فرنسا.. هكذا اقتحم اليمين المسيحي انتخابات الرئاسة

عبد الرحمن خالد14 ديسمبر 2021آخر تحديث :
فرنسا

“في أكتوبر 2020، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة الفرنسية باريس، في زيارة غير معلنة، ليوبخ نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على ما يقوم به بحق النبي الاعظم، قبل أن يغادر غاضبا دون أن يودع ماكرون متجاوزا بذلك كل البروتوكولات”، الخبر المختلق والكاذب انتشر بشكل واسع النطاق بعد أزمة الرسومات الفرنسية المسيئة، على وسائل التواصل الاجتماعي، اضطر أحد أنصار “الخليفة” كما يحب أن يطلق عليه أنصاره والمناوئون له على السواء، لاختلاقه ظاهريا لنصرة النبي محمد، لكنه على ما يبدو اختلقه لنصرة أردوغان!

“في قمة برلين المقامة من أجل الأزمة الليبية يناير 2020، شهدت موقفا طريفا، خلال التقاط الزعماء للصورة الجماعية التذكارية عند المنصة، حيث وقف الجميع وبقي مكانا فارغا بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس التركي، لتشير ميركل إلى المكان للوقوف، لكنه يعطي ظهره لأردوغان ويسلم على من هو خلفه، ثم تلتقط الصور ويظهر ماكرون وكأنه يكتم ابتسامة مراهقة، قبل أن يكتشفوا ان الرئيس الروسي لم يقف معهم بعد، ويتحرك ماكرون إليه بخفة حركة نوعا ما ليشير إلى مكانه ليقف به، لكنه يتجه إلى الجانب الآخر من المستشارة الألمانية للوقوف”.

مارس العام الجاري، بينما الأجواء ربيعية مبكرا، أجرى رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون قمة افتراضية هي الأولى من نوعها مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، بعد أشهر من التوترات وصلت إلى حد حرب كلامية، أوشكت على التحول إلى عداء غير ممكن تقريبا، وفي الثاني عشر يناير من العام ذاته، التقى الرئيس التركي مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي، قبل ثلاثة أيام من لقاء جمع وزيري خارجية فرنسا وتركيا، جان إيف لودريان ومولود تشاويش أوغلو، حيث حمل الأول رسالة من الرئيس إلى نظيره التركي، وصفها الوزير التركي بالإيجابية، جدا.

قمة أردوغان – ماكرون، شهدت التأكيد على صفة الحلفاء في شمال الأطلسي (الناتو)، مؤكدا أنه بتلك الصفة يمكن العمل على عدة محاور لضمان الاستقرار والأمن الإقليمي، مما يعني “مساهمات مهمة لجهود الاستقرار والسلام في منطقة جغرافية واسعة، بدءا من أوروبا وحتى القوقاز، ومن الشرق الأوسط حتى إفريقيا”، ومن وقتها تشهد العلاقات الفرنسية التركية هدوءا، مقارنة بالحالة الهيسترية التي وصلت إليها مستوى تصريحات الرئيسين، حينما شكك أردوغان في قوى ماكرون العقلية، بعد أن أطلق الأخير تصريحات حول أزمة الإسلام حول العالم، وباتت الخلافات على مستوى دبلوماسي حذر نوعا ما.

فرنسا
اجتماع افتراضي بين الرئيسين التركي والفرنسي

ظرف يميني

فاز إيمانويل ماكرون، على المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، في انتخابات حامية الوطيس، أثارت خلالها، السياسية “العنصرية” كما يصنفها قطاع واسع من الفرنسيين، موجات من القلق لدى الأحزاب التقليدية الفرنسية.

المحامية السابقة، أعلنت بشكل واضح عدائها للهجرة بالكلية، واعدة بطرد جميع الأجانب الذي يقيمون بشكل غير قانوني، ومنح الأجانب العاطلين فرصة 3 أشهر لإيجاد عمل أو الرحيل، مؤكدة في تصريحات خلال حملتها الانتخابية انحيازها لـ”الأولوية الوطنية”، حيث ترى أن الفرنسي أحق بالأولوية على غيره في السكن والمساعدة الاجتماعية والعمل.

ترى أن سياسات التبادل الحر مجحفة وتساوي بين بلادها والدول النامية، وتقول عادة أنه على فرنسا تبني سياسات وطنية أكثر انغلاقا، كما دعت سابقا للخروج من نطاق اليورو، والعودة إلى الفرنك الفرنسي.

لوبان التي انهزمت أمام الرئيس الحالي، وعدت إبان ترشحها للرئاسة، بمنع بناء المساجد حتى التحقق من مصادر تمويلها، كما وعدت بالعمل على قانون منع الرموز الدينية أكثر اتساعا، ثم وعدت بمنع الحجاب الإسلامي وليس النقاب فقط، قبل أن تنتقد الذبح على الطريقة الإسلامية، وتقديم الطعام تحت وصف “حلال”، الأمر لا يخص المسلمين فقط، وإنما ترفض لوبان تقديم الطعام وفقا للشريعة اليهودية أيضا.

ماكرون هو الآخر وصف على أنه غير تقليدي، لكن وزير الاقتصاد الفرنسي السابق، مؤسس حركة “إلى الأمام”، وصل إلى سدة الحكم، موصوفا بالحياد السياسي، فاليمين الفرنسي يراه “عميلا”، بينما انتقده الاشتراكيون بعد أن ترك فرانسوا وأولاند واتجه نحو سدة الحكم، بعد أن خدم في قصره وحكومته لسنوات، وصلت إلى حد وصفه ببروتس.

لهذا السبب تقريبا اختاره الفرنسيون لرئاسة البلاد، خاصة وأن الشعب قد فقد الثقة نوعا ما في التيارين الرئيسين في البلاد، سواء اليميني نيكولا ساركوزي، أو اليساري فرانسوا أولاند. لم يصنف ماكرون يوما نفسه سياسيا، كما لم يعلن دعم أيا من الأحزاب السياسية في البلاد، بل إن البعض نظر إليه على اعتباره موظفا أشبه بالروبوت جاء لأداء مهمة مهنية أكثر منها سياسية.

فرنسا

اختيارات الرئيس الحالي، على مختلف الجبهات، يمكن وصفها باليمينية، سواء اقتصاديا، وهو الذي خرجت احتجاجات واسعة استمرت لأشهر ضد قرارات اقتصادية، وصفت أنها في صالح الأغنياء، ولم ينهها سوى وباء كورونا وهي الاحتجاجات التي خرجت من رحم الطبقة الوسطى التي استعداها برفع أسعار الوقود وللمفارقة فإن تلك الاحتجاجات كانت خارج نطاق الأحزاب والنقابات وبدون قيادة يمينية أو حتى يسارية.

التصريحات المناوئة للمسلمين مع كل حادث إرهابي جعلهم يضعونه في خانة اليمين والبعض من تيارات الإسلام السياسي يصفه بـ”العنصري”، مع التأكيد على ما أقدمت عليه وزارة الزراعة الفرنسية في مارس الماضي نشرة للتحكم في جميع أنواع ذبح الدواجن، إلا أنها لم تعدل القواعد المعمول بها، بما فيها الذبح الحلال.

يمكن القول أن تاريخ ماكرون السياسي قبل توليه السلطة مع حكومة اليسار، وخروجه من عباءته محايدا، تعني إمكانية خروجه من الظرف الحالي الذي وضع به محايدا أيضا.

كل ذلك يدفع للتأكيد على يمينية الرئيس الفرنسي الحالي، استندت على القيم العلمانية للجمهورية الفرنسية كما يصفها في حديثه، وهي التي تحدث عنها عشرات المرات لأسباب أو دون سبب واضح، يمكن الرجوع للعديد من تلك التصريحات، لكن الاختيار من الممكن أن يقع على تصريحاته إبان حملة المقاطعة التي تعرضت لها بلاده بعد تصريحاته التي انتقد فيها الإسلام، على إثر جريمة مقتل المدرس صامويل باتي، حيث نشر تديونة بالعربية قال فيها “لا شئ يجعلنا نتراجع أبدا” في إشارة لتصريحاته السابقة التي تمسك فيها بالدفاع عن “الرسوم المسيئة للنبي محمد”، اعتبرها حرية رأي وتعبير.

تركيا

الخلافات الفرنسية التركية ليست وليدة اللحظة بحال، حيث بدأت تلك الخلافات في الظهور منذ عام 2011، مع ثورات الربيع العربي وما تلتها من تغييرات إقليمية واسعة النطاق، وهو مادفع أنقرة للعب دور أكثر فعالية في محيطهم الإقليمي والدولي.

عندما تدخلت تركيا في ليبيا داعمة للشرق، كانت فرنسا قد اختارت دعما واضحا للجنرال خليفة حفتر الذي يسيطر على الجيش الليبي وهو ما اعتبره مراقبون اختيارا غير مبررا خاصة وأن هذا الدعم يعمل على تسهيل الوجود الروسي، من خلال دعم انتشار مرتزقة فاغنر، وتوفير التدريبات لهم في إجدابيا، تمهيدا لنقلهم إلى جبهات القتال، وهو ما يخالف القواعد الأمنية لحلف شمال الأطلسي.

قبل ذلك اختارت فرنسا دعم دعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي انتقدته أنقرة من اليوم الأول لإزاحته الرئيس السابق محمد مرسي، كما أن التدخل التركي ضد المسلحين الأكراد المدعومين من التحالف الدولي بقيادة أمريكا، واجهه حمل فرنسا على عاتقها الدفاع عن حلفاء الغرب، متهمة أنقرة بأن لها مطامع في الأراضي الشمالية السورية.

في الأول من يوليو العام الماضي أعلنت وزارة الجيوش في فرنسا الانسحاب مؤقتا من العمليات البحرية للناتو سان جارديان، في أزمة الفرقاطة كوربيه، مشيرة إلى أن انسحابها يأتي بسبب “تحيز التحقيقات للإمبريالية التركية”.

وفي لبنان الوضع لم يكن أهدأ حالا، فالدور الذي يحاول الرئيس الفرنسي لعبه، منذ كارثة ميناء بيروت العام الماضي، أغضب أنقرة، حيث تعتبر لبنان عمقا استراتيجيا، فعلى الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي كان لها تأثيرا واضحا حتى أنها باتت تعتبر راعيا للمجتمع السني اللبناني، ليكون تدخل فرنسا بمثابة لعبا في فناء تركي خلفي، وهو ما أثار قلق تركي، دفع الرئيس لاتهام فرنسا بلعب دور امبريالي لتتمكن من العودة لعهد الانتداب.

“أخطاء جانبية” يرتكبها الجيش الفرنسي في الساحل الإفريقي بينها ضرب مدنيين في حفل زفاف واستهدف قرى سكنية لترتفع أعداد الضحايا المدنيين في الهجمات الفرنسية المكثفة إلى 2400 مدني بين 2017 و2020، حيث يحارب المتشددين منذ 8 سنوات في حرب تكلف البلاد مليار يورو سنويا، وهي الحرب التي لم يتحسن من خلالها الوضع الأمني ولكنه تأزم أكثر، وسط تساؤلات في الداخل حول جدوى تلك الحرب، متجاهلة في حربها ضد الإرهاب الأبعاد السياسية والاجتماعية والطائفية والاقتصادية في المنطقة واقتصار تواجدها الاقتصادية على المساعدات بالإضافة إلى تواجد سياسي عبر زيارات نادرة للرئيس ماكرون لاحتواء الغضب الإفريقي، وسط استياء شعبي وعدم ترحيب باستمرار الحرب الفرنسية التي تذكر الأفارقة بالحقبة الاستعمارية.

وفي المقابل فقد لتركيا في السنوات الخمس الأخيرة 4 قواعد عسكرية بدأت في السودان عام 2017، ثم في نهاية العام ذاته كانت قد اتمت تركيا الاتفاق على إنشاء ثاني قواعدها العسكرية في جيبوتي، ولتركيا أيضا قاعدتها العسكرية في ليبيا، وأخيرا أتمت تركيا اتفاقا بإنشاء قاعدة عسكرية رابعة في يوليو العام الجاري هذه المرة في النيجر غرب إفريقيا، وهو ما رافقه تعاون اقتصادي ومساعدات ومشاريع عديدة، وبحسب مقال نشره وزير الخارجية التركي تشاويش أوغلو بمناسبة اليوم الإفريقي 25 مايو الماضي، فإن البعثات الدبلوماسية التركية في القارة الإفريقية بلغت 42 تمثيلية دبلوماسية ارتفاعا عن 12 بعثة كانت لأنقرة هناك في عام 2002.

يستغرق التراشق التركي الفرنسي عادة عمق التاريخ، حيث تعيّر فرنسا، تركيا بتاريخها “العثماني الدموي”، بينما تعيّر أنقرة باريس بتاريخها الاستعماري، لكن الجانبان لا يعترفان بذنبيهما في أيا من تارخيهما.

في 24 إبريل 2019، أعلنت فرنسا إحياء ذكرى مذابح الأرمن، كما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوما وطنيا، تنفيذا لوعود انتخابية، وهي المرة الأولى التي تحيي فيها باريس تلك الذكرى التي يقول الأرمن أنه راح ضحيتها 1.5 مليون أرميني قتلتهم القوات العثمانية، فيما تنفيها أنقرة بشكل محموم وقاطع، مؤكدة أن بين 300 إلى 500 ألف قتيل أرمني سقطوا جراء اقتتال أهلي ومجاعة تزامنت مع هذا الاقتتال.

في 8 أكتوبر الماضي، استضافت مدينة مونبليه الفرنسية، القمة الفرنسية الإفريقية، في ظل غياب زعماء الدول الإفريقية، بعد إعلان الرئيس الفرنسي بشكل واضح، رفضه الاعتذار عن تاريخ بلاده الاستعماري للدول الإفريقية، والجرائم التي ارتكبها خاصة في الجزائر.

فرنسا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تركيا الأردوغانية، لعبت بشكل واضح دورا أيديولوجيا ذو صبغة دينية، لتظهر في العديد من المواقف كمدافع شرس عن الإسلام وعن المسلمين، بينما تتصاعد سياسيا تعامل مع تركي مع الدول العربية على أنها حليف قديم، في إشارة للإمبراطورية العثمانية، الأمر الذي واجهته باريس بإجراءات استهدفت مسلمي فرنسا، بميثاق الجمهورية العلماني، وبالأخص الجمعيات الإسلامية التركية أو ذات الدعم التركي في المجتمع الفرنسي، وللمفارقة فإن مسائل حقوق الإنسان والبيئة وغيرها لا تلقى أي اهتماما في السياسة الماكرونية الداخلية أو الخارجية.

المواجهة الفرنسية انتقلت إلى تونس، حيث أقدمت على استقطاب العلمانيين، ودعمت التباعد بينهم وبين الإسلاميين.

ذروة الخلافات الفرنسية التركية التي وصلت إلى حد التراشق بين رأسي السلطة في كلا البلدين الحليفين، بدأت في أغسطس العام الماضي، بعدما وصل التدخل التركي إلى أوروبا، ببدء التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، لتبدأ فرنسا في تزعم الدفاع عن النظام الإقليمي القديم، هنا ولأول مرة يظهر جليا التناحر الفرنسي التركي الجيو سياسي، لتتوج تلك الخلافات بعداء شخصي بين ماكرون وأردوغان، جر المواجهات إلى حرب كلامية يمكن وصفها بالمراهقة.

ما لا خلاف عليه هو أن ماكرون خسر التفوق الفرنسي محليا وإقليميا ودوليا.

يمين مسيحي فرنسي

خلال فترة رئاسته تعرض إيمانويل ماكرون للصفع مرة، بينما حظي في العام الاول لحكمه لبيضة نيئة سقطت على رأسها، وأخرى “مسلوقة” ارتطمت في كتفه في سبتمبر الماضي.

يوم الاثنين الموافق 7 يونيو 2021، أثناء جولة صيفية ببلدة تين هيمرتاج، جنوب شرق فرنسا، قال داميان ت (28 عاما)، لرئيس الدولة أن لديه ما ينبغي أن يصغي له بشأن التراجع الفرنسي، ليقترب ماكرون، وفي الأثناء يجد صفعة قوية على وجهه رصدتها وسائل الإعلام، في حين ردد الشاب أثناء الصفعة: “montjoie saint denis! abat la macronie”، وهي صرخة القوات الملكية الفرنسية تحت حكم الكابيتيين، والمقطع الثاني “تسقط الماكرونية”، ماكرون قال في مقابلة مع صحيفة لودوفيني ليبيري المحلية، وقتها، أنه يجب النظر إلى الصفعة على أنها حادث فردي عرضي، نُقل عن المحققين في الصفعة وقتها، أن الصفعة جاءت من عضوين ينتميان لجماعة يمينية متطرفة صغيرة، حيث الملامح الأولية للمنفذين تشبه في جميع نقاطها ملامح أعضاء مجموعة متطرفة يرأسها لوجان ن، العضو السابق في المنظمة الملكية اليمنية المتطرفة، بحسب موقع ميديا بارت.

فرنسا
“صفعة يمينية متطرفة لماكرون”

على الحدود التركية الأرمينية، وبالتحديد في دير خور فيراب المسيحي، الذي بدأ منه القديس غريغوريوس حملته التبشيرية بدعم من الملك تيريدات الثالث ملك أرمينيا، لتصبح أرمينيا عام 301 الدولة الأولى في العالم التي توصف كونها دولة مسيحية، يقف مرشح الرئاسة الفرنسي الجديد، إريك زامور، ليتحدث عن الإسلام الذي يحيط بأرمينيا، وتحد دولة أرمينيا أذربيجان من الشرق، وتركيا من الغرب والجنوب، وجورجيا من الشمال، (نشب اقتتال دام لأشهر بين أرمينيا ذات الأغلبية المسيحية المدعومة روسيًا، وأذربيجان ذات الأغلبية المسلمة، المدعومة من جانب تركيا، قبل أن تنتهي الحرب بهدنة، إلا أن الحرب لم تأخذ أي صبغة دينية).

يستخدم زامور القادم من جدالات وإثارات حلقات التلفزيون والجدل والكلام إلى حقل السياسة دخيلا، جملة منسوبة لنابليون بونابرت كشعار لحملته الانتخابية “المستحيل ليس فرنسيا”.

وإن كان يُنظر إليه باعتباره “ترامب الفرنسي” الجديد، إلا أن الرجل لا يجهل التاريخ وليس مجرد سياسي شعبوي، لكنه مؤرخ وكاتب، يستشهد عادة بأقوال شخصيات سياسية ومفكرين رجعيين من التاريخ الفرنسي، بحسب مقال تحليلي نشرته نيويورك تايمز  للكاتب والأكاديمي ميتشيل أبيدور وميغيل لاغو، قالا فيه أن زامور وإن كان يهوديا، فإنه لا يرى بقايا أي تهديد لمعاديي السامية، وقد أصبح اليهود برأيه جزء من سكان فرنسا يدافعون عنها، وهو الذي شكك مرارا بالرواية السائدة حول مسؤولية نظام فيشي عن تسليم اليهود الفرنسيين للنازيين، مشيرا إلى أن الحكومة وقتها كانت تشعر بالمسؤولية عن اليهود ككل، وتفاوضت مع الحكومة النازية للإبقاء عليهم، لكن وللعجب فإن اليهودي من أصل جزائري، لا يرى أهمية في تسليم 40 بالمائة من اليهود غير الفرنسيين القادمين من شرق أوروبا، إذا كانت الحكومة قد تمسكت بالفرنسيين منهم ولم تسلم سوى 10 بالمائة فقط.

إريك زامور الذي تتصاعد شعبيته منذ بداية العام، والتي فاقت وفقا لاستطلاعات رأي شعبية مارين لوبان (وهو ما لا يعني أنه مؤهل للفوز حيث أنها باتت في انخفاض نوعا ما كلما ازدادت حدة إثارته للجدل في الأيام الأخيرة)، يعادي الجميع تقريبا، فهو دائما ما يهاجم اليسار الذي اخترق برأيه نظام التعليم، وملأه بالـ”الماركسية ومناهضة العنصرية وأيديولوجية مجتمع الميم”، كما يرى أن فرنسا ملكا خالصا للفرنسيين وحدهم وبالتحديد البيض منهم.

في بلدة بيزييه الجنوبية الصغيرة (معقل مريان لوبان الانتخابي)، عقد مؤتمرا حضره 100 فرد، في 19 أكتوبر الماضي، هاجم فيه الصحافي والكاتب والإعلامي السابق، الإعلام على الدوام، واعتبره آلة “كراهية ضد فرنسا”، وتابع قائلا: “يتقاضون الأجور من جيوبكم ثم يبصقون عليكم وعلى تاريخ فرنسا وثقافتها”، كما انتقد المهاجرين وطالب بإجبارهم على تسمية أطفالهم بأسماء فرنسية.

لكن تلك التصريحات المعادية للمهاجرين واليسار والمثليين وغير البيض سواء فرنسيين أو أجانب، اختفت من على السطح، وطفا بدلا منها توجها مسيحيا عنيفا، منذ إعلانه الترشح رسميا للانتخابات، حتى أن تقريرا للنيويورك تايمز أشار إلى أنه يرى أن المسلمين سبب كل حادث سيئ بدءا من الإغلاق العام وحتى حوادث الطرق.

قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية بيومين، أسس زامور حزب الاسترداد المسيحي، ويعني بالاسترداد الإشارة إلى حروب العصور الوسطى، التي استردت من خلالها الممالك المسيحية لشبه الجزيرة الايبيرية من يد المسلمين، وقال في تجمعه الأول بحشد متحمسين له شارك به حزبين قوميين صغيرين بالإضافة إلى مجموعة من اليمين الكاثوليكي التقليدي، في باريس: “إذا فزت سنتمكن من استرداد أجمل بلدان العالم .. الشعب الفرنسي يعيش هنا منذ ألف عام ويريد أن يظل سيداً في بلده”.

جاكلين مورو المتحدثة باسم حركة السترات الصفراء، أعلنت دعمها لزامور، مشيرة إلى أنه يعبر عن المواطنين العاديين.

ونقل موقع ميدل إيست البريطاني عن المرشح اليميني المتطرف، تصريحات أكد فيها وجوب تقديم دعم أوسع للأمة المسيحية الأرمينية، التي يحيط بها الإسلام من كل جانب، زيارته للدير، جاءت في رحلته الخارجية الأولى له منذ إعلان الترشح للانتخابات الرئاسية، قال إريك: “إنها المواجهة الكبرى بين المسيحية والإسلام التي ولدت من جديد اليوم”.

موضوعات تهمك:

حظوظ اليمين في الانتخابات الفرنسية

نيويورك تايمز: التعصب الأعمى العميق في فرنسا يجد وجها جديدا وللمفارقة يهوديا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة