الليرة التركية تنهار: لماذا يضرب أردوغان عملة بلاده؟

سلام ناجي حداد24 نوفمبر 2021آخر تحديث :
الليرة التركية

شهدت الليرة التركية انهيارات مستمرة، وإن كان انخفاض سعر العملة التركية أمام الدولار، حيث وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، ويرجح خبراء إلى أن ذلك الانهيار يعتمد على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وكان الرئيس التركي قد أكد في تصريحات يوم الاثنين أنهم مستمرون في تشديد سياستهم ضد أسعار الفائد، مؤكدا أنه لن تخفض التضخم وتعهد بإنجاخ “حرب الاستقلال الاقتصادي”، على حد وصفه، وبعدها بساعات بدأت انهيارات الليرة مقابل الدولار.

وخلال اجتماعه بمجلس الوزراء قال أردوغان، انه يفضل سعر صرف تنافسيا حيث يجلب زيادة في الاستثمار وفرصا أكبر للتوظيف، واعتبر ان ما يحدث من انهيارات تعاني منها الليرة التركية ما هو إلا مناورات تحاك بشان سعر الصرف وأسعار الفائدة.

وقال في وقت لاحق في مؤتمر صحفي أنه يرفض السياسات التي تجعل تركيا تنكمش وتضعف وتحكم على الشعب بأن يعيش في بطالة وجوع وفقر، على حد تعبيره.

 

الليرة التركية

الليرة التركية

بدأت الليرة التركية بالانهيار عندما وصل سعرها لأول مرة عند 11.44 مقابل الدولار عند السادسة بتوقيت جرينتش يوم الأحد الماضي، لتسجل مستويات منخفضة لعاشر جلسة على التوالي، حيث خسرت العملة ثلث قيمتها هذا العام.

الليرة شهدت قبلها بساعات انتعاشا قصير، وسط مخاوف من جانب المستثمرين حول سعر الفائدة وتكهنات حول تعديل وزاري جديد، في حين أظهرت البيانات تراجع ثقة المستهلكين.

وتداولت الليرة التركية أمس عند 11.20 في الثامنة بتوقيت جرينتش، وذلك بعد ان ارتفعت يوم الجمعة إلى 11.2995، ثم ارتفعت إلى 11.32.

وكانت الليرة التركية قد انخفضت بنسبة 12 بالمائة الأسبوع الماضي وحده مما يجعلها ذات الأداء الأسوأ على مستوى العالم، لكن التقارير تشير إلى ان انخفاضها بدأ بتصريحات الرئيس عندما قال أنه “عدو لأسعار الفائدة”.

وعلى الرغم من تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد، إلا أن الاقتصاد التركي شهد انتعاشة، لكن مع انهيارات العملة بدأت مخاوف شديدة لدى المستثمرين ستؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، وسط تراجع لثقة المستهلكين حيث انخفضت بنسة 7.3 بالمائة ووصلت إلى 71.1 نقطة في الشهر الجاري وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2004.

الليرة التركية
الليرة التركية

البنك المركزي التركي أصدر بيانا أمس قال فيها ان الليرة التركية سجلت سقوطا جديدا، مساء أمس الثلاثاء، لكنه لم يذكر سبب الانهيار، لتخسر الليرة التركية 13 بالمائة من قيمتها، في غضون ساعات قليلة، ووصل سعر صرف الليرة إلى 13 ليرة مقابل الدولار، لكنها استقرت صباح اليوم عند 12.40.

وكان البنك المركزي التركي قد خفض يوم الخميس أسعار الفائدة 100 نقطة إلى 15 بالمائة على الرغم من اقتراب معدل التضخم من 20 بالمائة، مشيرا إلى المزيد من التيسير النقدي.

ولاحقا قال البنك المركزي في بيان له، أنه يمكن التدخل في الأسواق في ظل ظروف معينة لتقلبات مفرطة في نطاق محدود، مؤكدا أن موجة المبيعات في الليرة التركية غير واقعية ومنفصلة تماما.

وأضاف البنك في بيان أنه في ظل الظروف الراهنة يمكن للبنك التدخل في تقلبات مفرطة دون استهداف أي اتجاه دائم،

الليرة التركية والاستقلال الوطني

ويرى الرئيس التركي أن مسألة خفض اسعار الفائدة هي مسألة استقلال اقتصادي، تمس السيادة الوطنية، مشيرا إلى أن هناك مؤامرة تستهدف الاقتصاد.

وعلى ما يبدو فإن جهات لا يذكرها الرئيس تضغط من أجل رفع اسعار الفائدة، وهو ما لا يقبل به، على الرغم من معاناة العملة المحلية.

وأشار أردوغان إلى أن هناك تلاعب من جانب البعض في سعر الصرف والعملة الصعبة ومعدلات الفائدة ورفع الأسعار، لكنه تعهد بأن ينجح في حرب الاستقلال الاقتصادي الذي يتحدث عنه،

لكن تلك التصريحات التي أطلقها في اجتماع مجلس الوزراء أدت إلى مزيد من الهبوط لسعر الليرة التركية وفقا لوكالة رويترز.

الليرة التركية
البنك المركزي التركي

ويرى منتقدوا الرئيس انه يتمسك بسياساته المالية لأسباب أيديولجية، تخالف ما هو متعارف عليه ماليا، مما يعد عائقا أمام النمو والتحسن، بينما اعتبر البعض ان الرئيس يخوض حربا وهمية المتضرر الوحيد منها هو الشعب التركي، في ظل تراجع مستمر، لكن البعض الآخر يراهن على نجاح سياسات الرئيس على المدى البعيد.

واعتبر البعض أن الرئيس التركي يعتمد في سياسته تلك على إمكانية تعافي مستقبلي مع مرور الأزمة، خاصة وأنه لا يخشى حاليا من آراء المواطنين، خاصة وأن الانتخابات لا تزال بعيدة نوعا ما وهي التي تجرى في صيف 2023.

ووسط تلك الأزمات تضغط المعارضة من أجل انتخابات مبكرة، قد تؤدي إلى إزاحة حزب الرئيس من الحكم، وسط تمسك في الوقت نفسه من جانب الرئيس بموعد الانتخابات التي يراهن عليه في سياسته، لكن فشل تلك السياسات تعني كارثة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية.

ولكن لماذا يحارب الرئيس سعر الفائدة؟

الليرة التركية
علم تركيا وعلم الاتحاد الأوروبي

سعر الفائدة الذي وصل إلى نسبة 19 بالمائة، بقرارات من محافظ البنك المركزي التركي السابق، الذي تمت إقالته من جانب الرئيس وتعيين المحافظ الحالي، يسعى الرئيس لخفضه، ويرى أنه من الأفضل أن تكون سعر الفائدة 1 بالمائة فقط.

يرى الرئيس التركي أن الليرة التركية ستتحسن مع الوقت، لكنه يريد الحفاظ على مكتسبات اقتصادية أخرى كون تركيا وصلت يوما كواحد من أكبر 20 اقتصاد في العالم، حيث يقارن الرئيس سعر الفائدة في بلاده بسعر الفائدة في تلك الدول، حيث يرى أنها تتراوح في الدول الاقتصادية الأكبر خاصة في أوروبا والولايات المتحدة أن سعر الفائدة بين 0 إلى 1 بالمائة.

وعلى ما يبدو فإن ذلك الطموح يضغط العملة المحلية، وهو ما يعود بأثر سلبي على الاقتصاد، فبدلا من تحسن الوضع الاقتصادي وتنشيط الاستثمار، فيؤدي إلى خوف أكبر للمستثمرين من هبوط لسعر الليرة بشكل غير مسبوق، وبدلا من انخفاض الاسعار نظرا لانخفاض تكلفة الانتاج من أجل هدفه في خفض معدلات التضخم، تزداد بنسب كبيرة للغاية، وهو ما يعني أن القرار خاطئ أو ربما هناك جهات تعكس الأمر ضد الاقتصاد التركي لإجبار تركي على ابقاء سعر الفائدة كما هي.

موضوعات تهمك:

الرئيس التركي يستعرض مدى قوة بلاده: ماذا قال؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة