«روسوفوبيا» غربية

محمود زين الدين21 مارس 2022آخر تحديث :
غربية

من الخطأ تعويل الغرب على أن إجراءاته هذه ستؤدي لإثارة احتجاج مدني واسع النطاق في روسيا، فما سيحدث هو عكس ذلك تماماً.
لا يمكن استساغة عقوبات ثقافية وفنية ورياضية يفرضها الغرب على روسيا وتخير فنانين روس وفرقاً فنية بالغرب بين إدانة علنية لسياسة بلادهم أو طردهم.
تدابير غربية عقابية صارمة تشمل تسليح واسع النطاق لأوكرانيا وعقوبات اقتصادية ستؤذي اقتصادات الغرب كما اقتصاد روسيا وفنانين ورياضيين روس.
* * *

بقلم: حسن مدن

هكذا وصف فيتالي نعومكين، رئيس «معهد الاستشراق» في موسكو التابع لأكاديمية العلوم الروسية، الهستيريا الغربية ضد روسيا، على خلفية عملياتها العسكرية في أوكرانيا، في صورة تدابير عقابية صارمة، لم تقف عند الحيز العسكري، عبر التسليح واسع النطاق لأوكرانيا بأعتدة عالية التطور، ولا عند العقوبات الاقتصادية التي يجمع خبراء كُثر على أنها ستعود بمضارّ على الاقتصادات الغربية لا تقلّ، إن لم تزد، على تلك التي ستعود على الاقتصاد الروسي، وشملت الفنانين والرياضيين الروس، أفراداً كانوا أم فرقاً.
يمكن فهم أن تسليح أوكرانيا والضغط الاقتصادي على موسكو يندرجان في إطار المواجهة الغربية – الروسية التي لم تنشأ مع دفع الرئيس الروسي بقوات بلاده نحو الأراضي الأوكرانية، وإنما تعود إلى سنوات، بل وعقود سابقة.
لكن لا يمكن استساغة العقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا في الحقلين الثقافي – الفني، والرياضي، والتي تشمل تخيير الفنانين الروس الذين يقودون فرقاً فنية في بلدان غربية بين الإدانة العلنية لسياسة بلدهم روسيا، أو فصلهم من أعمالهم.
ينبه نعومكين في مقاله بهذا الخصوص والذي استخدم فيه مصطلح «روسوفوبيا»، إلى أن الرأي العام الروسي، باستثناء أقلية صغيرة، يتماسك دعماً لتحركات قيادة وجيش بلده.
بل إن هناك الكثير من الأصوات التي تطالب باتخاذ إجراءات وعقوبات مضادة رداً على ضغوط العقوبات غير المسبوقة على روسيا وشعبها، مشيراً إلى خطأ تعويل الغرب على أن إجراءاته هذه ستؤدي إلى إثارة احتجاج مدني واسع النطاق في روسيا، فما سيحدث هو عكس ذلك تماماً.
حين نقرأ أو نسمع مصطلح «روسوفوبيا» سيتبادر إلى أذهاننا فوراً مصطلح «إسلاموفوبيا» المعبر عن حال الكراهية التي تطول العرب والمسلمين جميعاً لدى حكومات وقطاعات ليست قليلة من الرأي العام الغربي تحت تأثير الإعلام الموجه ضدهم، وتحميل كل من هو عربي أو مسلم وزر حماقات مجموعات صغيرة اختارت التطرف والإرهاب نهجاً لها.
تجلت الـ«إسلاموفوبيا» مؤخراً في تصريح لرئيس بولندا في معرض تباهيه باستقبال بلاده للاجئين الأوكرانيين، فحين ردّ على سؤال حول عدد من استقبلتهم بولندا من المسلمين أجاب: صفر.
وكما يستثير مصطلح «إسلاموفوبيا» في نفوسنا جميعاً الغضب والرفض، لنا أن نتوقع أن «روسوفوبيا» يثير في نفوس الروس نفس المشاعر بصرف النظر عن موقفهم من حكومتهم، فلا يوجد مواطن روسي يمكن أن يرضى بحظر ألحان الموسيقار العبقري العالمي تشايكوفسكي، أو منع الفنانين الموسيقيين الروس المشهورين عالمياً من تقديم حفلاتهم، أو بإقصاء الرياضيين الروس من منافسات الألعاب العالمية.
الحرب في أوكرانيا حدث آخر أظهر جلياً مقادير الاستعلاء الغربي تجاه الآخر.
* د. حسن مدن كاتب صحفي بحريني
المصدر: الخليج

موضوعات تهمك:

لماذا يصطفّ المقهورون مع روسيا؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة