من يريد إشعال لبنان؟

محمود زين الدين15 ديسمبر 2021آخر تحديث :
لبنان

مذبحة «برج الشمالي» وراءها أطراف خارجية ولو كان المنفذون فلسطينيين فالمؤكد أنهم ينفذون أجندة خارجية مشبوهة، أو تم استدراجهم.

مجزرة البرج الشمالي محاولة لإشعال الأوضاع في لبنان، والذين يقفون وراءها كانوا يستحضرون مذبحة «عين الرمانة» التي كانت شرارة الحرب الأهلية

مجزرة لا يفسرها الانقسام الفلسطيني ولا تُدرج في سياق الصراع التقليدي بين فتح وحماس خاصة في لبنان الذي لم يشهد خلافات بين الحركتين وصلت اقتتالا مسلحا.

* * *

بقلم: محمد عايش

الجريمة البشعة والمجزرة الوحشية التي حدثت في مخيم «البرج الشمالي» جنوبي لبنان لا يُمكن أن تكون معزولة عن محاولات إشعال الفتنة فيه، وضرب حالة الاستقرار، ولا يُمكن قراءتها بمعزل عن الحصار الذي يتعرض له لبنان، وحملة التحريض غير المسبوقة التي يتعرض لها حزب الله وأصدقاؤه، ومحاولات إفشال أي تقدم في العملية السياسية.

مجزرة «البرج الشمالي» هي محاولة جديدة لإشعال الأوضاع في البلد، والمؤكد أن الذين يقفون وراءها كانوا يستحضرون مذبحة «عين الرمانة» في 1975 التي كانت الشرارة التي أدت إلى إشعال الحرب الأهلية المدمرة في لبنان.

بل ربما يكون الحريق الذي التهم مسجداً، ثم مخزناً لمساعدات مخصصة لمرضى كورونا، كان مفتعلاً هو الآخر، وكان يُراد له أن يؤدي الى كارثة في المخيم على غرار ما حدث في مرفأ بيروت، لكن في الجنوب هذه المرة.

اللافت في الهجوم المسلح الذي استهدف المشاركين في تشييع القيادي الحمساوي حمزة شاهين، هو أنه جاء بشكل مفاجئ ومن دون أي توترات سابقة بين فتح وحماس ولا بين أي من العائلات في المخيم، هذا فضلاً عن ممثلين عن الفصائل الفلسطينية ووجهاء المخيم وبعض اللبنانيين اجتمعوا في اليوم السابق للجنازة واتفقوا على الترتيبات الخاصة بها، من دون أي خلافات أو صراعات.
وهذا يعني أن هذه المجزرة لا يُمكن تفسيرها بأنها أحد إفرازات الانقسام الداخلي الفلسطيني، ولا إدراجها في سياق الصراع التقليدي بين فتح وحماس، خاصة في لبنان الذي لا يشهد في العادة، ولم يشهد من قبل، أي خلافات بين الحركتين وصلت حد الاقتتال المسلح.

أغلبُ الظن أن مذبحة «برج الشمالي» تقف خلفها أطراف خارجية، حتى إن كان المنفذون الذين يقفون خلفها فلسطينيون، فالمؤكد أنهم ينفذون أجندة خارجية مشبوهة، أو تم استدراجهم من قبل أطراف خارجية مشبوهة.

وهذه الأطراف الخارجية هي ذاتها التي تفرض حصاراً اقتصادياً وسياسياً على لبنان، وهي ذاتها التي حاولت وتحاول إسقاط الحكومة اللبنانية، للإبقاء على الأزمة السياسية في البلاد.

وهذه الجهات هي التي تقوم يومياً بشن حملات تحريض ممنهجة ضد حزب الله وغيره، من أجل الإيحاء بأنه ومعه أصدقاؤه سبب الأزمات المتلاحقة التي تشهدها البلاد بما فيها الأزمة المعيشية.

الذين دبروا جريمة مخيم «البرج الشمالي» كانوا يريدون إشعال اقتتال داخلي في المخيم، ربما يمتد الى مخيمات أخرى، ومن ثم إلى أماكن أخرى في لبنان، وهؤلاء يريدون أولاً إضعاف لبنان وخلق مزيد من المشاكل له في الداخل.

ويريدون ثانياً إضعاف الفلسطينيين القريبين من الحدود مع أراضيهم، وهم تكتل فلسطيني بالغ الأهمية، يبعد عن شمال الأراضي الفلسطينية عشرات الكيلومترات فقط، ويُمكن أن يشارك في أي مواجهة مقبلة مع الاحتلال، إذا كان لبنان طرفاً فيها.

من يستطيع أن يقرأ جريمة «برج الشمالي» في هذا الاطار يُدرك أن المطلوب هو ضبط النفس أولاً وأخيراً، وضرورة إفشال مخطط زعزعة الاستقرار في لبنان، ومساعي ضرب الصف الفلسطيني في المخيمات، وهذا يستدعي بالضرورة البدء بحوار فتحاوي حمساوي مشترك ومفتوح في لبنان، لضمان أمن وسلامة الفلسطينيين واللبنانيين.

كما أنّ المطلوب من حركة فتح وأجهزة الأمن الفلسطيني واللبناني، أن تفتح تحقيقاً شاملاً وموسعاً في المجزرة من أجل التوصل إلى ملابساتها الكاملة، ومعرفة من يقف خلفها وكيف تم استدراج الفاعلين لارتكاب هذه الجريمة.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر| القدس العربي

موضوعات تهمك:

حريق التجارب .. وصنائعه

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة