انتخابات الكونغرس 2022

محمود زين الدين22 سبتمبر 2022آخر تحديث :
انتخابات الكونغرس 2022

باتت سياسات الحزب الجمهورى قائمة فقط على التعطيل والصدام، حتى لو أدى الأمر لشل العملية التشريعية بالكامل.
المناخ العام فى الولايات المتحدة مسؤول بالدرجة الأولى عن ذلك الارتفاع في شعبية بايدن مما يدعم فرص حزبه فى انتخابات نوفمبر.
المفارقة في انتخابات الكونغرس المقرر انعقادها فى نوفمبر المقبل أنها ستكون على الأرجح استفتاء على الرئيس السابق، لا الحالى كما جرت العادة.
التحقيقات الجارية أثبتت استهانة ترامب بسيادة القانون، فعبأت قطاعات واسعة من الديمقراطيين، الذين لم يكن منتظرًا أن يذهبوا للتصويت بالانتخابات القادمة.
لا يألو ترامب جهدًا لمساعدة بايدن وحزبه! وبخلاف الرؤساء السابقين لم يختفِ ترامب يومًا عن الأضواء منذ خرج من البيت الأبيض وحرص على البقاء بالساحة بأى ثمن.
لأن انتخابات الكونغرس تحسمها قاعدة كل حزب، فالجديد أن قاعدة حزب الرئيس مستنفرة بالكامل ومؤمنة بأن أصواتها قد تُنقذ ما تبقى من الديمقراطية الأمريكية!
* * *

بقلم: د. منار الشوربجي
فى مقال الأسبوع الماضى، افترضت أن المفارقة التى تحملها انتخابات الكونغرس المقرر انعقادها فى نوفمبر المقبل أنها ستكون على الأرجح استفتاء على الرئيس السابق، لا الحالى كما جرت العادة. واستكمالًا للفكرة ذاتها، فقد برزت مؤشرات جديدة ربما تشير لصحة ذلك التقدير.
فخلال الأسبوع الجارى، كشفت استطلاعات الرأى عن زيادة شعبية بايدن. فبعد أن كانت الاستطلاعات تشير خلال الأشهر الماضية بانتظام لتدنى شعبيته، تبين فى آخر استطلاع للرأى أجرته الأسوشيتد برس أن شعبية بايدن وصلت إلى 45%، بعد أن كانت 36% فى يوليو الماضى. وهى نسبة مرتفعة بالنسبة لرئيس فى عامه الثانى.
والحقيقة أن المناخ العام فى الولايات المتحدة مسؤول بالدرجة الأولى عن ذلك الارتفاع الذى يدعم فرص حزبه فى انتخابات نوفمبر.
ولعل كلمة السر فى ذلك المناخ هى «ترامب». فترامب نفسه لا يألو جهدًا فى مساعدة الرئيس بايدن وحزبه! فعلى عكس رؤساء أمريكا السابقين، ومنذ خروجه من البيت الأبيض، لم يختفِ ترامب يومًا واحدًا عن الأضواء، بل ظل حريصًا على البقاء على الساحة بأى ثمن.
وهو استغل فى ذلك أن بايدن جاء للحكم متعهدًا بلم شمل الأمريكيين بعدما كان ترامب يرتكز فى حكمه على أجندة تستثمر الانقسامات العرقية والدينية والأيديولوجية وتغذيها.
وقد ظل بايدن بالفعل، ولفترة طويلة، يرتفع بنفسه فوق الخوض فى معركة مع ترامب أو فى معارك أيديولوجية، سعيًا للتوافق مع الجمهوريين بالكونغرس من أجل تمرير أولوياته التشريعية.
لكن بايدن، الذى كان قد ترك الكونغرس فى 2008 ليشغل منصب نائب الرئيس أوباما، لم يدرك أن المؤسسة التشريعية، التى ظل عضوًا بمجلسيها أربعين عامًا، قد تغيرت بشكل جذرى عن تلك التى خدم فيها.
فقد باتت سياسات الحزب الجمهورى قائمة فقط على التعطيل والصدام، حتى لو أدى الأمر لشل العملية التشريعية بالكامل.
وتفاقمت تلك الحالة مع وصول ترامب للسلطة فتماهى معه حزبه حتى صار يقبل سياسات أقصى اليمين بل ويتبناها. وقد أدت تلك المعادلة فى بداية حكم بايدن لقتل أغلب تشريعات الرئيس المهمة فى مجلس الشيوخ حيث تتساوى مقاعد الحزبين، فتدنت شعبية بايدن ومعه حزبه الذى يتولى أغلبية المجلسين. ثم جاءت حرب أوكرانيا فارتفعت بشدة أسعار البترول وتفاقم التضخم فانهارت شعبية الرئيس.
لكن تطورات أخرى برزت بالتوازى. فالمحكمة العليا، التى كان ترامب قد عين فيها ثلاثة قضاة، صارت أكثر يمينية من أى وقت مضى. فأصدرت حكمها بنزع الشرعية عن الإجهاض الذى كانت هى ذاتها قد اعتبرته دستوريًا فى سبعينيات القرن العشرين.
وهو ما استنفر قطاعات واسعة من النساء اللائى شعرن بأن بلادهن تسير للوراء لا للأمام بسبب هيمنة تيار ترامب الذى يشكل ائتلافًا فريدًا بين تيارى العنصرية البيضاء والأصولية المسيحية.
أما التحقيقات الجارية، والتى أثبتت استهانة ترامب بسيادة القانون، فقد عبأت قطاعات واسعة من الديمقراطيين، التى لم يكن منتظرًا أن تذهب للتصويت بالانتخابات القادمة.
ثم نجح بايدن مؤخرًا فى تمرير مشروعات تمثل أولوية للناخب بأصوات الديمقراطيين وحدهم، وأحدث البيت الأبيض تغييرًا فى استراتيجيته، فراح الرئيس يهاجم ترامب بالاسم، ويردد علنًا ما يُحذر منه علماء السياسة من أن الديمقراطية الأمريكية فى خطر داهم.
ولأن انتخابات الكونغرس تحسمها عادة قاعدة كل حزب، فإن الجديد هو أن قاعدة حزب الرئيس مستنفرة بالكامل ومؤمنة بأن أصواتها قد تُنقذ ما تبقى من الديمقراطية الأمريكية!

* د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعد، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر: المصري اليوم – القاهرة

موضوعات تهمك:

معضلة محاكمة ترامب.. ومعضلة عدم محاكمته!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة