لم تعد «عملية خاصة»

محمود زين الدين24 سبتمبر 2022آخر تحديث :
عملية خاصة

إجراء استفتاءات بمناطق تحت سيطرة روسيا غالبية سكانها روس تمهيداً لضمّها لروسيا، أمر لا يبدو مفاجئاً أبداً.
من الصعب، بل من المستحيل، توقع كيف ستتطور الأمور في المرحلة القادمة، لكن المؤكد أن مرحلة جديدة أكثر خطورة قد بدأت.
الغرب هو من يقاتل روسيا في أوكرانيا ولو بالوكالة ويبدو أنه سيناريو لم يؤخذ مأخذ الجد في البداية لدى صناع القرار في موسكو.
دعم غربي نوعي لأوكرانيا بالصواريخ بعيدة المدى وأسلحة نوعية ومستشارين عسكريين ومعلومات استخباراتية مهمة تؤمنها الأقمار الصناعية.
الغرب شدّ من أزر الأوكرانيين وحثهم على رفض التفاوض مع الروس، واختار أن يحوّل المعارك في أوكرانيا إلى حرب استنزاف بعيدة المدى لروسيا.
إعلان تعبئة جزئية ستشمل استدعاء 300 ألف جندي روسي من الاحتياط، يعني انتهاء مفهوم «العملية العسكرية الخاصة»، والانتقال لما يشبه إعلان حرب واسعة.
روسيا لم تدفع إلا بجزء من قواتها وقدراتها العسكرية في «العملية العسكرية الخاصة» التي مضى عليها 7 شهور أحرزت تقدمّاً ووضعت خمس أرض أوكرانيا تحت سيطرة جيشها.
* * *

بقلم: د. حسن مدن
حرص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وصف العملية العسكرية التي بدأها الجيش الروسي في شرق وجنوب أوكرانيا بـ«العملية العسكرية الخاصة»، متحاشياً وصفها بالحرب.
حتى العسكريون والمراقبون الغربيون الذين لا يخفون معارضتهم لروسيا وربما كراهيتهم لها، يوافقون على أن روسيا لم تدفع إلا بجزء من قواتها وقدراتها العسكرية في تلك «العملية العسكرية الخاصة» التي مضت عليها عدة شهور، أحرزت فيها موسكو، في بدايات الحرب، تقدمّاً ملموساً، نجم عن وضع نحو خمس الأراضي الأوكرانية تحت سيطرة جيشها.
لم تظهر الحسابات العسكرية الروسية دقتها في الكثير من الحالات. فبعد أن تقّدمت في البداية نحو العاصمة الأوكرانية، كييف، سرعان ما تراجعت، كما أنها اضطرت لإخلاء مواقع احتلتها في محيط مدينة خاركيف الاستراتيجية أمام تقدّم أوكراني، ما كان ممكناً لولا الدعم الغربي النوعي بالصواريخ بعيدة المدى وبأسلحة نوعية أخرى، وبالمستشارين العسكريين، وبالمعلومات الاستخباراتية المهمة التي تؤمنها الأقمار الصناعية، ويجري مدّ كييف بها.
لا يبدو بوتين مخطئاً حين قال في خطابه الأخير إن الغرب هو من يقاتل الروس في أوكرانيا، ولو بالوكالة، ويظهر أن هذا السيناريو لم يؤخذ مأخذ الجد في البداية لدى صناع القرار في موسكو، فالغرب شدّ من أزر الأوكرانيين وحثهم على رفض التفاوض مع الروس، واختار أن يحوّل المعارك في أوكرانيا إلى حرب استنزاف بعيدة المدى لروسيا.
الإعلان عن إجراء استفتاءات في المناطق التي أصبحت تحت سيطرة موسكو، وغالبية سكانها روس، تمهيداً لإعلان ضمّها لروسيا، وهو أمر لا يبدو مفاجئاً أبداً، ناهيك عن أن إعلان التعبئة الجزئية التي ستشمل استدعاء 300 ألف جندي روسي من الاحتياط، يعني انتهاء مفهوم «العملية العسكرية الخاصة»، والانتقال إلى ما يشبه إعلان حرب واسعة.
الغرب وصف القرار الروسي بـ«المتهوّر»، وهدد بعقوبات إضافية على روسيا وبمزيد من الدعم العسكري لكييف، أما موسكو فترى ذلك ضرورياً لحماية سيادتها ووحدة أراضيها بعد أن أصبحت الصواريخ الغربية تصل إلى داخل حدودها، ورداً على تجاوز الغرب لما وصفه القادة الروس بـ«الخطوط الحمراء» في دعم أوكرانيا.
من الصعب، بل ومن المستحيل، توقع كيف ستتطور الأمور في المرحلة القادمة، لكن المؤكد أن مرحلة جديدة أكثر خطورة بما لا يقاس قد بدأت.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر: الخليج – الدوحة

موضوعات تهمك:

روسيا واستعمال السلاح النووي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة