فورين بوليسي: خلافات عسكر السودان توقف قاعدة بحرية روسية في بورتسودان

محمد خالد19 يوليو 2022آخر تحديث :
عسكر السودان

عسكر السودان مترددون بمنح منفذ لهم في بورتسودان ويحاولون العمل والمماطلة واستخدام أساليب التأجيل.
طموحات روسيا ببناء قاعدة عسكرية بميناء بورتسودان، من أكثر المعابر البحرية انشغالا، فشلت في الوقت الحالي.
هناك أزمة سياسية مستمرة في السودان وأسئلة حول دور الجيش ورمال متحركة الآن وأي ترتيب حتى لو أعلن على أنه مكتمل، سيثير أسئلة!
“من غير المحتمل تمرير صفقة بورتسودان في أي وقت وبالمستقبل القريب وتحاول روسيا على أكبر احتمال البحث عن بدائل لو لم تنجح صفقة بورتسودان”.
استراتيجية روسيا قامت على بناء علاقات مع طرفي عسكر السودان، واستخدمت فاغنر لتطوير علاقات تجارية وعلاقات عسكرية غير رسمية مع حميدتي.
عملت روسيا على بناء علاقات عسكرية ثنائية مع البرهان، لكن الخبراء يرون أن روسيا مترددة في بناء قاعدة بحرية كبيرة في السودان بسبب الأزمة السياسية فيه.
* * *
نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا أعدته آمي ماكينون وروبي غريمر وجاك ديتش قالوا فيه إن طموحات روسيا ببناء قاعدة عسكرية بميناء بورتسودان، من أكثر المعابر البحرية انشغالا، قد فشلت في الوقت الحالي. وكانت الإدارة الأمريكية تراقب عن كثب الصفقة بين موسكو والخرطوم التي كشف عنها في نهاية 2020.
ولو نفذت لأعطت روسيا موطئ قدم لها في البحر الأحمر الذي يمر عبره 30% من سفن الحاويات كل عام. وكانت القاعدة البحرية أول خطة روسية والتي خشي المسؤولون الأمريكيون أن تعطي روسيا الفرصة لاستعراض قوتها في منطقة المحيط الهندي.
وتشير المجلة إلى أن الطموحات البحرية الروسية في البحر الأحمر، كانت على ما يبدو ضحية النزاع المعقد في داخل المؤسسة العسكرية السودانية التي سيطرت على السلطة من المدنيين في انقلاب أكتوبر العام الماضي.
وفي الوقت الذي دعم نائب رئيس المجلس العسكري الجنرال محمد حمدان دقلو والمعروف بحميدتي موسكو إلا أن الحاكم الفعلي الجنرال عبد الفتاح البرهان لم يرد أن ينفر الغرب وحلفاءه الرئيسيين في المنطقة وبخاصة مصر.
وقال مسؤول استخباراتي أمريكي “إنهم مترددون بمنح منفذ لهم في الميناء ويحاولون العمل والمماطلة واستخدام أساليب التأجيل”. وأضاف “نرى أنه من غير المحتمل تمرير صفقة بورتسودان في أي وقت وبالمستقبل القريب وتحاول روسيا على أكبر احتمال البحث عن بدائل لو لم تنجح صفقة بورتسودان”.
وحققت روسيا في السنوات الماضية تقدما في أفريقيا، كجزء من طموحات فلاديمير بوتين توسيع وتقوية حضور بلاده العالمي رغم تراجع قوتها الناعمة واقتصادها الفقير.
وفي حين واصلت روسيا ضخ المصادر في العمليات العسكرية بأوكرانيا، فإنها وسعت من تأثيرها في مناطق غير مستقرة ومناطق نزاع في أفريقيا بما فيها مالي وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى.
واستخدمت ورقة صفقات الأسلحة وحملات التضليل وما يطلق عليهم بالمرتزقة من جماعة فاغنر، المقربة من الكرملين إلى جانب الاستثمار في القارة.
وقال جوزيف سيغل، مدير البحث في المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية بشهادة له أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس الأسبوع الماضي “لا جدال، فقد حققت روسيا تأثيرا في أفريقيا أكثر من أي دولة خارجية”.
وعلى مدى السنوات الماضية فقد تعرض مشروع القاعدة البحرية الروسية للتقلب والتغير، ويرى سيغل أن عسكر السودان يحاول اللعب مع كل الأطراف.
وهم “يريدون مغازلة الروس وفي الوقت نفسه، أظن أن الجيش يرى بأن الروس لن يجلبوا معهم الكثير من ناحية الاستثمار ورأس المال الذي سيحصلون عليه من المانحين الغربيين”.
ولم تعلق السفارة السودانية في واشنطن على المقال، وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية “التحرك للأمام وتوقيع اتفاق مثل القاعدة البحرية أو أي شكل من التعاون الأمني مع روسيا سيزيد من عزلة النظام العسكري السوداني وسيقوض استقرار القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر بشكل عام”.
وبدأ التفاوض حول القاعدة البحرية في عام 2017 بين الرئيس في حينه عمر البشير وبوتين، لكن المفاوضات توقفت بعد ثورة شعبية أطاحت بالبشير عام 2019، حيث ركز قادة الحكومة الانتقالية على إخراج السودان من عزلته الدولية.
ونشرت موسكو في نهاية 2020 نسخة موقعة من طرف واحد من اتفاق مدته 25 عاما لبناء قاعدة بحرية، في محاولة على ما يبدو لإجبار السودان. وفي نسخة الاتفاق ترخيص لروسيا بالحفاظ على أربع سفن عسكرية على ساحل البحر الأحمر السوداني.
وبالمقابل ستزود روسيا السودان بالمعدات العسكرية ومساعدات أخرى. ولكن قائد الجيش السوداني الجنرال محمد عثمان الحسين، قال في حزيران/يونيو 2021 إن الاتفاق تحت المراجعة، مشيرا إلى أن المجلس التشريعي الموكل بالمصادقة على اتفاقيات كهذه لم يشكل بعد.
وربما كانت نكسة روسيا في البحر الأحمر، انتصارا صغيرا للولايات المتحدة التي تحاول مواجهة منافسيها الكبيرين في أفريقيا وهما روسيا والصين، مع أن الحكومات الأفريقية تنزعج من تصويرها كبيدق في المنافسة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى.
وقالت تشيدي بلايدن، أكبر مسؤولة في الشؤون الأفريقية بوزارة الدفاع بشهادة أمام لجنة بالكونغرس يوم الثلاثاء:
“أعداؤنا يفهمون جيدا أهمية أفريقيا الإستراتيجية ويكرسون المصادر للقارة” و”كجزء من تواصلهما تقدم روسيا والصين وبشكل روتيني التدريب والدعم الدفاعي للدول الأفريقية”.
وأرسلت روسيا مجموعات من المرتزقة، لتأمين مناطق تأثير ومصادر والحصول على مناجم لدعم المصالح الروسية وعادة ما تخلف وراءها مذابح شنيعة.
وعبر المسؤولون الأمريكيون والفرنسيون عن قلقهم من المذابح التي ارتكبها المرتزقة في مالي التي أوقف النظام العسكري الحاكم فيها التعاون مع الغرب في مكافحة الإرهاب، مقابل الحصول على دعم المرتزقة الروس الذين يدعمون أنظمة محاصرة مثل مالي التي سيطر فيها العسكر على السلطة العام الماضي. وعملت الجماعة في السودان حيث حصلت على تنزيلات في مناجم الذهب وقدمت النصح لنظام البشير قبل انهياره.
وحاول الروس اللعب على حبل الخلافات في السودان، حيث أشار المسؤولون الأمريكيون لزيارة حميدتي إلى موسكو، في شباط/فبراير والتي تزامنت مع بدء العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وقال كاميرون هدسون، الخبير في الشؤون الأفريقية بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن إن استراتيجية روسيا قامت على بناء علاقات مع الطرفين، واستخدمت فاغنر لتطوير علاقات تجارية وعلاقات عسكرية غير رسمية مع حميدتي.
ومن جهة أخرى عملت على بناء علاقات عسكرية ثنائية مع البرهان. لكن الخبراء يرون أن روسيا مترددة في بناء قاعدة بحرية كبيرة في السودان بسبب الأزمة السياسية فيه.
وقال هدسون الذي عمل سابقا في وزارة الخارجية وسي آي إيه “من الواضح أن هناك أزمة سياسية مستمرة في البلد وهناك أسئلة حول دور الجيش” و”تعني الرمال المتحركة الآن في السودان أن أي ترتيب، حتى لو أعلن على أنه مكتمل، سيثير أسئلة”.
وروسيا ليست البلد الوحيد الذي يدفع باتجاه الحصول على منفذ في بورتسودان، فقد طرحت الإمارات فكرة بناء ميناء بـ 6 مليارات دولار ينافس بورتسودان. ومنحت رغبة الحكومة اجتذاب المستثمرين الأجانب، حتى في ظل الوضع السياسي، إشارة إلى أن أرصدة البلد هي لمن يحصل عليها. و”هم مفلسون بالكامل ولهذا يقومون ببيع أرصدة الدولة في صفقات بيع مخفضة لأنهم بحاجة للمال”.
وهناك ازدحام في القواعد العسكرية بمنطقة القرن الأفريقي، فقد أقامت الصين قاعدة عسكرية لها في جيبوتي التي للولايات المتحدة قاعدة فيها. ولأن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون بتراجع خطط روسيا في السودان، فهذا لا يعني توقف موسكو عن البحث عن خيارات أخرى.
ففي عام 2018 عقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماعا مع نظيره الإرتيري عثمان صالح ناقشا فيه إنشاء مركز لوجيستي على الساحل الإرتيري، ومن أجل التجارة والزراعة، ويمكن أن يقود إلى تعاون عسكري. وقال مسؤول أمني أمريكي بارز “هذا أمر لن يتم على الأرجح غدا” و”هذا بحث استراتيجي طويل الأمد، أمر يحاولون الوصول إليه ويحتاج للانتظار”.

المصدر: فورين بوليسي

موضوعات تهمك:

السودان.. إعدام سيدة بالرجم بتهمة “الزنا”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة