لقاء بلينكن ولافروف.. دبلوماسية آخر ساعة لاستباق تغيير الخريطة

محمود زين الدين22 يناير 2022آخر تحديث :
بلينكن ولافروف

هل يعمل بايدن بقاعدة مراضاة الأعداء الأقل خطرا ليتفرغ للأخطر فيتخلص من أزمة مع روسيا بصفقة مثل القطبة المخفية ليتفرغ لأولويته الصينية؟

صارت واشنطن على قناعة إن لم يكن يقين أنّ خطة الكرملين العسكرية في أوكرانيا دخلت آخر حلقاتها وأنّ نقلها إلى حيز التنفيذ بات قاب قوسين أو أدنى.

ثمة اعتقاد أنّ مطالب روسيا والضمانات الخطية التي اشترطتها لم تكن من الأساس سوى “تعجيز” و”ذرائع” لتسويغ الحرب المحددة أغراضها منذ فترة طويلة.

إذا كان خصوم أميركا أكثر من أن تتعامل معهم فعليها التصرف كبريطانيا في نهاية القرن 19 ومطلع القرن 20 حين قامت بمراضاة الأقل خطراً لتركّز على ألمانيا.

اجتماع بلينكن-لافروف جرى ترتيبه على عجل ويعكس حاجة لاستباق حدث خطير وقريب وبدا أن ثمة تطورا دبلوماسيا استجد عبر اتصالات خفية جرت من خلال قنوات أوروبية وألمانية بشكل خاص!

* * *
صارت واشنطن على شبه قناعة إن لم يكن على يقين، أنّ خطة الكرملين العسكرية في أوكرانيا دخلت آخر حلقاتها وأنّ نقلها إلى حيز التنفيذ بات قاب قوسين أو أدنى.
التحركات على الحدود وزيادة الحشود ودخول قسم منها إلى بيلاروسيا المجاورة والحليفة، وحديث إدارة بايدن عن استعدادها لدعم تمرد أوكراني مسلح ضد الروس في حال دخولهم البلاد، كل هذه الأحداث والتطورات نقلت التوقعات حول عملية الاجتياح الروسي من “هل” إلى “متى” يقع؟
ثمة اعتقاد أنّ مطالب موسكو والضمانات الخطية التي اشترطتها لم تكن من الأساس سوى “تعجيز” و”ذرائع” لتسويغ الحرب المحددة أغراضها منذ فترة طويلة.
في هذا السياق جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى أوكرانيا، الأربعاء، على أن تلحقها زيارة مماثلة إلى ألمانيا، اليوم الخميس، كما يجتمع بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف، غداً الجمعة، في جنيف في لقاء بدا بمثابة محاولة الساعة الأخيرة لاستباق الانفجار.
هذا الاجتماع الذي جرى ترتيبه على عجل وإلحاقه بالزيارة، بدا وكأنه يعكس حاجة لاستباق حدث خطير وقريب. كما بدا أن ثمة تطورا دبلوماسيا معينا قد استجد من خلال الاتصالات البعيدة عن الأضواء التي جرت وما زالت من خلال القنوات الأوروبية والألمانية منها بشكل خاص.
وتربط برلين بموسكو مصالح كبيرة نسجتها وعززتها قبل تقاعدها، المستشارة أنجيلا ميركل التي أصرت على بناء أنبوب الغاز الطبيعي الروسي الثاني إلى أوروبا “نورد ستريم 2″، الذي لم يبدأ تشغيله بعد، حيث يفضل الألمان تحييده عن الصراع إذا أمكن. ليس سراً عدم وجود توافق تام بين واشنطن والحلفاء الأوروبيين حول هذا المشروع، ولا حول كافة بنود لائحة العقوبات التي تعتزم إدارة بايدن اعتمادها في حال أقدمت موسكو على عمل عسكري في أوكرانيا.
ما هو التطور الذي استدعى لقاء جنيف؟ وهل له فرصة للنجاح؟ هل لبحث إمكانية عقد قمة جديدة بين بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تكون مدخلاً لوضع إطار تسوية توفر ضمانات لروسيا من غير أن تكون خطية؟
الرئيس بايدن لم يستبعد احتمال عقد القمة التي قال إنها “ممكنة”. وفي أجوبته خلال مؤتمره الصحافي، الأربعاء، لمناسبة مرور عام على رئاسته، على الأسئلة الخمسة المتعلقة بروسيا (من أصل 42 سؤالاً شملت سؤالاً واحداً عن إيران وآخر عن اليمن) حرص على الابتعاد عن لغة التحدي وترك الباب مفتوحاً للعثور على صيغة تعفي من تغيير الخريطة الأوكرانية.
وشدّد بايدن وبلغة النصيحة على ضرورة تجنب خيار القوة “لئلا تفلت الأمور من اليد”، مكتفياً بتكرار التحذير من العقوبات وكلفتها والتلويح بزيادة توسيع حلف شمال الأطلسي “الناتو” في حال لجأ بوتين إلى الخيار العسكري.
كما أبدى الرئيس الأميركي الاستعداد للبحث في إعادة النظر في “بنية القوة” العسكرية في أوروبا. كلام يحمل إشارات تسووية من المفترض أن يدخل بلينكن في تفاصيلها مع لافروف في جنيف.
في هذا الصدد، يشار إلى تصاعد التداول في موضوع توسيع “الناتو” بواشنطن، وذلك من زاوية أنه بات بمنزلة “لزوم ما لا يلزم”. صحيح أنّ الغالبية ما زالت متشبثة بضرورة ترك بوابة الانتساب إلى “الناتو” مفتوحة، باعتبار أنه مسألة سيادية ولا يجوز النزول عند رغبة موسكو “وإملاءاتها”، لا سيما أنّ الحلف منظمة “دفاعية”.
إلا أنّ طلب العضوية فيه أو بالأحرى الحضّ عليها، تجاوز الحدود والحاجة، وبالتالي فقد “آن الأوان لإغلاق بابه”، كما يقول مايكل كيمّج أستاذ التاريخ في الجامعة الكاثوليكية بواشنطن.
ولوحظ أنّ الرئيس لم يشدد في مؤتمره الصحافي الطويل (تعمّد إطالته لساعة و53 دقيقة كي يدحض على ما يبدو مزاعم خصومه بأنّه غير مؤهل صحياً وذهنياً) على هذا الموضوع، وكأنّ هناك بوادر إعادة نظر في التوجه الخارجي الموروث.
وذلك على أساس أنّ أميركا صارت قوة “مهيمنة فوق ما تتحمل طاقتها” بحسب هال براندز الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز بواشنطن.
والذي يتساءل عما “إذا كان صار للولايات المتحدة خصوم أكثر مما تقوى على التعامل معهم”، وفي هذه الحال ربما عليها التصرف “كما فعلت بريطانيا في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع العشرين، حين عملت على مراضاة الأقل خطراً لتركّز على احتواء ألمانيا”، كما قال.
هل يعمل بايدن بهذه القاعدة فيتخلص من أزمة مع روسيا عن طريق صفقة من نوع القطبة المخفية، ليتفرغ لأولويته الصينية؟

المصدر| العربي الجديد

موضوعات تهمك:

لغز نوايا بوتين تجاه أوكرانيا يحيّر واشنطن

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة