قصة مقابر العثمانيين في 37 دولة

محمود زين الدين28 ديسمبر 2022آخر تحديث :
مقابر العثمانيين

تشرف الوكالة التركية للتعاون والتنسيق ووزارة الدفاع التركية بشكل خاص على أعمال ترميم هذه المقابر.
تبذل الدولة التركية جهودا حثيثة حاليا لمنح صفة رسمية لمقابر الشهداء التي يتم ترميمها بسرعة، بغض النظر عن مكان وجودها في العالم.
ثمة اليوم 81 مقبرة عثمانية في 37 دولة حول العالم، ويرقد في معظمها جنود عثمانيون استشهدوا أثناء قتالهم في 15 جبهة إبان الحرب العالمية الأولى.
قدمت الدولة العثمانية عددا كبيرا من الشهداء بأنحاء كثيرة من العالم ودفنوا بمقابر جماعية، وأفرج عن آخرين بعد سنوات طويلة ليعودوا إلى ديارهم.
مقابر الشهداء العثمانيين في عديد من دول العالم ولا يمكن نسيان ذكرى هؤلاء الشباب الأتراك والأكراد والعرب الذين قاتلوا ضد القوى الإمبريالية.

* * *

بقلم: توران قشلاقجي
خاضت الدولة العثمانية في قرنها الأخير حروبا على جبهات عدة ضد الدول الإمبريالية؛ روسيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتجهت نحو الانهيار خطوة تلو أخرى عقب الحرب العالمية الأولى. وقدمت عددا كبيرا من الشهداء في أنحاء كثيرة من العالم.
كما وقع عشرات الآلاف من جنودها، بينهم أتراك وأكراد وعرب، أسرى بيد القوى الإمبريالية، ثم استشهد معظمهم ودفنوا في مقابر جماعية، فيما تم الإفراج عن آخرين بعد سنوات طويلة ليعودوا إلى منازلهم وعائلاتهم.
توجد اليوم 81 مقبرة عثمانية في 37 دولة حول العالم، ويرقد في معظمها جنود عثمانيون استشهدوا أثناء قتالهم في 15 جبهة إبان الحرب العالمية الأولى.
وحسب المصادر التاريخية، بنيت 54 مقبرة للشهداء الأتراك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في 26 دولة، سواء في مناطق الحرب أو في البلدان التي توجد فيها معسكرات الأسرى التي نقل إليها الجنود العثمانيون.
وتتوزع مقابر الشهداء الأتراك في منطقة جغرافية واسعة تمتد من مالطا وحتى الهند. ومن البلدان التي تشملها هذه المنطقة؛ ألمانيا وألبانيا والنمسا وأذربيجان والبوسنة والهرسك وبلغاريا وجمهورية التشيك وإستونيا وفرنسا وكوريا الجنوبية والهند والعراق وبريطانيا وإيران وإسرائيل وفلسطين والسويد وإيطاليا واليابان وجمهورية شمال قبرص التركية وكوسوفو ولاتفيا وليبيا ولبنان والمجر ومالطا ومصر وميانمار وبولندا ورومانيا وروسيا وصربيا وسوريا والسعودية وأوكرانيا والأردن واليمن واليونان. وتضم أذربيجان، الواقعة في قارة آسيا، العدد الأكبر من مقابر الشهداء الأتراك، وعددها 9 مقابر.
وفي القارة الافريقية، تعد مصر البلد الأكثر احتضانا لهذه المقابر. أمّا في أوروبا، فتبرز أوكرانيا بـ7 مقابر. ويرقد في معظم المقابر التي تحتضنها أذربيجان جنود أتراك استشهدوا أثناء مساندتهم لهذا البلد الشقيق الذي احتله الجيش الأحمر الروسي عام 1918.
فمنذ عام 1915 تم نقل الأسرى من جبهة صاري قاميش – القوقاز إلى جزيرة نارغين الأذربيجانية وسط بحر قزوين. وكان الهدف من وضع الأسرى على هذه الجزيرة النائية هو ضمان بقائهم بعيدين عن أعين المسلمين. وتُعرف الجزيرة أيضا بـ»جزيرة الجحيم» و»جزيرة الثعابين».
ويتحدث غالب كمالي سويلمز أوغلو، الذي كان سفيرا لدى موسكو عام 1918، عن جزيرة نارغين في مذكراته، قائلا: «قُتل 4000 رجل تركي شجاع جوعا، بعد عزلهم في جزيرة بباكو!».
بدوره يقول النائب العام سليمان نوري أفندي، في مذكراته، إنه قرر السير نحو الجانب الشمالي للجزيرة بعد أن أصبح لديه فضول حول مكان المقابر الجماعية.
ويضيف: «اقتربنا من الحفرة المفتوحة الوحيدة هناك. كانت الحفرة ممتلئة حتى النصف تقريبا. ولم يكن من الممكن إحصاء القتلى بسبب رش طبقة سميكة من الجير فوق الجثث الملقاة داخل الحفرة. وبافتراض أن هذه الحفرة كانت مغطاة بالتربة فمن المحتمل أن تكون هناك حفر أخرى مشابهة. لكن الآن، لم يكن من الممكن إحصاء الأماكن التي بقيت على شكل آثار في الأرض نظرا لكثرتها. وعندما أتينا إلى المهجع، أخبرنا جنود أقدم منا أن الحفر فتحت من أجل 50 شخصا، وأنه عندما يتم الإبلاغ عن امتلاء حفرة ما بالكامل بعد صف 50 شخص بالترتيب مثل الأسماك يوميا، يتم فتح حفرة أخرى في المكان نفسه، أو موقع قريب منه».
الجنود الأتراك الأسرى الذين أخذهم البريطانيون إلى الهند أولا ومنها إلى ميانمار، التي كانت تسمى بورما سابقا، وأجبروا على العمل في وظائف شاقة جدا مثل بناء السكك الحديدية، لم يتمكنوا من العودة إلى منطقة الأناضول.
واستشهد عدد كبير من الجنود الأتراك البالغ عددهم نحو 12 ألفا هناك، ليتم دفنهم في منطقتي تايتميو وميختيلا. وفي السنوات اللاحقة، تحولت الأماكن التي دفنوا فيها إلى مقابر شهداء.
وفي جبهة غزة، وقع 100 ألف جندي أسيرا بيد البريطانيين. وتم إعماء 15 ألف جندي عثماني من هؤلاء داخل حوض من مادة الكريسول في معسكر الاعتقال البريطاني. واستشهد الآلاف منهم.
خلاصة الكلام؛ عندما تسافرون إلى العديد من دول العالم في يومنا الحالي، ستجدون فيها مقابر للشهداء العثمانيين. وينبغي أن لا ننسى ذكريات هؤلاء الشباب الأتراك والأكراد والعرب الذين قاتلوا ضد القوى الإمبريالية.
وتبذل الدولة التركية جهودا حثيثة هذه الأيام لمنح صفة رسمية لمقابر الشهداء التي يتم ترميمها بسرعة، بغض النظر عن مكان وجودها في العالم.
وتشرف الوكالة التركية للتعاون والتنسيق ووزارة الدفاع التركية بشكل خاص على أعمال ترميم هذه المقابر.

*توران قشلاقجي كاتب تركي

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

هل ثمة علاقة بين الإرهاب والانتخابات في تركيا؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة