بايدن أمام تحدٍ صعب للمحافظة على نفوذ واشنطن بأميركا اللاتينية

محمود زين الدين14 يونيو 2022آخر تحديث :
بايدن

“عقد قمة في ظل عدم وجود أمور كثيرة يمكن تقديمها كان خطأ”.
في قمة الأميركيتين تعهد بايدن وكبار المسؤولين الأميركيين بتعزيز التعاون معهم في مجال الهجرة والطاقة النظيفة والبنى التحتية الصحية.
انتهت فكرة أن نصف الكرة الأرضية بسبب قربها تتشارك ذات المبادئ والأهداف.. لا تملك الولايات المتحدة إمكانية تقديم العديد من الامتيازات.
لتأكيد نفوذ الولايات المتحدة بأميركا اللاتينية استضاف بايدن قمة الأميركيتين أسبوعاً لكن تعهداته المتواضعة ستختبر جهوده إزاء تغلغل صيني سريع.
بايدن واجه مقاطعة من رئيس المكسيك وانتقادات علنية من عدة قادة لأسباب بينها حملة الضغط المستمرة منذ عقود على كوبا وبشأن إن كان سيفي بوعوده.
تحتفل واشنطن العام المقبل بمرور قرنين على إعلانها أميركا اللاتينية ميدان نفوذ حصري تابع لها بموجب “مبدأ مونرو” فيما تربطها بالمنطقة علاقات ثقافية عميقة.
أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري لأميركا اللاتينية والأكبر بالنسبة لأميركا الجنوبية التي تشحن إليها حبوب الصويا والزيت عبر المحيط الهادئ إلى سوق يعد 1,4 مليار نسمة.
* * *
سعى الرئيس جو بايدن لتأكيد نفوذ الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية عبر استضافته قمة استمرت أسبوعاً في لوس أنجيليس، لكن تعهداته المتواضعة ستمثّل اختباراً لجهوده في ظل تغلغل صيني سريع في المنطقة.
واجتمع نحو عشرين زعيماً في قمة الأميركيتين التي تعهد بايدن وكبار المسؤولين الأميركيين خلالها بتعزيز التعاون معهم في مجال الهجرة والطاقة النظيفة والبنى التحتية الصحية، بينما نظّم حفلات استقبال مبهرة.
وقال بايدن إن على الأميركيتين أن تشكّلا المنطقة “الأكثر استشرافية وديمقراطية وازدهاراً وسلاماً وأمنا في العالم”. وأكد “بغض النظر عما يحدث في العالم، ستكون الأميركيتان دائما على رأس أولويات الولايات المتحدة”.
لكن بايدن واجه مقاطعة من الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور وانتقادات علنية من عدد من القادة لأسباب بينها حملة الضغط المستمرة منذ عقود على كوبا وبشأن إن كان سيفي بوعوده.
وتحتفل الولايات المتحدة العام المقبل بمرور قرنين على إعلانها أميركا اللاتينية ميدان نفوذ حصري تابع لها بموجب “مبدأ مونرو” فيما تربطها بالمنطقة علاقات ثقافية عميقة.
لكن الصين التي تعتبرها واشنطن أكبر منافس لها في العالم، تحوّلت سريعاً إلى ثاني أكبر شريك تجاري لأميركا اللاتينية والأكبر بالنسبة لأميركا الجنوبية التي تشحن أساسيات من بينها حبوب الصويا والزيت عبر المحيط الهادئ إلى سوق يعد 1,4 مليار نسمة.
وأقرضت القوة الشيوعية التي تشهد نمواً سريعاً أميركا اللاتينية حوالى 150 مليار دولار منذ عام 2005، نصفها تقريباً لفنزويلا. وبينما لم تضع شروطاً سياسية، إلا أنها دفعت ببعض الدول في ما يصفها بعضهم بمصيدة ديون.
القمة الخطأ
وعرض بايدن خلال القمة “شراكة” اقتصادية على مستوى نصف الكرة الأرضية يناقش بموجبه معايير مشتركة، لكن من دون التزام مباشر بتمويل أو إمكانيات جديدة للوصول إلى السوق.
وتوتر المزاج السياسي في الولايات المتحدة بشأن التجارة الحرة، وعلى الرغم من إشادة بايدن بالنموذج الديمقراطي، إلا أن شدة الاستقطاب تجعل القليل من المبادرات الطموحة واقعية في الكونغرس.
وقال كريستوفر ساباتيني من “تشاتهام هاوس” إن “عقد قمة في ظل عدم وجود أمور كثيرة يمكن تقديمها كان خطأ”.
وأضاف “انتهت هذه الفكرة بأن نصف الكرة الأرضية بسبب قربها تتشارك ذات المبادئ والأهداف.. لا تملك الولايات المتحدة إمكانية تقديم العديد من الامتيازات”.
وشدد مستشار بايدن للأمن القومي جيك سولفيان على أن الولايات المتحدة لم تضع يوماً مسألة تقديم تمويل باهظ من الدولة ضمن سياستها. وترتبط واشنطن بالفعل باتفاقيات للتجارة الحرة مع عدد من دول أميركا اللاتينية بما فيها المكسيك وكولومبيا وتشيلي.
وفي محاولة لتحدي النموذج الصيني، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن إدارته ستضغط لإجراء “إصلاحات جوهرية” في “بنك التنمية للبلدان الأميركية”، الذي تعد واشنطن أكبر مانح فيه، ليساعد الدول ذات الدخل المتوسط التي لا تعد فقيرة ما فيه الكفاية لتستحق قروضا ميسّرة.
وأشار الخبير راين برغ من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية تراجع على مدى العقد الماضي.
وحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية في ذلك إلى الولايات المتحدة نفسها بسبب “عدم الاهتمام بالمنطقة واعتبار كونها مصدراً للاستقرار والازدهار تحصيل حاصل، إلى جانب عدم قدرتها (واشنطن) على تعبئة الموارد والإبداع اللازمين لتشكّل بديلاً شاملاً وذو معنى للتمويل الصيني للتنمية”.
وإذا كانت كوبا تاريخياً الشوكة في خاصرة العلاقة مع أميركا اللاتينية، فإن تغيّب رئيس المكسيك، أندريس مانويل لوبيز أوبرادو عن قمة تترأسها الولايات المتحدة كان أمراً لا يمكن تخيّله في الماضي.
وقاطع لوبيز أوبرادور القمة رداً على رفض بايدن دعوة قادة كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا اليساريين الذين يعتبرهم استبداديين.
إظهار التزام
وبينما أصر على أن القمة مخصصة للدول الديمقراطية فحسب، سعى بايدن لبناء علاقات مع قادة من مختلف التيارات السياسية بينهم رئيسا الأرجنتين، ألبرتو فرنانديز، وتشيلي، غابرييل بوريك، الأقرب إلى اليسار فيما التقى أول مرة برئيس البرازيل اليميني المتشدد المثير للجدل جايير بولسونارو.
ولفت مدير مركز أميركا اللاتينية في المجلس الأطلسي جايسن مارساك إلى أن الحضور كان أقوى من ذاك الذي سُجّل في قمة الأميركيتين الأخيرة التي عقدت في البيرو عام 2018 ولم يحضرها الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.
ورأى أن “الدراما التي تسبق كل قمة هي من بين الأمور القليلة التي تكون متسقة” في قمم الأميركيتين.
وبينما اعتبر أن بايدن أظهر اهتماماً بمصالح أميركا اللاتينية إلا أن “العديد من الإعلانات تتطلب تحرّكاً إضافياً وسيكون غاية في الأهمية بأن يتم منح أولوية للخطوات الملموسة”.
واعتبر السناتور الديمقراطي تيم كاين الذي يعد صاحب خبرة طويلة في شؤون أميركا اللاتينية أن إدارة بايدن أظهرت التزاماً من خلال القمة. وقلل من أهمية الشكاوى المرتبطة بسياسات أميركية معيّنة والتي رأى أنها مألوفة في أي اجتماعات إقليمية.

وقال “ما يترك أثر (سلبياً) هو عندما يقول الناس إنك غير حاضر”.

المصدر: فرانس برس

موضوعات تهمك:

ارتباك أميركي يعلّق «النصر» السعودي: بايدن يتأخّر على بن سلمان

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة