اقتحام الأقصى وعملية إلعاد في ذكرى النكبة

محمود زين الدين8 مايو 2022آخر تحديث :
الأقصى حماس الاحتلال

تركّزت أغلب العمليات بمناطق بسط الكيان الصهيوني السيطرة عليها عام 1948، كما شارك فيها كثيرون من سكان تلك المناطق الفلسطينيين.
استعصاء كبير يحاول الفلسطينيون الخروج منه بشتى الطرق وإذا ماتوا وهم يدافعون عن الأرض والهوية، فلإعلان أن إسرائيل تواجه الاستعصاء الكبير نفسه.
إسرائيل قوة استعمارية استيطانية لا تحتل وتصادر الأراضي فقط بل تدعم ميليشيات مستوطنين متطرفين وتفصّل قوانين تدعم سرديتهم عن وجود هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى.
* * *
في الوقت الذي تفرض فيه إسرائيل “طوقا أمنيا” على قطاع غزة والضفة الغربية لتأمين احتفالها بذكرى تأسيسها، وهي ذكرى خسارة الفلسطينيين وطنهم وإعلان نكبتهم، كان مسموحا لجموع المستوطنين العنصريين المتطرفين كسر هذا الطوق واقتحام ما يقرب الألف منهم الأقصى، البقعة الأكثر قداسة في التاريخ والجغرافيا الفلسطينيين.
تصدّى المرابطون الفلسطينيون (وكذلك بعض المسلمين من بلدان عربية)، كالعادة، لجموع المقتحمين، ودارت مواجهات عديدة لصدّهم، وتدخّلت الشرطة الإسرائيلية كالعادة لقمع الاحتجاجات.
يشكل هذا الحدث المتكرر تلخيصا واضحا لطبيعة الصراع الجاري بين سكان البلد الأصليين الذين يحاولون، بما أوتوا من صبر ومجالدة وإيمان، حماية أراضيهم ومقدساتهم المهددة، وبين قوة استعمارية استيطانية لا تكتفي باحتلال ومصادرة الأراضي بل تدعم ميليشيات المستوطنين المتطرفين وتفصّل القوانين التي تدعم سردياتهم عن وجود هيكل سليمان تحت بناء المسجد الأقصى، بحيث تصبح الاقتحامات، التي يقودها أحيانا وزراء ونواب وقادة سياسيون متطرفون، شرعة قانونية لأولئك تسمح لهم بالتقاسم الزماني والمكاني للأقصى والحرم الإبراهيمي وغيرهما من المواقع ذات الطابع المقدس للمسلمين.
في ظل هذه المعادلة القاهرة التي تجثم على فلسطين، لا تصادر قوة الاحتلال الأراضي وتهجر البشر وتقلع الشجر فحسب، بل تقوم أيضا بإعلان “يهودية الدولة”، وتشريع إجرام عصابات تعمل جاهدة على الاستيلاء على المقدس وهدم التاريخ الفلسطيني لإحلال تاريخها ومقدساتها فوقه، ومن المستحيل، بالتالي، ألا تنتج معادلة القهر والغطرسة تاريخا طويلا من المقاومة والعنف المضاد.
تعتبر عملية مدينة إلعاد، التي جرت أول أمس الخميس، وقتل فيها أربعة مستوطنين وأصيب ثلاثة آخرون، العملية الثامنة منذ 22 آذار/مارس، وقد أدت هذه العمليات المتقاربة زمنيا والمتصاعدة إلى مقتل 18 إسرائيليا على الأقل وجرح 31 آخرين، وتركّزت أغلب هذه العمليات في المناطق التي بسطت القوات الإسرائيلية السيطرة عليها عام 1948، وأصبحت جزءا من كيانها، كما شارك فيها كثيرون من سكان تلك المناطق الفلسطينيين.
اعتبرت وسائل الإعلام أن العملية الأخيرة أفسدت على الإسرائيليين احتفالاتهم، كما أنها كسرت حصار دولتهم لغزة والضفة الغربية، وهو واقع واضح، ولم تحتج هذه العملية، التي تعلن اشتداد جذوة الصراع سوى شابين فلسطينيين قررا التضحية بحياتيهما لإعلان رسالة واضحة: عنف القاهر يواجه بعنف المقهور.
غير أن حصول العملية في هذه الذكرى بالذات، يحمل رسالة أكثر عمقا، وتتعلق برفض الفلسطينيين، في كل مكان تواجدوا فيه، لنكبتهم، ورفضهم لاعتبار الإسرائيليين أن تأسيس دولتهم يعني خسارة الفلسطينيين لأرضهم وتاريخهم ومقدساتهم.
هناك استعصاء كبير يحاول الفلسطينيون الخروج منه بشتى الطرق، فقد تعودوا أن يطرقوا جدران “الخزان” بدل الموت فيه ساكتين، وإذا ماتوا وهم يدافعون عن الأرض والهوية، فلإعلان أن إسرائيل تواجه الاستعصاء الكبير نفسه.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

الاحتلال يرد على وثيقة الأردن بخصوص “الأقصى” بمطالب استفزازية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة