“مفاجأة أكتوبر”

محمود زين الدين20 أكتوبر 2022آخر تحديث :
أكتوبر

لا توجد حتى الآن مؤشرات تدل على أن قرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط سيكون متغيرًا حاسمًا فى حسم الانتخابات.
قرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط اعتبره كثير من المراقبين الأمريكيين «مفاجأة أكتوبر» فى الانتخابات التشريعية التى ستجرى بعد أسبوعين!
مفاجأة أكتوبر تعبير يتكرر مع كل انتخابات أمريكية وتُجرى عادة فى نوفمبر كل عامين فيتأثر قرار الناخبين بما يحدث بالأسابيع الأخيرة قبلها من مفاجآت.
رفعت التحولات الأيديولوجية الكبرى حدة الاستقطاب السياسى وأفقدت الناخبين الثقة فى العملية السياسية فصار الهامش بين المرشحين ضئيلا للغاية بما يسمح بحدوث الشىء وعكسه.
* * *

بقلم: د. منار الشوربجي
قرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط اعتبره كثير من المراقبين الأمريكيين «مفاجأة أكتوبر» فى الانتخابات التشريعية التى ستجرى بعد أسبوعين!
ومفاجأة أكتوبر تعبير يتكرر مع كل انتخابات أمريكية، رئاسية أو تشريعية. فلأن الانتخابات العامة للمناصب الفيدرالية تُجرى عادة فى نوفمبر من كل عام انتخابى، يتأثر قرار الناخبين بما يحدث فى الأسابيع الأخيرة قبلها بما يتضمنه ذلك من مفاجآت.
والمفاجآت تلك لا يكون بالضرورة مخطط لها عمدا من أجل التأثير على النتيجة. إذ قد تكون «مفاجأة أكتوبر» كارثة طبيعية أو واقعة لم يعمد أبطالها التأثير على الانتخابات. المهم أنها لم تكن متوقعة، بالنسبة للناخب لا صانع القرار، ومن ثم تؤثر على سلوكه التصويتى.
فكما سبقت الإشارة فى هذا المكان، مثلت الأحوال العامة داخل الولايات المتحدة مؤخرًا تحسنًا نسبيًا فى أوضاع الحزب الديمقراطى، حزب بايدن، قبل الانتخابات التشريعية التى ستجرى فى الثامن من نوفمبر القادم.
فحزب الرئيس، الذى يخسر عادة بعض المقاعد بالمجلسين فى مثل تلك الانتخابات، قاعدته الانتخابية مستنفرة بسبب حكم المحكمة العليا الذى أدى عمليا لإلغاء شرعية الإجهاض كحق للمرأة.
والتحسن الذى كان قد طرأ، مؤقتًا، على أحوال الاقتصاد الأمريكى بعد التشريعات التى نجح بايدن وحزبه بالكونغرس فى إصدارها أسهمت فى تحسين وضع الحزب، حتى صارت لديه فرصة حقيقية للاحتفاظ بالأغلبية بمجلس الشيوخ، دون مجلس النواب.
هذا فضلا عن التحقيقات الجارية مع أنصار ترامب، وترامب نفسه بخصوص محاولتهم الانقلاب على نتائج انتخابات 2020 الرئاسية، أسهمت فى ذلك الاستنفار لقواعد الحزب التى صارت تدرك أن أصواتها ربما تلعب دورًا فى إنقاذ الديمقراطية الأمريكية ذاتها.
أضف لكل ذلك أن حفنة من مرشحى الحزب الجمهورى لمقاعد مجلس الشيوخ شخصيات كاريكاتورية يثير أداؤها البائس فى الحملة الانتخابية المزيد من القلق لدى الناخبين على مستقبل البلاد لو صار مجلس الشيوخ في يد الجمهوريين. لكن سرعان ما تتبدل الأحوال.
فقرار أوبك+، الذى سيبدأ العمل به فى أول نوفمبر، وقد ترتفع معه أسعار البنزين بأمريكا، قبل أيام من الاقتراع العام، صار متغيرًا يراقبه الباحثون والإعلاميون.
ويتابعون البيت الأبيض الذى يدرس جديًا زيادة المطروح عبر استخدام المخزون النفطى الاستراتيجى لئلا ترتفع أسعار النفط. والحقيقة أنه لا توجد حتى الآن مؤشرات تدل على أن قرار أوبك سيكون متغيرًا حاسمًا فى حسم الانتخابات.
وتشير الدراسات العلمية المتعلقة بالانتخابات الأمريكية عمومًا إلى أن تحولا جوهريًا طرأ عليها خلال العقود الأخيرة. ففى أزمنة سابقة، كان من الممكن للباحثين قبل الانتخابات ترجيح كفة طرف دون آخر بناء على معطيات محددة. وكانت الاستطلاعات توفر مؤشرات دقيقة لحد كبير.
لكن ما جرى فى العقود القليلة الماضية جعل ذلك الترجيح رجمًا بالغيب! فالتحولات الأيديولوجية الكبرى رفعت حدة الاستقطاب السياسى وأفقدت الناخبين الثقة فى العملية السياسية، فصار الهامش بين المرشحين ضئيلا للغاية بما يسمح بحدوث الشىء وعكسه فى اللحظة الأخيرة.
وتلك الحالة ذاتها أثرت، هى الأخرى، على دقة استطلاعات الرأى، خصوصا أن بعض المستطلع رأيهم صاروا لا يفصحون بالضرورة عن نيتهم الحقيقية للتصويت لهذا أو ذاك، لأسباب يطول شرحها. لذلك، بغض النظر عن «مفاجأة أكتوبر» ستظل النتيجة مجهولة حتى لحظة إعلانها.
إلا أن المتيقن هو أن أهم النتائج على الإطلاق ليس من الذى يفوز وإنما مستقبل الديمقراطية الأمريكية ذاتها. فحتى كتابة السطور، يرفض الكثير من المرشحين الجمهوريين علنا الإفصاح عما إذا كانوا سيعترفون بنتيجة الانتخابات، حال خسارتهم طبعًا!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي.

المصدر: المصري اليوم – القاهرة

موضوعات تهمك:

بين الترسيم والاعتراف والتلاعب بالمصطلحات: إيران والسعودية وانقلاب المشهد!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة