حماية أوروبا من التجمد شتاءً

محمود زين الدين7 أكتوبر 2022آخر تحديث :
أوروبا

توقيع حكومة الاحتلال اتفاق ترسيم الحدود البحرية دليل على تراجع هامش المناورة الإسرائيلي في التعامل مع أزمة أوكرانيا.

يكاد الكيان الصهيوني يختنق بضغوط الاطراف الدولية المتصارعة مما دفعه لتقديم تنزلات مؤلمة لم يعد قادرا على شرحها للجمهور الإسرائيلي.

فشل أوروبي في تأمين بدائل كافية لإمدادات الطاقة الروسية سرّع المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.

حقل كاريش لن يمنع تجمد أوروبا بل سيدفئ علاقة أمريكا بالكيان الصهيوني ويخفف ضغوط أوروبا لاتخاذ موقف يدعم أوكرانيا والعقوبات على روسيا.

أزمة الطاقة تهدد التحالف الأوروبي الأميركي ضد روسيا ويتوقع انتقال الزخم لمشاهد فقر ومعاناة واضطرابات ستجتاح اوروبا مشهد يرعب الإدارة الامريكية.

توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان لم يات لحماية أوروبا من التجمد شتاء بل لتدفئة علاقة إسرائيل بأمريكا من الفتور؛ ومنع اشتعال إسرائيلي روسي وهي مفارقة قاتلة للكيان الصهيوني.

* * *

جولة المستشار الالماني أولاف شولتز للخليج العربي التي بدات بزيارة الرياض التقى خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ مرورا بقطر والتقى اميرها الشيخ تميم بن حمد؛ وانتهاء بأبوظبي حيث التقى رئيسها الشيخ محمد بن زايد؛ لم تفضي الى نتائج مؤثرة.

جل ما حققة شولتز هو التعاقد مع الإمارات العربية المتحدة لتوريد شحنة من الغاز المسال نهاية العام الحالي؛ وهي كمية غير كافية لمنع أوروبا من التجمد شتاء؛ وهو فشل اوروبي سرع المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.

رئيس الحكومة ووزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، علق على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان للإذاعة العامة الإسرائيلية “كان” اليوم، الثلاثاء، بالقول: “القصة الحقيقية هنا مع الأميركيين، الذين يقودون جهدا عالميا من أجل منع أوروبا من التجمد في الشتاء المقبل، والتنازل عن الدعم لأوكرانيا”.

اميركا بحسب زعم باراك معنية بتشغيل حقل كاريش نهاية الشهر الحالي لتدفئة القارة الاوروبية؛ علما أن الكمية المستخرجة لن تدفئ القارة الاوروبية ؛لكنها ستخفف من حدة المعاناة والاضطرابات الاجتماعية في الدول الأوروبية الأقل حظا في وسط اوروبا؛ كالتشيك وسلوفاكيا والمجر وهنغاريا.

فالأزمة تهدد التحالف الاوروبي الاميركي ضد روسيا ويتوقع ان تنقل الزخم لمشاهد الفقر والمعاناة والاضطرابات التي ستجتاح اوروبا ؛مشهد يرعب الإدارة الامريكية.

مشهد دفع بارك للتدخل بالقول: يمنحوننا ثلاثة مليارات دولار سنويا، ويستخدمون الفيتو ضد أي قرار ضدنا في الأمم المتحدة، واليوم هم الذين يطلبون المساعدة!

رغم صحة ما قالة باراك حول الحماسة الأميركية للاتفاق؛ إلا أن حقل كاريش لن يمنع اوروبا من التجمد شتاء لكنه سيحافظ على دفء علاقة أميركا بالكيان الصهيوني؛ ويخفف عنها الضغوط لاوروبية لاتخاذ موقف أكثر تشددا من أزمة أوكرانيا والعقوبات على روسيا.

وخاصة أن أوكرانيا تطالب الكيان الصهيوني بتزويدها بمنظومات دفاع جوي وأسلحة وتقنيات حربية تضعها وجها لوجه مع موسكو ما يجعل من كاريش واتفاقية ترسيم الحدود مع لبنان والتنازلات المرتبطة بذلك أقل كلفة بكثير من الغضب الامريكي والروسي المزدوج.

توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية من جانب حكومة الاحتلال دليل واضح على تراجع هامش المناورة الاسرائيلي في التعامل مع أزمة أوكرانيا؛ والذي يكاد يختنق بضغوط الاطراف الدولية المتصارعة مما دفع الاحتلال لتقديم تنزلات مؤلمة لم يعد قادرا على شرحها للجمهور الإسرائيلي.

ختاما .. توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان لم ياتي لحماية اوروبا من التجمد بل لتدفئة العلاقة الاسرائيلية الاميركية المهددة بالفتور؛ ومنع اشتعال العلاقات الاسرائيلية الروسية من جهة اخرى وهي مفارقة قاتلة للكيان الصهيوني.

*حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية

المصدر: السبيل – عمان

موضوعات تهمك:

رؤية بوتين للعالم.. أبعد من الضم

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة