خطوة إماراتية غير مفهومة

محمود زين الدين21 مارس 2022آخر تحديث :
خطوة إماراتية

تمثل زيارة بشار موقفاً واضحاً من أبوظبي باختيار الوقوف بجانب نظام مستبد يرتكب أفظع الجرائم بحق شعبه.

تزامن الزيارة مع محاولات الغرب خنق روسيا وأتباعها سياسياً واقتصادياً ارتباطاً بحرب أوكرانيا، يوحي بجرأة غير منطقية لدى الإمارات.

زيارة بشار لأبوظبي لن تجلب لها سوى الضرر والإحراج سياسيا إلا إذا كانت تدخل في باب المكايدة السياسية المألوفة بسياسات الإمارات الخارجية!

عبرت أميركا المشغولة بمواجهة روسيا بأوكرانيا عن استيائها من زيارة الأسد وقد لا تستعجل فتح ملفات خلافية مع الإمارات لكن ذلك يكون ضمن حساب سيُبت فيها لاحقا.

عدم ربط الإمارات التطبيع مع نظام الأسد بأية شروط متعلقة بالحل السياسي في سورية أو حتى الوجود الإيراني بها كما أثير سابقا لا يفسره إلا بـ”صفقة” بين الطرفين ومطالب متبادلة.

* * *

بقلم: عبسي سميسم

لم تكن زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات بالمفاجئة، نظراً للتمهيدات العديدة التي سبقتها على مدار الأشهر والسنوات الماضية. غير أن تزامن الزيارة مع ذكرى انطلاقة الثورة السورية (في 15 مارس 2011) ضد نظام بشار الأسد يشكل استخفافاً بالشعب السوري وبمئات آلاف الضحايا الذين قدمهم في سبيل ثورته، وموقفاً واضحاً من أبوظبي باختيار الوقوف بجانب نظام مستبد ويرتكب أفظع الجرائم بحق شعبه.
وعلى المستوى السياسي، فإن هذه الزيارة تشكل طعنة لجهود المعارضة التي نشطت بعد حرب أوكرانيا، في مسعى منها لاحتلال مقعد النظام في جامعة الدول العربية وفي الأمم المتحدة.
وجاء ذلك ضمن محاولة المعارضة الاستفادة من الأجواء الدولية ضد روسيا وبيادقها على الساحة الدولية، وفي مقدمتهم نظام الأسد، الذي كان من بين قلة جاهرت بتأييدها لحرب روسيا في أوكرانيا، وأبدى استعداده لإرسال متطوعين للقتال إلى جانبها هناك.
كما أن تزامن هذه الزيارة مع محاولات الغرب خنق روسيا وأتباعها سياسياً واقتصادياً ارتباطاً بحرب أوكرانيا، يوحي بجرأة غير معهودة لدى الإمارات.
إذ أقدمت على الخطوة التي لطالما حذرت منها الولايات المتحدة ومعظم دول الغرب، التي تشترط تحقيق تقدم سياسي على المسار السوري، قبل أية خطوة لملاقاة النظام.
والواقع أن تحرر الإمارات من هذا القيد الدولي، وعدم ربطها التطبيع مع نظام الأسد بأية شروط متعلقة بالحل السياسي في سورية، أو حتى الوجود الإيراني، فيها كما أثير في أوقات سابقة، لا يمكن تفسيره إلا بوجود “صفقة” غير معلنة بين الطرفين، تتضمن مطالب متبادلة.
وبغض النظر عن طبيعة هذه الصفقة المفترضة، فإن هذه الخطوة من جانب الإمارات، لن تجلب لها سوى الضرر والإحراج على المستوى السياسي، إلا إذا كانت تدخل في باب المكايدة السياسية المألوفة في سياسات الإمارات الخارجية خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع التوتر الخفي الذي تشهده مع السعودية في علاقتهما مع الولايات المتحدة.
وتجلى ذلك برفض الدولتين طلباً أميركياً لزيادة إنتاجهما من النفط على خلفية الحرب في أوكرانيا، بسبب استيائهما من المواقف الأميركية “الرخوة” إزاء الهجمات الصاروخية وعبر الطيران المسيّر، التي تعرضت لها الإمارات والسعودية من جانب الحوثيين في اليمن. وتطالب الرياض وأبوظبي واشنطن بالتعامل معهما كحليفين، لهما حقوق وواجبات بموجب هذا التحالف.
ومن هنا، فإن أميركا المشغولة حالياً بمواجهة روسيا في أوكرانيا، وإن كانت عبّرت علناً عن استيائها من زيارة الأسد، قد لا تستعجل فتح ملفات خلافية مع الإمارات، لكن ذلك قد يكون من ضمن جردة الحساب التي سيتم البت فيها لاحقاً بين الطرفين.
* عبسي سميسم كاتب صحفي سوري
المصدر: العربي الجديد

موضوعات تهمك:

كيف يعود تنظيم الدولة في سوريا؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة