أعيدوا الصين إلى الزراعة ولا تخبروا ماو تسي تونغ

ثائر العبد الله12 مارس 2017آخر تحديث :
rgdlfo

rgdlfo

على مدار سنيها العشرين عاشت يانغ شي وحيدة في كنف جدتها بقرية صغيرة على أطراف مدينة “جو هاي” جنوب الصين. لم يتمكن أبواها العاملان من إنجاب أخ أو أخت لها التزاما بسياسة

الطفل الواحد التي فرضتها السلطات قبل أكثر من ثلاثة عقود.
كبرت يانغ، وكبر معها شعورها بالوحدة، فقد منعتها ضرورات الحياة الصناعية من الترعرع رفقة أبويها، كما حرمتها سياسة الطفل الواحد من إخوة يؤنسون وحدتها ويبددون شعورها بالخوف والعزلة.
تقول للجزيرة نت “لم أعرف يوما معنى الإخوة، كنت دائما أحسد القلة من أصدقائي الذين لديهم إخوة، وإن كانوا غير مسجلين في السجلات الرسمية”. وأضافت “فكرت في الانتحار عندما كنت في سن الخامسة عشرة لكن خوفي على جدتي منعني من ذلك”.
تزوجت يانغ قبل أربعة أعوام، لكنها لا تفكر في إنجاب طفل، لأنها تخشى أن يواجه نفس مصيرها، كونها وزوجها يعملان، وأبواها تقدم بهما العمر ولا يقويان على رعاية الطفل كما فعلت جدتها.
وتقول الباحثة الاجتماعية لونغ يي إنه بالرغم من سماح السلطات بإنجاب طفل آخر، فإن آثار سياسة الطفل الواحد لاتزال ظاهرة على المجتمع الصيني، وأشارت إلى أن غياب الآباء عن منازلهم بسبب نمط الحياة الصناعية أحدث فجوة عاطفية وولد شعورا لدى جيل كامل بالدونية، لذلك أحجم العديد منهم عن الانخراط في المجتمع، وفضلوا البقاء في عزلتهم، تجنبا للتمييز وهروبا من واقعهم المأساوي.
وأوضحت لونغ -في حديثها للجزيرة نت- أن سياسة الطفل الواحد التي اتبعتها الصين في سبعينيات القرن الماضي خلفت حوالي 61 مليون طفل، وبما نسبته 22% من إجمالي عدد الأطفال بالبلاد لا يتمتعون برعاية أبويهم.
وأرجعت الإحجام عن الزواج والإنجاب للمتزوجين إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، والخوف من مصير محتوم أصبح هاجسا كبيرا لدى العديد من الصينيين، وهو ما اعتبرته تهديدا لتركيبة المجتمع الصيني الذي يشهد فجوة كبيرة بين عدد الذكور والإناث، وارتفاعا غير مسبوق في معدلات الشيخوخة.
وفي ظل المخاوف التي أثارتها تقارير صينية توقعت ارتفاع عدد المسنين في المجتمع إلى أربعمئة مليون شخص بحلول عام 2030، وتحذيرات وزارة الموارد البشرية من انخفاض نسبة الأيدي العاملة إلى أكثر من 23% ليصل إلى حوالي سبعمئة مليون نسمة عام 2030، نتيجة لسياسة الطفل الواحد -وفق مراقبين- تدرس السلطات تقديم مزايا وحوافز مالية لتشجيع العائلات على إنجاب طفل ثان، إلى جانب تخفيض الضرائب على الأسر التي لديها طفلان.
وتسعى بكين -من خلال تطبيق السياسة الجديدة التي سمحت بإنجاب طفل ثان منذ عام 2015- إلى حل مشكلة الشيخوخة ومعالجة أزمة انخفاض القوة العاملة وارتفاع معدلات البطالة في المجتمع الصيني.
غير أن القيود والأعباء الاقتصادية لاتزال تشكل عائقا أمام تطبيق هذه السياسة. ويرى نشطاء صينيون أن محاولات الحكومة إصلاح ما خلفته سياسة الطفل الواحد أشبه بمن يحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وكتب أحدهم متهكما “تخلوا عن الحياة الصناعية، وأعيدونا إلى مجتمع زراعي، لكي نعدكم بإنجاب المزيد من الأطفال، لكن أرجوكم لا تخبروا ماو تسي تونغ بذلك”.

الجزيرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة