التضخم يُنذر بأوقات عصيبة

محمود زين الدين24 يوليو 2022آخر تحديث :
التضخم

بينما يتجه التضخم للانخفاض بالأشهر المقبلة أظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين استمرار ضغوط الأسعار في التوسع.
“لا شك أن أحدث أرقام التضخم تشير إلى موجات مضطربة في المستقبل، خاصة للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع بالولايات المتحدة وحول العالم”.
قراءة التضخم المرتفعة تدفع الاحتياطي الفيدرالي ليكون أكثر تشددا، فإن التداعيات ستتردد عبر اقتصادات العالم الأخرى، وستظل حالة عدم اليقين قائمة.
التضخم المرتفع ورد فعل السياسة النقدية ستضيف لظاهرة “الحرائق الصغيرة في كل مكان” وخاصة الدول النامية التي تتعامل بالفعل مع انعدام الأمن الغذائي والطاقة.
إذا فشل الاحتياطي الفيدرالي في توحيد إجراءاته بسرعة، فلا يستبعد حدوث موجة ثالثة من ضغوط تضخم من شأنها مقاطعة وعكس الاتجاه الهبوطي للأشهر الثلاثة المقبلة.
* * *
قراءة التضخم لشهر يونيو/حزيران، جاءت عند أعلى مستوى لها في 41 عاماً، وهذا يترك مجلس الاحتياطي الفيدرالي بلا خيار، سوى رفع أسعار الفائدة بقوة، ما يفتح الباب أمام زيادة محتملة؛ قدرها 100 نقطة أساس هذا الشهر.
أوقات عصيبة ستشهدها الولايات المتحدة قبل الانفراج، فالارتفاع بنسبة 9.1% في مؤشر أسعار المستهلكين أعلى بكثير من متوسط التوقعات البالغ 8.8%، وسيزيد من تآكل مصداقية الاحتياطي الفيدرالي المتضررة بالفعل بعد أن كان صانعو السياسة في السابق يصرون بشدة على أن التضخم كان حالة مؤقتة.
ومجلس الاحتياطي الفيدرالي، على عكس البنك المركزي الأوروبي، لم يشرح بعد سبب توقعه الخطأ للتضخم لفترة طويلة، وعلى عكس بنك إنكلترا، لم يلعب حتى اللحظة الدور التكنوقراطي بوصفه مستشاراً نزيهاً حول ما يجري في الاقتصاد، ولماذا.
يتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية في وقت لاحق من هذا الشهر، كما يمكن لمجلس الإدارة النظر في زيادة نقطة مئوية كاملة.
من المعلوم أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيجتمع في 26-27 يوليو/ تموز الجاري، وهو الذي رفع أسعار الفائدة بالفعل بمقدار 25 و50 و75 نقطة أساس في الاجتماعات السابقة هذا العام، ما يعني أن رفع 100 نقطة أساس من شأنه أن يشير إلى مزيد من تسارع التوتر. وهذا الارتفاع الحاد ورد الفعل السياسي المتأخر، يزيدان من مخاطر حدوث ركود، خاصة وأن النشاط الاقتصادي يتباطأ بالفعل.
وبينما يتجه التضخم للانخفاض في الأشهر المقبلة، أظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين استمرار ضغوط الأسعار في التوسع. وعلى هذا النحو، وخاصة إذا فشل الاحتياطي الفيدرالي في توحيد إجراءاته بسرعة، فسيكون من الحماقة استبعاد فرصة حدوث موجة ثالثة من الضغوط التضخمية التي من شأنها مقاطعة وعكس الاتجاه الهبوطي للأشهر الثلاثة المقبلة.
ونظراً لأن قراءة التضخم المرتفعة تدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن يكون أكثر تشدداً، فإن التداعيات ستتردد عبر اقتصادات العالم الأخرى، وستظل حالة عدم اليقين قائمة.
إن قراءة يونيو «الساخنة» والآثار المترتبة عليها، تذهب إلى ما هو أبعد من الولايات المتحدة. فهذا التضخم المرتفع، ورد فعل السياسة النقدية ستضيف إلى ظاهرة ما يُسمى ب «الحرائق الصغيرة في كل مكان» وخاصة في الدول النامية التي تتعامل بالفعل مع انعدام الأمن الغذائي والطاقة.
فهم يواجهون الآن مزيداً من التشديد في الأوضاع المالية العالمية، فضلاً عن ارتفاع قيمة الدولار مما يؤدي إلى تفاقم التضخم، ويخاطر بزعزعة استقرار قدرة هذه الدول على تحمل ديونها والأسواق المالية المحلية. و«لا شك في أن أحدث أرقام التضخم تشير إلى موجات مضطربة في المستقبل، خاصة للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع في الولايات المتحدة وحول العالم».

* د. محمد العريان رئيس كلية «كوينز» بكامبريدج وكبير الاقتصاديين بمجموعة “أليانز”.

المصدر: فاينانشال تايمز

موضوعات تهمك:

العامل السياسي ومكافحة التضخم

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة