هل يستمع البوندستاغ لهرتسوغ أم للشارع الألماني؟

محمود زين الدين12 سبتمبر 2022آخر تحديث :
البوندستاغ

هل نجح هرتسوغ في ابتزاز الالمان وإقناعهم بالتوقف عن دعم الاتفاق النووي والضغط على ادارة بايدن لتمرير الاتفاق؟
أم أن برلين ستحافظ على موقفها الداعم للاتفاق النووي للخلاص من الكساد والانكماش الذي بات يطرق ابواب القارة الاوروبية؟
الشغل الشاغل لقادة الكيان الصهيوني إعاقة استئناف العمل بالاتفاق النووي مع ايران؛ الذي قدم مسودته الاخيرة ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.
هل ستقنع التظاهرات الأوروبية قادة الكيان الصهيوني بالتوقف عن معارضة الاتفاق النووي؟ أم تقنعهم التعويضات الألمانية الأمريكية العسكرية والاقتصادية؟
فتح أبواب البوندستاع لهرتسوغ لمخاطبة ممثلي الألمان لن يوفر الدفء للألمان بالشتاء و لن يعالج الركود والتضخم أو يوقف حرب أوكرانيا أو يخفض فاتورة الكهرباء.
* * *

بقلم: حازم عياد

ادعو العالم كله للوقوف ضد إيران؛ بهذه الكلمات اختتم يتسحاق هرتسوغ رئيس الكيان الصهيوني كلمته أمام البوندستاغ (المجلس التشريعي الاتحادي الالماني).

كرس هرتسوغ زيارته لألمانيا وخطابه أمام البوندستاغ للتحريض على إيران ومحاولة إقناع ألمانيا بالتوقف عن دعم الاتفاق النووي.
خاطب هرتسوغ النواب الالمان بالقول: الذي يتصرف بكراهية وعدوانية، والذي يهدد حق إسرائيل في الوجود، لا يستحق التوقيع على اتفاقيات تعزز قوته وحسب، ولا يستحق منافع أو أموال، ولا يستحق تنازلات بأي شكل من الأشكال.
الشغل الشاغل لقادة الكيان الصهيوني؛ وهرتسوغ ليس استثاءا هنا؛ هو إعاقة استئناف العمل بالاتفاق النووي مع ايران؛ الذي قدم مسودته الاخيرة ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، حوزيب بوريل، بدعم من مفوضية الاتحاد الأوروبي؛ ومن خلفها ألمانيا على أمل ضمان تدفق امدادات كافية من النفط والغاز خلال الشتاء المقبل بشكل يساعد القارة الاوروبية وألمانيا تحديدا بمواجهة الشتاء القاسي والانقطاعات المتوقعة امدادات الطاقة الروسية لاوروبا والمانيا عبر تدفقات النفط الايراني.
رغم تصفيق النواب الألمان الحار لهرتسوغ خلال كلمته امام البوندستاغ؛ إلا أن حرارة التصفيق لن توفر الدفء للالمان في الشتاء المقبل؛ فهرتسوغ الذي خصص خطابه للحديث عن ايران واتفاقها النووي لم يشر من قريب أو بعيد لحرب أوكرانيا الدائرة ومعاناة القارة العجوز الناجمة عن ذلك؛ مكتفيا التذكير بالمحرقة (الهولوكوست) وبعملية ميونخ الفدائية في العام 72 التي أثارت جدلا كبيرا خلال زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لالمانيا مؤخرا .
أوراق عادة ما يستخدمها قادة الكيان الصهيوني لابتزاز الساسة الالمان وقمع توجهاتهم لاتخاذ خطوات مستقلة تتجاوز حدود المصالح الاسرائيلية وتركز على مصالح المانيا الحيوية.
فهل نجح هرتسوغ في ابتزاز الالمان وإقناعهم بالتوقف عن دعم الاتفاق النووي والضغط على ادارة بايدن لتمرير الاتفاق؟
أم أن برلين ستحافظ على موقفها الداعم للاتفاق النووي للخلاص من الكساد والانكماش الذي بات يطرق ابواب القارة الاوروبية.
فتح أبواب البوندستاع لهرتسوغ لمخاطبة ممثلي الشعب الألماني لن يوفر الدفء للألمان الشتاء المقبل؛ و لن يعالج مشكلة الركود والتضخم؛ ولن يوقف حرب أوكرانيا ولن يخفض فاتورة الكهرباء للمواطن الألماني.
فخطاب هرتسوغ وان وجد صدى في البوندستاع فانه لم يكن له ذات الصدى في الشارع الالماني الذي عاني الغلاء وخرج في تظاهرات احتجاجا على ارتفاع الاسعار والغلاء في برلين وعدد غير قليل من مدن المانيا.
تظاهرات اخذت في الانتشار في ارجاء أوروبا من التشيك الى ايطاليا و فرنسا؛ فهل سيستمع ممثلي الشعب الالماني في البوندستاغ لهرتسوغ ام لنبض الشارع في المدن الالمانية.
هل ستقنع التظاهرات الأوروبية قادة الكيان الصهيوني بالتوقف عن معارضة الاتفاق النووي ام تقنعهم التعويضات الالمانية الامريكية العسكرية والاقتصادية.
في كلا الحالتين فان الكيان الصهيوني أثبت مهارة عالية في ابتزاز ألمانيا على مدى عقود طويلة؛ فالابن يتسحاق هرتسوغ سر ابيه الذي زار المانيا الغربية قبل عقود وألقى خطاب لا يختلف من حيث الجوهر عما قاله الابن يوم أمس الثلاثاء؛ بأن على الألمان أن يدفعوا الثمن مضاعفا؛ فهل يستطيع الألمان فعل ذلك في زمن الحرب والاستننزاف مع روسيا؟
إنه سؤال مفتوح فحجم التغير في المزاج الاوروبي وعمقه لازال مجهول القيمة والاثر؛ ولا زلنا نشهد فصوله الاولى فقط.

* حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية

المصدر: السبيل – عمان

موضوعات تهمك:

الحظر الأوروبي على روسيا والمفعول العكسي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة