صفقة بيع فرنسا الإمارات 80 مقاتلة رافال بطعم الانتقام من واشنطن

محمود زين الدين7 ديسمبر 2021آخر تحديث :
رافال

صفقة 80 من مقاتلات رافال الفرنسية تعد ضمن الأضخم في تاريخ الصفقات وتتميز بطابع انتقامي من الولايات المتحدة.

تساؤلات حول جدوى استعمال هذا العدد الكبير من المقاتلات في ظل تقدم مضادات الطيران بما يتفوق على المقاتلات بل والطائرات المسيرة كذلك.

بذلت الإمارات مجهودات كبيرة للحصول على 50 طائرة أف-35 من الجيل الخامس بقيمة 23 مليار دولار ووافق ترامب لكن إدارة بايدن جمدت الصفقة وأخرى سعودية.

تعتبر الصفقة ورد اعتبار للصناعة العسكرية الفرنسية وانتقاما فرنسيا مزدوجا من الولايات المتحدة التي حرمتها رفقة بريطانيا من صفقة غواصات لأستراليا بقيمة 37 مليار يورو.

* * *

وقعت الإمارات العربية مع فرنسا صفقة بقيمة تفوق 17 مليار يورو لشراء 80 طائرة مقاتلة رافال في نسختها المتقدمة «أف 4 استاندر» التي تنتمي إلى الجيل الرابع وتقترب من الجيل الخامس.

وهذه الصفقة تعد ضمن الأضخم في تاريخ الصفقات، وهي تتميز بطابع انتقامي من الولايات المتحدة. وهناك تساؤلات حول جدوى استعمال هذا العدد الكبير من المقاتلات في ظل تقدم المضادات للطيران بشكل يتفوق على المقاتلات بل وكذلك الطائرات المسيرة عن بعد (الدرون).

وجاء الإعلان عن هذه الصفقة يوم 3 كانون الأول/ديسمبر الجاري في زيارة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أبو ظبي ضمن جولة لعدد من الدول الخليجية تشمل قطر والعربية السعودية.

وتعد هذه الصفقة من أضخم الصفقات خلال العقود الأخيرة رفقة اقتناء العربية السعودية 70 مقاتلة من إف 15 من الولايات المتحدة. في حين أن تلك الصفقات الضخمة التي جرى الحديث عنها بين الرياض وواشنطن إبان رئاسة دونالد ترامب بقيمة مئات المليارات من الدولارات فقد بقيت حبرا على ورق.

وتحمل الاتفاقية الحالية بين فرنسا والإمارات العربية طابعا انتقاميا من سياسة الولايات المتحدة في الصفقات العسكرية. وهكذا، فقد بذلت الإمارات مجهودات كبيرة للحصول على طائرة أف-35 المتقدمة المنتمية إلى الجيل الخامس، حيث صادق الرئيس السابق ترامب على الصفقة التي كانت ستضم 50 طائرة من هذا النوع.

لكن وصول الإدارة الديمقراطية إلى البيت الأبيض بزعامة جو بادين دفعه إلى تجميد الصفقة خلال الشهور الماضية التي كانت تتجاوز 23 مليار دولار، كما جمد صفقات أخرى للعربية السعودية، ويعود التجميد إلى انتقاد واشنطن كل من أبوظبي والرياض في سياستهما في اليمن وليبيا. ويستبعد رفع واشنطن الفيتو ضد هذه الصفقات لاسيما وأن حرب اليمن ما زالت مستمرة.

وعليه، اتجهت الإمارات إلى الصناعة العسكرية الفرنسية من خلال اقتناء مقاتلة رافال في نسختها الجديدة المتطورة. ولا يعد هذا غريبا على الجيش الإماراتي الذي يعتمد كثيرا على السلاح الفرنسي، ويعد من الدول التي تمتلك نسبة كبيرة من المقاتلة الفرنسية ميراج 2000. وتمتلك في المجموع 68 ميراج 2000 منها 12 للتدريب، وهي ثالث دولة تمتلك هذه الطائرة بعد فرنسا ثم الهند بـ 69 مقاتلة.

من جهة أخرى، تعتبر هذه الصفقة انتقاما فرنسيا مزدوجا ورد الاعتبار للصناعة العسكرية الفرنسية. في هذا الصدد، فقد انتقمت فرنسا من الولايات المتحدة التي حرمتها رفقة بريطانيا من صفقة الغواصات لأستراليا خلال ايلول/سبتمبر الماضي، حيث كانت باريس ستبيع لهذا البلد أكثر من 15 غواصة بمبالغ فاقت 37 مليار دولار، وتدخلت واشنطن ولندن واستحوذتا على الصفقة بل وجرى إنشاء حلف أوكاس بين الدول الثلاث لمحاصرة الصين وتم استبعاد فرنسا.

وتعيد فرنسا الاعتبار لصناعتها العسكرية، فقد احتلت مركزا ثانويا أمام الصناعة العسكرية الأمريكية بطائرات إف 16 وإف 15 وإف 18 وإف 35 مؤخرا، وكذلك أمام روسيا التي تعزز مبيعاتها من مقاتلات الميغ والسوخوي إلى عدد من الدول.

وعمليا، فقد تجاوزت فرنسا ذلك الحاجز النفسي بشأن مبيعات رافال عندما كان لا أحد يرغب في اقتنائها بل وفقدت صفقات منها صفقة المغرب سنة 2007 الذي فضل إف 16 الأمريكية ثم البرازيل التي راهنت على مقاتلة غرينبين السويدية ولاحقا بلجيكا التي فضلت أف-35 وسويسرا التي تراهن على غرينبين السويدية.

وعليه، فقد نجحت فرنسا في بيع المقاتلة إلى مصر واليونان وقطر وكرواتيا والآن الإمارات العربية وما زالت تبحث الأمر مع الهند لبيع العشرات.

وتختلف صفقة الإمارات المعلن عنها الجمعة من الأسبوع الجاري عن باقي الصفقات الدولية الضخمة بما في ذلك التي توقعها تركيا مثلا، إذ أن الدول التي تقتني نسبة كبيرة من المقاتلات تفرض تفويت التكنولوجيا.

في هذا الصدد، عندما كانت فرنسا تبحث مع البرازيل بيعها 36 مقاتلة رافال اقترحت عليها تفويت التكنولوجيا وتصنيع أجزاء كبيرة في البرازيل. كما تجري مفاوضات على هذا المنوال مع الهند التي ما زالت فرنسا تعلق الآمال لبيعها عشرات رافال.

وحدث سابقا مع تركيا التي اقتنت أكثر من 200 إف-16 الأمريكية وقامت بتصنيعها وتركيبها في المصانع التركية. وما يحدث مع الإمارات يحدث مع دول عربية أخرى مثل السعودية التي اشترت 70 أف-15 ثم 72 من يوروفايتر الأوروبية بدون تصنيع ولو المدخرات الحربية في السعودية.

ويعتقد أن الإمارات قد اتفقت مع فرنسا على تفويت تكنولوجيا صناعة جزء من الذخيرة الحربية لمقاتلات الرافال بحكم تحقيق الإمارات نوعا من التقدم في صناعة الذخيرة من خلال شركة إيدج التي تضم تحت جناحها عددا من الشركات التي تسعى إلى تصنيع صواريخ موجهة تستعملها المقاتلات والمُسيّرات.

ومن جانب آخر، بدأ خبراء الأسلحة يعتقدون في التراجع المرتقب للفعالية الحربية للمقاتلات خاصة بالنسبة للدول ذات المساحة الصغيرة عكس الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا أو الهند أو المساحة المتوسطة مثل فرنسا.
وتتراجع الفعالية في مناطق النزاع المهددة بانفجار. وهذا يعود إلى عاملين:

الأول هو الدور الهام الذي تكتسبه مقاتلات الدرون (المُسيّرات) تدريجيا، حيث بدأت تنافس المقاتلات بل وتحسم الحروب كما فعلت المسيرات التركية في حرب أذربيجان وأرمينيا، حيث فقدت الأخيرة الحرب بسبب بيرقدار التركية. والسيناريو نفسه تكرر في ليبيا.

وعلاقة بالعامل الثاني: في ظل تقدم مضادات الطيران وخاصة الروسية مثل إس 400 تصبح كل هذه المقاتلات المتطورة عاجزة عن خرق أجواء أي دولة تمتلك هذه المنظومة أو أخرى مشابهة.

وتعد إيران مصدر الخطر ضد الإمارات لأن هذه الأخيرة تتبنى السياسة الأمريكية علاوة على استمرار مشكل النزاع حول الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، لكن مقاتلات الرافال لا يمكنها الصمود أمام المضادات الإيرانية.
لو كانت إسرائيل والولايات المتحدة متأكدتين من ضعف الدفاع الجوي الإيراني لكانتا قد قصفتا المنشآت النووية منذ أربع سنوات على الأقل.

المصدر| القدس العربي

موضوعات تهمك:

التعصب الأعمى العميق في فرنسا يجد وجها جديدا وللمفارقة يهوديا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة