القضاء على الفقر.. حلم الشعوب العربية

الساعة 2524 أكتوبر 2022آخر تحديث :
الفقر

بطبيعة الحال التي تتسم بها التنمية بالدول النامية، والتي تقع الدول العربية في إطارها، فإن الريف يحظى بالنسبة الكبرى من الفقر متعدد الأبعاد.

تُظهر قاعدة بيانات البنك الدولي أن مساهمة الدول العربية جميعًا في صادرات التكنولوجيا المتقدمة بلغت 2.8 مليار دولار في عام 2017 (أحدث البيانات المتاحة)، بينما في ماليزيا بلغت هذه الصادرات في نفس العام 74.1 مليار دولار.

وجب على الحكومات العربية أن تسعى لهذا الهدف وأن تعمل على تحسين معدلات التعليم والرعاية الصحية، وتتبنى برامج للتدريب وإعداد العمالة الماهرة، والدخول بعمق في دائرة البحث العلمي.

ما يخشى منه أن تظل المنطقة العربية على ما هي عليه، من استمرار النزاعات المسلحة، وغياب مشروعات التنمية، وأن يرتع الفقر بين السكان العرب.

* * * *
تحُض الحكم والآثار العربية على بغض الفقر، نظرًا لما يمثله من حرمان وانتقاص من كرامة الإنسان، والأشهر بين تلك الحكم والآثار المقولة المنسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه “لو كان الفقر رجلًا لقتلته”، والفقر من الأمور التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه “اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر”.

وفي يوم الاثنين، الموافق 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، تحتفي الأمم المتحدة باليوم الدولي للقضاء على الفقر. ويعد القضاء على الفقر ضمن مشروع أهداف الألفية الذي تتبناه الأمم المتحدة، في إطار مجموعة برامج 2030، وتتخذ الأمم المتحدة في اليوم الدولي للقضاء على الفقر شعارًا لها هذا العام، تحت عنوان “الكرامة للجميع”، ولكن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم خلال الفترة الماضية عمقت من مشكلة الفقر.

ووفقاً للبيانات المنشورة على موقع الأمم المتحدة فإن هناك 1.3 مليار إنسان، من بين سكان العالم، يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، نصفهم من الأطفال والشباب، والفقر متعدد الأبعاد، هو مؤشر مركب يضم خمسة مؤشرات فرعية هي (فقر الدخل، والحرمان من الرعاية الصحية، والحرمان من خدمات التعليم، ونقص البنية الأساسية، والحرمان من الأمن).

وكما نعلم فإن الأزمة التي عاشها العالم بسبب أزمة كورونا تركت آثارها على مختلف جوانب الحياة، ومن بين ما تركته من تداعيات سلبية أنها عمقت من قضية الفقر فالأرقام تشير إلى أن جائحة كورونا تسببت في إضافة ما بين 143 – 163 مليون إنسان إلى براثن الفقر.

الفقر عربياً

تظهر بيانات الأمم المتحدة أن معدلات الفقر المدقع بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا زادت بسبب الصراعات الموجودة بالمنطقة، ففي الفترة 2015 – 2018 زادت نسبة الفقر المدقع من 3.8% إلى 7.2%.

أما بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2021 فتظهر أن الفقر متعدد الأبعاد بالمنطقة العربية في 2019 بلغ 15.8% بين السكان، وأنه على مستوى المؤشرات الفرعية للفقر متعدد الأبعاد كانت مساهمة فقر الدخل هي الأعلى بالمنطقة العربية، إذ بلغت 39%، والحرمان من التعليم 35%، والحرمان من خدمات الرعاية الصحية 26%.

وبطبيعة الحال التي تتسم بها التنمية بالدول النامية، والتي تقع الدول العربية في إطارها، فإن الريف يحظى بالنسبة الكبرى من الفقر متعدد الأبعاد، فقد بلغت نسبة الفقر متعدد الأبعاد بالريف العربي 25.8%، بينما تصل هذه النسبة في المناطق الحضرية بالعالم العربي إلى 5.8%.

وعلى مستوى الأقطار العربية، فأرقام التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2021 تبين أن نسب الفقر بالصومال هي الأعلى بين الدول العربية، إذ تبلغ 73%، واليمن 48.6%، والسودان 48.5%، وجزر القمر 42%.

أما الدول العربية متوسطة الدخل فنجد أن معدلات الفقر بينها تصل إلى حدها الأعلى في مصر 32.5%، وكذلك في فلسطين 29%، وفي لبنان 27.4%، وفي العراق 18.9، وفي الأردن 15.7%، وفي تونس 15.2%.

أما عن الفقر في دول الخليج، فلا تتوفر بيانات كافية، وإن كانت هذه الدول تتسم بتصنيفها على أنها من الدول ذات الدخل المرتفع، إلا أن التقرير الاقتصادي العربي يبين أن نسبة الفقر في البحرين بلغت 11%.

كما أن المملكة العربية السعودية، ووفق ما ورد في الميزانية العام للدولة، فقد تم إنشاء ما يعرف بحساب المواطن فيها، لتقديم الدعم للمضارين من الإجراءات التقشفية التي لجأت إليها الدولة في ظل أزمة تراجع أسعار النفط، وبخاصة مع بداية عام 2015، وقد قدرت نسبة من تقدموا للاستفادة من خدمات برنامج حساب المواطن بنحو 60% من السكان.

أسباب تزايد الفقر بالمنطقة

مع نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة كانت المنطقة العربية تتميز بانخفاض نسبة الفقر، وإن كانت هناك بعض الدول العربية التي تصنف من ضمن قائمة الدول الأشد فقرًا على مستوى العالم، مثل اليمن وموريتانيا والصومال والسودان وجزر القمر. وهي دول عانت في مراحل مختلفة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وكذلك ضعف الإنفاق على التنمية.

كما أنه في ضوء ما تم من إجهاض لثورات الربيع العربي، دخلت عدة دول عربية في حالة صراع مسلح، وعدم استقرار سياسي وأمني (سورية، اليمن، ليبيا) كان من نتيجته عملية هجرة ونزوح، وتراجع أداء النشاط الاقتصادي في العديد من المناطق بهذه الدول، مما أدى إلى زيادة معدلات الفقر.

ولم تكن حالة النزاع ببعض الدول العربية هي فقط العامل الوحيد الذي أدى إلى زيادة معدلات الفقر، ولكن كانت البنية الاقتصادية والاجتماعية في جل الدول العربية تعاني من سوء توزيع الثروة، فضلًا عن سوء الإدارة الاقتصادية التي اعتمدت على المصادر الريعية للدخل، وجعلت متوسط دخل الفقر يتسم بالمحدودية بغالبية الدول العربية.

كما أن غياب مشروع تنموي، على الصعيد الإقليمي أو القطري للدول العربية، ساهم بشكل كبير في محدودية الناتج المحلي، ومتوسط نصيب الفرد منه، فغالبية الدول العربية يتسم إنتاجها بالعمل على إنتاج المواد الأولية، والاعتماد على النشاط الزراعي، ومحدودية مساهمة قطاع الصناعة، وإن وجد نشاط للقطاع الصناعي، فغالبًا ما يكون في الصناعات التقليدية، ذات القيمة المضافة الضعيفة.

وتُظهر قاعدة بيانات البنك الدولي أن مساهمة الدول العربية جميعًا في صادرات التكنولوجيا المتقدمة بلغت 2.8 مليار دولار في عام 2017 (أحدث البيانات المتاحة)، بينما في ماليزيا بلغت هذه الصادرات في نفس العام 74.1 مليار دولار. وهو ما يعكس مدى تواضع الأداء الاقتصادي للدول العربية، والذي كانت نتيجته تواضع مستوى الدخل في الدول العربية.

فرصة للقضاء على الفقر

قد يعترض البعض على مصطلح القضاء على الفقر، بسبب ما يتسم به الفقر من النسبية، فمهما تحسنت أوضاع الأفراد والمجتمعات ستكون هناك نسب فقر متفاوتة، عند مقارنة الناس بعضهم ببعض، لذلك يفضل البعض اصطلاح “مكافحة الفقر”.

وأيًا كان الاصطلاح المستخدم، فإن الإجماع منعقد على هدف التخلص من الفقر لدى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع، ويتطلب التخلص من الفقر، أو تقليل نسبته إلى أقل نسبة ممكنة، مجموعة من العوامل على رأسها ضرورة الاستقرار السياسي والأمني.

ومن هنا وجب على الحكومات العربية أن تسعى لهذا الهدف وأن تعمل على تحسين معدلات التعليم والرعاية الصحية، وتتبنى برامج للتدريب وإعداد العمالة الماهرة، والدخول بعمق في دائرة البحث العلمي. ولعل الأمر المهم والذي يمثل فرصة أمام الدول العربية النفطية هو ارتفاع أسعار النفط، وتحسن الأوضاع المالية للدول العربية النفطية.

وهنا تكمن الفرصة من حيث إمكانية توظيف الوفرة النفطية هذه المرة في خدمة التنمية بالدول العربية، وبما يحقق مصالح طرفي المعادلة من الدول المصدرة والمستقبلة للتمويل، وبما يحقق حلم الشعوب العربية في القضاء على الفقر.

وهذا الاتجاه سيكون له العديد من المزايا، ولعل أبرزها توفير الحماية للمجتمعات العربية من خطر التقلبات في الأسواق الدولية، والتي كان من بينها تحدي توفير السلع الغذائية والزراعية، إبان أزمة جائحة كورونا، وغيرها من الأزمات التي ظهرت فيها تبعية الدول العربية، واعتمادها على الخارج بشكل كبير.

ولكن ما يخشى منه أن تظل المنطقة العربية على ما هي عليه، من استمرار النزاعات المسلحة، وغياب مشروعات التنمية، وأن يرتع الفقر بين السكان العرب.

المصدر: العربي الجديد

موضوعات تهمك:

مصر: الركود يضرب حلوى المولد والرهان على رواتب الموظفين

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة