الأردن وسؤال التموضع السياسي والاقتصادي

محمود زين الدين10 أكتوبر 2022آخر تحديث :
الأردن

تحول خليجي أمريكي سيكون له تفاعلات عربيا وإقليميا، ويحتاج لاستعداد خاصة في الاردن التي تملك علاقات عميقة ومهمة مع دول الخليج وأمريكا.
وقعت الولايات المتحدة مع الأردن مؤخرا مذكرة تفاهم لـ”الشراكة الاستراتيجية” تمنح بموجبها أمريكا الأردن 10 مليارات دولار على مدى 7 سنوات مقبلة.
فشلت الادارة الامريكية في فرض رؤيتها على الرياض وعواصم الخليجبعد إعلان دول “أوبك+” خفض إنتاجها مليوني برميل، خلافا للإرادة الامريكية.
سارع الحليف الأمريكي لاعلان رغبته بتمرير تعديلات على قانون “نوبك” NOPEC لمحاكمة الشركات النفطية الخليجية بحجة منع التكتلات الاحتكارية.
انتكاسة أمريكية لجهود عزل روسيا وتعطيل وتفكيك أوبك+، وتفاقم فجوة العلاقات الامريكية السعودية فالصين عززت دورها خليجيا كشريك تجاري واقتصادي.
التحرك لإعادة التموضع بالاقليم لا زالت متوفرة للأردن، ورغم أن التفاعل إقليميا يحتاج وقتاً لبلورة نمط جديد لعلاقة أمريكا وأوروبا من ناحية، والصين وروسيا من ناحية أخرى بالمنطقة العربية.
* * *

بقلم: حازم عياد
كشفت وكالة “رويترز” زيارة عاموس هوكشتاين، كبير مبعوثي بايدن لشؤون الطاقة، برفقة مسؤول الأمن القومي بريت ماكجورك والمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، إلى السعودية الشهر الماضي لمناقشة قضايا الطاقة، ومن بينها قرار “أوبك+”.
زيارة الوفد الامريكي عكست جهود الرئيس الامريكي جو بايدن لمعالجة أزمة إمدادات الطاقة والتضخم في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وعزل روسيا، والحد من قدرتها على التكيف مع العقوبات الغربية.
إلا أنه في الآن ذاته عكس فشل الادارة الامريكية في فرض رؤيتها على الرياض وعواصم الخليج العربي عموما، بعد إعلان دول “أوبك+” خفض إنتاجها مليوني برميل، خلافا للارادة الامريكية.
الانتكاسة الامريكية لم تقتصر على جهود عزل روسيا عن دول الخليج وتعطيل وتفكك مجموعة “أوبك+”، فالفجوة في العلاقات الامريكية السعودية أكبر وأعمق مما يظهر للعيان، فالصين عززت دورها كشريك تجاري واقتصادي لدول الخليج العربي.
وخاصة بعد نجاح شركة “هاتشيسون” الصينية الرائدة عالمياً في إدارة الموانئ وشركة “هانزوجين” في الاستحواذ على عقود تطوير ميناء جازان الواقع جنوب ساحل البحر الاحمر على بعد 160 ميلاً من خليج عدن، واضعة بذلك الميناء على خارطة التعاون والشراكة السعودية الصينية ضمن مشروع الحزام والطريق.
دول الخليج العربي تعتبر الصين وروسيا شريكا موثوقا فيه، ما أكده وزير الطاقة السعودي الامير عبدالعزيز بن سلمان تعليقا على تمسك بلاده باتفاق “أوبك+” بالقول إن روسيا “شريك موثوق فيه”.
تصريح قابله على الوجه الآخر من العملة تراجع الثقة بالحليف الامريكي الذي سارع للاعلان عن رغبته بتمرير تعديلات على قانون “نوبك” NOPEC لمحاكمة الشركات النفطية الخليجية، وعلى رأسها شركة أرامكو السعودية، بحجة منع التكتلات الاحتكارية، وفي الآن ذاته قدم ثلاث من أعضاء مجلس النواب توم مالينوفسكي وشون كاستن وسوزان وايلد تشريعاً يسعى إلى سحب القوات الأمريكية من السعودية والإمارات.
العلاقات الامريكية الخليجية دخلت مرحلة جديدة، فانعدام الثقة يتوقع أن يترجم إلى اجراءات عملية على الارض، سواء من قبل الادارة الامريكية، أو شركائها في الخليج العربي.
تحول سيكون له تفاعلات قوية في الساحة العربية والاقليمية، ويحتاج الى استعداد لهذه التحولات، خصوصا في الاردن التي تملك علاقات عميقة ومهمة مع دول الخليج والولايات المتحدة التي وقعت معها مؤخرا مذكرة تفاهم للشراكة الاستراتيجية؛ تمنح بموجبها أمريكا الاردن 10 مليارات دولار على مدى السنوات السبع المقبلة.
ختاماً.. فسحة الزمن للمناورة والتحرك وإعادة التموضع في الاقليم لا زالت متوفرة للأردن، ورغم أن التفاعل الاجرائي في الاقليم يحتاج وقتاً ليس بالقصير لبلورة شكل جديد للعلاقة التي تربط الولايات المتحدة وأوروبا من ناحية، والصين وروسيا من ناحية أخرى بالمنطقة العربية.
إلا أنه وقت ثمين يتطلب من الادارة الاردنية والمؤسسات السيادية الدخول في حوار حقيقي لدراسة هذه التحولات، وكيفية مواجهتها، وعدم الركون او الارتهان لاتفاقات الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، فخسائر اليوم قد تتحول إلى أرباح في المستقبل، وأرباح اليوم قد تتحول إلى خسائر في المستقبل القريب.

* حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية

المصدر: السبيل – عمان

موضوعات تهمك:

الأردن.. استطلاع رأي ونتائج صادمة!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة