيران.
* * *
نشر موقع الإمام خامنئي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر خبرا وصورا وأشرطة فيديو تصور مقاطع من لقاء جرى يوم الأربعاء الماضي وجمع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، في احتفال بذكرى ولادة السيدة فاطمة الزهراء، مع «مجموعة من النساء والمثقفات والأمهات والناشطات في المجالات الثقافية والاجتماعية والعلمية».
يظهر خامنئي في الشريط وخلفه ستارة عملاقة يتصدرها قول الإمام الصادق: «أكثر الخير في النساء»، ويدلي فيه بتصريح يؤكد فيه أن الحجاب واجب شرعي لكنه يضيف أنه «ينبغي ألا نتهم اللواتي لا يراعين الحجاب بصورة تامة بانتفاء التدين وبمعاداة الثورة. لا مطلقا»، وأن هؤلاء «ما زلن بناتنا»، كما وعد بإيجاد حل لما سماه «استخدام المرأة المتعلمة والمطلعة والحكيمة وذات الخبرة في مختلف مستويات صنع القرار في الدولة».
يمكن اعتبار التصريحات الآنفة فريدة من نوعها، لكونها صادرة عن الشخصية السياسية – الدينية الأولى في إيران، الذي كان قد أدلى بعدد من التصريحات منذ اندلاع الاحتجاجات على إثر مقتل الشابة الكردية – الإيرانية مهسا أميني في 16 أيلول / سبتمبر الماضي، بعد وقفها من قبل «دوريات الإرشاد»، اتهم في إحداها أمريكا وإسرائيل بالتخطيط لـ»أعمال الشغب».
كان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية قال في تشرين أول/أكتوبر الماضي إن كثيرات من النساء الإيرانيات اللواتي لا يرتدين «حجابا كاملا» وهنّ، مع ذلك، من «الأنصار الحقيقيين لنظام الجمهورية الإسلامية»، وعند مقارنته بالتصريح الأخير نجد أن خامنئي فصل بين فكرة التساوي بين عدم ارتداء الحجاب (أو ارتداء «حجاب ناقص» كما قال)، و»معاداة الثورة»، كما أنه أبعد أولئك النسوة عن تهمة الكفر، وهو ما يجب اعتباره تأكيدا مهمّا، على المستوى السياسي والفقهي، وما ينجرّ على ذلك من تبعات أمنية.
يفترض بهذه التأكيدات من قبل الشخصية الأرفع سياسيا ودينيا في إيران أن تساهم في تدعيم موقف الأجنحة المعتدلة داخل النظام الإيراني، التي تحاول استيعاب وتفهّم ومعالجة الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للاحتجاجات، وترفض تجريمها بشكل أوتوماتيكي، تحت دعاوى معاداة الثورة أو الكفر.
فهذه النخب الإيرانية تعرف أن الحلّ الأمني الاستئصالي غير ممكن، وأن تجريم حاجة المجتمعات للتنوّع والتطور سيوسّع الشقّة مع قطاعات عريضة من الإيرانيين، كما أنه سيلحق المزيد من الأضرار التي تعرّضت لها صورة إيران، بين الإيرانيين أنفسهم، أو في العالم الواسع.
يؤكد مهدي نصيري، رئيس تحرير صحيفة «كيهان» السابق (وهي جريدة مقربة من المرشد الأعلى)، أن «نسبة معارضة أنصار الحجاب الإلزامي في المدن الدينية متساوية مع المدن الأخرى أو أكثر»، وأن «حوالي 70% من نساء مدينة قم، وهي معقل المرجعيات الشيعية والحوزة العلمية، لا يرتدين الحجاب أو يعارضن فرضه على النساء»، وأنه «عندما تكون غالبية الناس في المجتمع ضد قانون الحجاب الإلزامي فعلى الحكومة التخلي عن القانون لأنه غير قابل للتطبيق».
تفصح الاحتجاجات الإيرانية، وأشكال تفاعل الشخصيات العامة معها، من نخب سياسية وإعلامية، وممثلين وممثلات، ورياضيين ورياضيات، عن حصول تطوّر اجتماعي كبير، وهو ما عكسته أيضا تصريحات خامنئي، التي يمكن، إذا توفّر السياق السياسي المناسب، أن تؤدي لانفراجة تفيد الإيرانيين، وتحافظ على أسس الجمهورية.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

إلغاء «دوريات الإرشاد» في إيران وضرورة البناء عليه

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة