إثيوبيا بين سلام التنمية وشفير الحرب الأهلية

محمود زين الدين10 نوفمبر 2021آخر تحديث :
إثيوبيا

البديل الوحيد عن السلام هو حرب أهلية جديدة بما ستحمله من خراب ودمار وكوارث إنسانية.

من الخير إذن أن يتولى زعماء إثيوبيا باختلاف انتماءاتهم وإثنياتهم زمام بلادهم بأيديهم ويجنحوا إلى سلام يحتاجه الإثيوبيون على أصعدة وطنية وتنموية حاسمة.

هل يستخدم أبيِ أحمد معارفه لوقف انزلاق بلاده نحو حرب أهلية طاحنة تهدد حياة ملايين الإثيوبيين باختلاف إثنياتهم وقبائلهم وأقاليمهم وتشريدهم من القرى والبلدات؟

مظالم أبناء تيغراي قديمة وجديرة بمعالجات جذرية وفعالة لكن صحيح أيضا أن النزاعات بين مناطق إثيوبيا ليست جديدة في بلد يضم 115 مليون نسمة تتوزع على أكثر من 80 إثنية.

* * *

ذات يوم غير بعيد عرف رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد مسالك السلام ونجح في نزع فتيل الحرب مع الجارة إريتريا، فلم يكسب من وراء ذلك حليفاً جديداً في شخص الرئيس الأرتيري أسياس أفورقي فقط، بل نال من المجتمع الدولي جائزة نوبل للسلام الأرفع عالمياً لأصحاب الأيادي البيضاء في وقف الحروب وحل النزاعات.

مطلوب منه اليوم أن يستخدم معارفه تلك من أجل وقف انزلاق بلاده نحو حرب أهلية جديدة طاحنة، تنذر بتهديد حياة الملايين من الإثيوبيين على اختلاف إثنياتهم وقبائلهم وأقاليمهم، وبتشريدهم من عشرات القرى والبلدات في داخل البلد وجواره.

مسؤولية مماثلة تقع على عاتق قيادات جبهة تحرير تيغراي، وخاصة أولئك الذين سبق لهم أن عملوا مع أحمد وانخرطوا في مسؤوليات عليا مختلفة وامتدحوا السلام الذي عقده مع الجارة أرتيريا.

صحيح أن مظالم أبناء تيغراي كثيرة وقديمة وجديرة بمعالجات حكومية جذرية وفعالة، ولكن ليس أقل صحة أن النزاعات بين مناطق إثيوبيا ليست بنت اليوم ولم تقتصر في أي وقت على التوترات بين إقليم وإقليم في بلد يتوزع الـ115 مليون نسمة من سكانه على أكثر من 80 إثنية.

وقد تتمثل الخطوة الأولى من مبادرة السلام التي يطلقها أحمد في اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وفي تفعيل المفاوضات التي ترعاها دول أفريقية جارة بين الحكومة الإثيوبية المركزية وجبهة تحرير تيغراي.

ولن يسير قرار كهذا على النقيض من المنطق العسكري في ضوء الجبهات المشتعلة حالياً، بل يمكن له أن يستكمل خطوة سابقة تمثلت في انسحاب الجيش الإثيوبي من الإقليم بناء على وقف إطلاق النار الذي اعتمدته الحكومة الفدرالية.

وقد ساجل البعض داخل فريق رئيس الوزراء بأن جبهة تحرير تيغراي كانت قد استغلت وقف إطلاق النار كي تعلن الحرب مجدداً وتتمدد عسكرياً في إقليم أمهرا وبالتالي لا يجوز منحها ورقة تفوق مجانية.

لكن المنطق العسكري إياه ينافي هذه الفرضية بالنظر إلى أن الجبهة غير قادرة على فتح جبهات داخلية عديدة في وقت متزامن، وفي الآن ذاته مواجهة احتمالات انفتاح جبهات خارجية مع الصومال والسودان، فضلاً عن تفجير المزيد من مسببات الاحتقان بين الأورومو والأمهرا.

وليس خافياً أن درجات التعاطف التي حظيت بها جبهة تحرير تيغراي من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض دوائر الأمم المتحدة، وذلك خلال 27 سنة من سيطرتها على السلطة في إثيوبيا، انحسرت اليوم على نحو ملموس لأسباب عديدة تخص تطورات الحياة السياسية في البلد بعد سنة 2018 وصعود أحمد وتفضيله نهجاً ليبرالياً واضحاً.

وليس من الصعب إدراك هذا التوجه من خلال زيارات جيفري فلتمان المبعوث الأمريكي إلى القرن الأفريقي، وتصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته.

من الخير إذن أن يتولى زعماء إثيوبيا على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وإثنياتهم زمام أمور بلدهم بأيديهم، وأن يجنحوا إلى سلام يحتاجه الإثيوبيون على أصعدة وطنية وتنموية حاسمة، خصوصاً وأن بديله الوحيد هو حرب أهلية جديدة بما ستحمله من خراب ودمار وكوارث إنسانية.

المصدر| القدس العربي

موضوعات تهمك:

من أين لأثيوبيا كل هذا الصلف؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة