نهاية الطائرة الحلم

أسامة صادق16 فبراير 2019آخر تحديث :
نهاية الطائرة الحلم

نهاية الطائرة الحلم

لم تكن مفاجأة كبرى لصناعة الطائرات التجارية العملاقة ان يتحول  الحلم الى كابوس و المقصود هنا قرار وقف تصنيع الطائرة العملاقة ايه 380  التي وصفت بمعشوقة المسافرين التي يخشاها المحاسبون قبل أن تخرج عن المضمار في أعقاب قرار شركة  “إيرباص” وقف إنتاجها بعد خدمة استمرت 12 عاما بسبب ضعف المبيعات و ارتفاع تكلفتها

وقرار وقف إنتاج الطائرة العملاقة هو آخر إجراء في واحدة من أكبر المغامرات الصناعية في أوروبا، ويعكس قلة الطلبات  من رؤساء شركات الطيران غير الراغبين في دعم رؤية إيرباص للطائرات الضخمة في مواجهة الاختناقات بالمطارات

وتنمو حركة الطيران بوتيرة تقترب من أن تكون قياسية، لكن هذا خلق طلبا بشكل أساسي على الطائرات مزدوجة المحركات، وهي طائرات خفيفة بما يكفي للطيران مباشرة إلى أي وجهة يريدها المسافرون، بدلا من الطائرات ذات الأربع محركات التي تضطر المسافرين إلى تبديل الطائرات في المطارات الكبرى. وبينما يقول الداعمون الأوفياء، مثل ” طيران الإمارات”  العميل الأكبر، ان الطائرة الشهيرة التي تحوي 544 مقعدا تحقق ربحاً عندما تكون ممتلئة عن آخرها، فإن كل مقعد شاغر من المحتمل أن ينخر في أموال شركات الطيران نظرا لأن الطائرة العملاقة تحتاج الكثير من الوقود لتحلق بجناحيها في الفضاء الفسيح

و كانت الطائرة العملاقة يشار لها بالبنان في يوم من الأيام باعتبارها النظير الصناعي للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو). وتتزامن نهاية هذا الرمز الأوروبي المعروف عالميا مع تنامي التوترات السياسية بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، حيث تُبنى الطائرة  وهذا ما  يتناقض بشكل واضح مع ما بدا من وحدة أوروبية وتفاؤل عندما أزيح الستار عن أيقونة هندسة الفضاء أمام زعماء أوروبا في عام 2005 .

أقرأ/يضا : باكستان تتخذ إجراء لعدم إزعاج الموظفين بزيارة بن سلمان

ووصف توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ،الطائرة «إيه380» بأنها ” رمز للقوة الاقتصادية” ، بينما قال خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو، رئيس وزراء إسبانيا وقتها، أنها تمثل “تحقيقا لحلم ” .

و كانت الطائرة الأوروبية العملاقة مثارا لإعجاب المسافرين بجناحيها الأشبه بجناحي الطائرة بوينج747، واللذين يغطيان مساحة تتسع لسبعين سيارة. وتسابقت شركات الطيران في البداية لتقديم طلبيات، متوقعة أن ذلك سيخفض نفقات التشغيل ويعزز الأرباح في قطاع تضرر من تباطؤ في السياحة منذ سبتمبر 2001 .

وكانت إيرباص تتباهى بأنها ستبيع ما بين 700 و750 طائرة من طراز إيه380، التي تتكلف الواحدة منها اليوم 446 مليون دولار بالسعر المعلن، والتي كان يؤمل بأنها ستجعل بوينج747 إرثا من الماضي .

أقرأ/ي أيضا :مؤتمر الزواج السرى بوارسو 

لكن في واقع الأمر، تجاوزت طلبيات شراء إيه380  بالكاد عتبة الثلاثمئة طائرة، بينما بقيت  بوينج747  في السوق أكثر من منافستها، حيث بلغت الخمسين من العمر هذا الأسبوع .

فعلى الرغم من الحديث العلني عن الوحدة، كانت المهمة الضخمة على وشك أن تُعرّي مواطن الضعف في التعاون الفرنسي الألماني، والتي أطلقت شرارة انهيار صناعي. وعندما وصلت الطائرة المتأخرة في نهاية المطاف إلى السوق عام 2007، كانت الأزمة المالية العالمية بدأت تكشر عن أنيابها، ولم تعد هناك حاجة للحجم والترف، وتباطأت المبيعات .

أقرأ/ي أيضا :صفقة تبادلية في الافق بين انتر ميلان و اليوفنتوس 

في الوقت ذاته، فإن صُنّاع المحركات، الذين كانوا قد وعدوا «إيرباص» بكفاءة لا يعلوا عليها غيرها بمحركاتهم العملاقة الجديدة، كانوا يطورون تصاميم أكثر كفاءة للأجيال المقبلة من الطائرات ثنائية المحركات، التي تنافس إيه380.

وفي النهاية، بدأ مجلس إدارة “إيرباص”  يطلب من مقدمي طلبيات الشراء مراجعة الاتفاقات السابقة وأسعارا أعلى بعدما باتت الطائرة في حاجة إلى إعادة تدشين واستثمارات جديدة، وفقا لما ذكرته مصادر من داخل القطاع. وقال مصدر مقرب من الموضوع لقد كانت ضربة ثلاثية .

والآن، يسعى رؤساء الشركات للحصول على تطمينات بأن «إيرباص» ستواصل دعم طائرتها بقطع الغيار لسنوات مقبلة. وقد استثمر الكثيرون في الطائرة العملاقة بوصفها طائرتهم الرائدة، بينما أنفقت المطارات أيضاً الكثير من المال على منشآت جديدة لاستقبالها وخدمتها.

وتصر طيران الإمارات على أنها تلعب بنزاهة وفقا لقواعد السوق العادلة، ووصفت الطائرة إيه380 بأنها ” جاذبة للركاب” . وقال رئيس مجلس إدارتها أنه شعر بخيبة الأمل لنهاية الطائرة “إيه380” ، لكنه قال أيضا ان الشركة تقبل بأن هذه هي حقيقة الموقف

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة