“غزو أوكرانيا”: تركيا في ورطة وهذا سيناريو نجاتها

سلام ناجي حداد8 ديسمبر 2021آخر تحديث :
أوكرانيا

على ما يبدو فإن أزمة أوكرانيا الجديدة، قد تستمر لفترات أطول، وذلك بعد قمة افتراضية عقدها الرئيسان جو بايدن، وفلاديمير بوتين، ناقشا خلالها حشد الروس لآلاف الجنود على الحدود الأوكرانية استعدادا لغزو عسكري محتمل الشهر المقبل وفقا لتصريحات مسؤولي الدفاع في الدولة الجارة لروسيا والحليفة للغرب.

القمة لم تصل إلى شئ تقريبا، فالبيت الأبيض أعلن في بيانه تحذيرات شديدة اللهجة قدمها الرئيس الأمريكي لنظيره الروسي من غزو الأراضي الأوكرانية، ملوحا بعقوبات قاسية، وإجراءات أخرى، كما أكد الكرملين أن بوتين طالب بايدن بتعهدات حول عدم انضمام الأوكرانيين للناتو ونشر أسلحة هجومية لحلف شمال الأطلسي هناك، لكن دون أن يعلن أي جانب منهما أي تعهدات بشأن مطالب الطرف الآخر، مما يعني أن القمة كانت أشبه بـ”حرب باردة”.

وعلى الرغم من ذلك فإن ازمة أوكرانيا تطرح بنفسها أسئلة واضحة حول موقف تركيا غير الواضح حاليا، إزاء أزمة عسكرية شبيهة.

“غزو أوكرانيا”؟ تركيا في ورطة؟

الغزو الروسي المحتمل قد يكون ورطة لأنقرة، حيث أن الدولة العضوة في حلف الناتو، والتي تمكنت من إيجاد صيغ تفاهم وتوافق مع الروس في كل من سوريا وليبيا وأذربيجان، وبنت علاقات استراتيجية مع موسكو، ستكون أمام اختبار حقيقي قد ينهي تلك العلاقة للأبد وربما لا!

المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أكد استعداد بلاده للوساطة بين كييف وموسكو، لتخفيف حدة التوترات، في الوقت الذي تجاهلت فيه موسكو عرض أنقرة، خاصة مع استمرار تزويد تركيا للقرم بطائرات مسيرة مقاتلة تستخدم في إقليم دونباس.

وعلى ما يبدو فإن التدخل الدبلوماسي التركي لن يقدم أي شئ تقريبا في تلك الأزمة، حيث أن ما يسعى إليه كل طرف أكبر من قدرة تركيا على الفعل، لكن الدور التركي قد يتحول إلى محوري لاحقا بعد تطور الأزمة!

أوكرانيا

تعرف انقرة أن الحرب الروسية على أوكرانيا لن تخدمها بأي حال وإنما ستضعها في وضع خانق، فدولة حلف الناتو، ستكون أمام معضلة في حل وقوع أي تحول عسكري في الأزمة، حيث ستكون مضطرة إلى اختيار أحد الطرفين للوقوف إلى جانبه.

تربط انقرة بموسكو مشاريع استراتيجية هامة، على رأسها مشروع السيل الشمالي الذي سيمر من تحت الأراضي التركية، وربما الملف الأعمق، هو شراء أنقرة لمنظومة الصواريخ الروسية “إس 400″، وليس لدى أي دولة من الدولتين التخلي عن المشروعين، في وقت فإن عمل عسكري روسي يعني الحد الأقصى من الضغط على موسكو من جانب أمريكا، لن تقف عند المشروع الألماني الروسي، ولكن سيطال الأمر أنقرة التي تسير في خط غير قابل للتوقف لتطوير علاقاتها بموسكو، وفي الوقت نفسه تتمسك بالحفاظ على كونها عضو فعلي في حلف الناتو، ولا ترغب في أي انشقاق لوحدة الأراضي الأوكرانية لضمان الاستقرار الذي توفره كييف في البحر الأسود.

تركيا لها باع طال من التعاون والتحالف الوثيق مع أوكرانيا كما تنظر لها بنظرات الحنين العثمانية التي تحكم أنقرة حاليا، خاصة وأن المنطقة الجنوبية لأوكرانيا كانت تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية لقرون من الزمان، وهو ما تحول مؤخرا لتعاون عسكري واضح مع توقيع مذكرات تفاهم عسكري وصفقات أسلحة وميسيرات ومعدات عسكرية تحاول تركيا من خلالها أن تفتح سوقا لمنتجاتها المحلية لتفرض نفسها في هذا الشأن على الساحة الدولية من بوابة الأوكرانيين والبولنديين، وهو التعاون المحفوف بالتصريحات المستمرة والدائمة حول أنه تحالف لا يستهدف أي طرف ثالث، في إشارة لروسيا، وتعني الحرب هو أن التعاون العسكري التركي الأوكراني سيطال وبشكل فعلي وواضخ الجانب الروسي، خاصة وأن أي حرب محتملة لا يمكن لانقرة التزام الحياد فيها، فمن جانب التعاون العسكري مع أوكرانيا والالتزامات الدفاعية مع حلف الناتو، فإن تركيا تعد المنفذ الوحيد لاوكرانيا عن طريق البحر لأي معدات أو دعم أو تعزيز عسكري امريكي للأوكرانيين، من خلال مضائقها.

أوكرانيا
بوتين وأردوغان

ومن هنا فإنه أيضا قد تكون تركيا هي مفتاح الحل بالنسبة للطرفين، حيث أن التصعيد العسكري من الجانب الروسي، قد يواجهه لجوء أمريكي للأتراك في التوصل لحل سياسي من خلال اجتماعات الرئيس الروسي ونظيره التركي وهو ما كان الحل السحري لأزمات عدة سابقة فسبق للبلدين أن يقفا على حافة النار في كل من سوريا وأذربيجان وليبيا، في الوقت الذي كانت روسيا تصنع من تركيا ندا لها بدلا من غيرها، فإنها كانت تهمش بذلك بقية الأطراف، لكن ذلك في الأزمة الأوكرانية سيكون أدعى لما لتركيا من تعمق في الدعم المقدم لكييف على حساب كافة دول الناتو.

طوال عام 2020، ألحقت الطائرات بدون طيار التركية هزائم كبيرة بوكلاء روسيا في سوريا وليبيا وإقليم قره باغ، ودمرت كميات كبيرة من المعدات الروسية الصنع، حسبما ورد في تقرير لموقع “موسكو تايمز”.

موضوعات تهمك:

5 ملاحظات حول قمة أوكرانيا

أزمة أوكرانيا الجديدة: 5 تفاصيل هامة لفهم عميق

غزو أوكرانيا عسكريا: السبب العميق لأطماع بوتين!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة