نهاية الجدل.. الصين أكبر اقتصاد في العالم

محمود زين الدين8 أكتوبر 2022آخر تحديث :
الصين

هل هي نهاية الجدل بشأن ما إذا كانت الصين قد تخطت أمريكا فعلاً كأكبر اقتصاد في العالم؟
رغم أن بعض الناس يجدون صعوبة في تقبل حقيقة أن الولايات المتحدة ليس لديها أكبر اقتصاد في العالم، لكن هذه هي الحياة دائما.
الصين هي بالفعل أكبر اقتصاد في العالم، واقتصادها أكبر بنسبة 20% من الاقتصاد الأمريكي وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي بهذا الشأن.
باستخدام مقياس معادل القوة الشرائية، يكون إجمالي الناتج المحلي الصيني قد تجاوز الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي منذ 2014 ومنذئذ تزداد هذه الفجوة.
* * *

بقلم: د. محمد الصياد
يقول المثل العربي الشائع: «قَطَعَت جَهِيزَةُ قَولَ كُلّ خَطِيبِ». فهل هي نهاية الجدل بشأن ما إذا كانت الصين قد تخطت أمريكا فعلاً كأكبر اقتصاد في العالم؟
في أكتوبر 2020، ربما كان صندوق النقد الدولي قد وضع حداً لهذا الجدل الدائر منذ بضع سنوات بين السياسيين والاقتصاديين في العالم. في آخر كتاباته يقول عالِم الاقتصاد الكلي، الأمريكي دين بيكر، الذي يُعترَف به كواحد من أوائل الاقتصاديين الذين حددوا فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة 2007-2008 لم يعد لهذا الجدل من معنى.
فالصين هي بالفعل أكبر اقتصاد في العالم، واقتصادها أكبر بنسبة 20 في المئة من الاقتصاد الأمريكي، مستنداً في ذلك إلى تقرير صندوق النقد الدولي بهذا الشأن.
ويضيف قائلاً: علاوة على ذلك، فإنه ينمو بسرعة أكبر بكثير (بافتراض أنهم في الصين لن يواصلوا سياسة صفر كوفيد-19 إلى الأبد)، من الاقتصاد الأمريكي. لذلك من المتوقع أن يكون أكبر من الاقتصاد الأمريكي بمقدار الثلث بحلول نهاية العقد.
يقول بيكر إن العديد من الاقتصاديين، وحتى السياسيين غير المتخصصين، يسيئون فهم الأحجام النسبية للاقتصادين الأمريكي والصيني، لأنهم يعتمدون على مقاييس سعر الصرف للناتج المحلي الإجمالي (GDP).
فيقيسون الناتج المحلي الإجمالي لبلد ما (الصين في هذه الحالة)، ثم يقارنونه بالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة عن طريق تحويل عملتها الوطنية (اليوان) إلى الدولار الأمريكي بسعر الصرف الجاري.
وهذا مقياس تعوزه الدقة، بحسب دين بيكر الذي يقرر أن معظم الاقتصاديين يرون الآن أن مقياس مُعادِل القوة الشرائية للناتج المحلي الإجمالي، هو الأفضل والأكثر واقعية.
فهذا المعيار يأخذ في الحسبان التطبيقي مجموعة مشتركة من أسعار السلع والخدمات المنتجة في بلدان مختلفة. ورغم عدم دقته، إلا أنه من حيث المبدأ يقارن سلعة بأخرى مماثلة لها، التفاح بالتفاح على سبيل المثال.
وعلى ذلك، فإنه باستخدام مقياس معادل القوة الشرائية، يكون إجمالي الناتج المحلي الصيني قد تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في حوالي عام 2014. ومنذ ذلك الحين تزداد هذه الفجوة. ورغم أن بعض الناس يجدون صعوبة في تقبل حقيقة أن الولايات المتحدة ليس لديها أكبر اقتصاد في العالم، لكن هذه هي الحياة، دائما بحسب دين بيكر.
ليس هذا وحسب، بل إن صندوق النقد الدولي قرر في تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2020، الذي أصدره في الأسبوع الثاني من أكتوبر 2020، أن الصين قد أزاحت الولايات المتحدة لتصبح أكبر اقتصاد في العالم، وذلك باستخدام المقياس الأكثر دقة الذي يعتبره الصندوق وكذلك تقارير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بأنه أفضل مقياس منفرد لمقارنة الاقتصادات الوطنية؛ حيث أظهر تقرير الصندوق أن اقتصاد الصين أكبر بمقدار السُّدس من اقتصاد أمريكا (24.2 تريليون دولار مقابل 20.8 تريليون دولار).
وعلى الرغم من هذا البيان الواضح الذي وافقته المخابرات المركزية الأمريكية، فإن معظم وسائط الاعلام السائدة في أمريكا وأوروبا، باستثناء مجلة الإيكونومست البريطانية، تواصل الحديث عن أن الاقتصاد الأمريكي هو رقم 1 في العالم.
لردح من الزمن، ظل الاقتصاديون يستخدمون مقياساً يسمى أسعار صرف السوق لحساب الناتج المحلي الإجمالي. وعندما تم تطوير هذه الطريقة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كانت أمريكا تنتج ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
فكانت الدول الأخرى، تقوم بجمع قيمة جميع السلع والخدمات التي ينتجها اقتصادها بعملتها الوطنية ثم تحول اجمالي هذه القيمة إلى الدولار الأمريكي بسعر الصرف الجاري في السوق. وبموجب هذه الطريقة، فقد بلغت قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة في الصين بحلول عام 2020، 102 تريليون يوان.
وبعد تحويل حاصل جمع القيمة إلى الدولار الأمريكي بسعر صرف السوق البالغ 7 يوانات لكل دولار، يكون إجمالي الناتج المحلي الصيني بسعر الصرف السوقي 14.6 تريليون دولار مقابل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة البالغ في نفس العام، 20.8 تريليون دولار. لكن هذه المقارنة تفترض أن 7 يوانات تشتري نفس الكمية من البضائع في الصين مثل دولار واحد في الولايات المتحدة.
ومن الواضح أن هذا ليس هو الحال. ولتسهيل فهم هذه المسألة، فقد أنشأت مجلة إيكونوميست البريطانية، “مؤشر بيغ ماك” Big Mac الذي يوضح أنه يمكن للمستهلك الصيني شراء “بيغ ماك” كامل في بكين مقابل 21 يوانا. لكنه إذا قام بتحويل هذا اليوان بسعر الصرف الجاري إلى دولار، فسيحصل على 3 دولارات، والتي ستشتري فقط نصف بيج ماك في الولايات المتحدة.
بمعنى آخر، حين يقوم الصينيون بشراء مختلف المنتجات، ابتداءً من البرغر والهواتف الذكية، وانتهاءً بالسيارات والطائرات والأسلحة، فإنهم يحصلون على ما يقرب من ضعف ما يشتريه كل دولار واحد.

*د. محمد الصياد كاتب اقتصادي بحريني

المصدر: الخليج – الدوحة

موضوعات تهمك:

لا سقف فوق الدولار القوي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة