هل انتصر بشار الأسد؟!

محرر الرأي9 يناير 2019آخر تحديث :
لم يكن

هل انتصر بشار الأسد؟!

  • الطرف الذي ينتصر عسكرياً انتصاراً حاسماً قد ‏يُهزم سياسياً هزيمة مطلقة!
  • هناك هذيان بالعظمة وشعور بالنصر في دمشق، وعلى ذلك مؤشرات.
  • الانتصار يعني إزالة مظاهر الحرب وعودة الحياة المدنية وعدم تعليقها على شماعة ‏ إعادة الإعمار، وليس سلوكا انتقاميا عسكريا.

 

بقلم: ظافر محمد العجمي

في مقابلة له قبل سنوات، قال الرئيس السوري رداً على سؤال عن كيف يريد التاريخ أن يشير له، فقال: «سيكتب التاريخ أنني الرجل الذي أعاد توحيد سوريا».

ورغم إيماننا العميق بأن علينا التسليم ‏للزمن بحقه في توضيح الرؤية في سوريا، وأن شخصيات بالغة الصغر قد مرّت وسيمر غيرها أمام نافذة التاريخ الواسعة دون أن تترك اسمها، إلا أننا ‏لا نستطيع تجاوز أن هناك هذيان بالعظمة وشعور بالنصر في دمشق، وعلى ذلك ثلاثة مؤشرات:‏

– تحركات حزب البعث العربي الاشتراكي عبر مؤتمرات ليست لكبار كوادره فحسب، بل لمنظمات طلائع البعث الصغار ‏بنغمة الثورية والمقاومة والصمود بإزالة الآثار الفكرية والإرهابية المفروضة على الشعب السوري.‏

‏- عودة تماثيل حافظ الأسد من المخازن والصناديق – بعد أعوام على إزالتها خوفاً من تحطيمها- إلى ساحات محافظات ‏سوريا الخاضعة لسيطرة النظام بانتظار تطويع الناس لتقديسها.‏

‏- إعلان النظام عن لائحة تمويل الإرهاب التي ضمت 615 شخصاً و105 كيانات من جنسيات عربية وأجنبية في ‏غالبيتهم سوريون، يليهم السعوديون وعددهم 67، ويليهم في المرتبة الثالثة اللبنانيون وعددهم 42 شخصاً، في حين ‏جاء الكويتيون في المرتبة الرابعة وعددهم 30 كويتياً، فيهم نواب ووزراء حاليون وسابقون وسفراء ودعاة‎.‎

‏‏لكن دمشق تتجاهل واحدة من أعمق الجدليات في التاريخ، فالمكوّن الذي ينتصر عسكرياً انتصاراً حاسماً قد ‏يُهزم سياسياً هزيمة مطلقة، فقد انهزم سياسياً بوش الأب وهو المنتصر في عاصفة الصحراء، وقبله تشرشل وهو المنتصر في ‏معركة بريطانيا بالحرب العالمية الثانية، ثم ديغول وغيرهم كثير.

فبشار الأسد قد أثبت أنه قادر على العمل على كل أنواع فرضيات‏ الصراع، وفي ذلك ‏مقتله، فلديه مخزون من العنف يكفي جيلاً كاملاً، والقراءات التي شكلت معجمه هي المقاومة والصمود والحرب والإرهاب والقتل.‏

وفي ‏محاولة جادة تلتزم الحياد في مقاربة المشهد السوري بعد انتهاء العنف، نعيد التذكير أنه أعاد بناء ‏تماثيل والده بدل إنشاء مجالس محلية لنشر ثقافة السلم والسلوك المدني، ونشر مفاهيم التعايش ‏المجتمعي بعد الصراع.

وبدلا عن وضع قوانين بلدية تحد من عودة السكان لتغيير التركيبة ‏الديموغرافية، وتهدف إلى تعقيد عودة النازحين إلى منازلهم، فإن انتهاء الحرب في العرف الدولي وفي ‏الحروب الحديثة، يعني إزالة آثار الحرب فوراً، بدل تعليقها على شماعة خطط إعادة الإعمار!

وذلك ‎بإرجاع الخدمات الأساسية وتعبيد الطرق وطمر حفر انفجار الألغام والقنابل، وإزالة السيارات المحترقة، وإعادة المياه الصالحة للشرب ‏والكهرباء بعد هدم الأبنية الآيلة للسقوط، وترميم ما يمكن ترميمه بطرق مهنية لمساكن كل فئات المجتمع، ‏ثم فتح المستشفيات والمدارس مع استبدال المناهج الدراسية القديمة التي لا تواكب ما يجري في العالم‎.

يعني الانتصار إزالة جميع مظاهر الحرب وعودة الحياة المدنية إلى طبيعتها، وعدم تعليقها على شماعة ‏خطط إعادة الإعمار، وليس توجيه الحكومة جميع جهودها ومواردها نحو الأغراض الانتقامية العسكرية بدل ‏إقامة وزارة إزالة آثار الحرب‎.

* د. ظافر محمد العجمي أكاديمي كويتي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج.

 

المصدر: العرب – الدوحة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة