معركة الوعي 81: ( إذا تحرك الضمير تحرك التاريخ)

الساعة 2518 يناير 2022آخر تحديث :
الوعي

نشر كاتب يدعى نبيه البرجي، مقالا هاجم من خلاله القيادي في حركة المقاومة الفلسطينية حماس، إسماعيل، هنية وما أسهل أن تهاجم هذه الشخصية، وفي الوقت ذاته، فإن تواطؤ غريب سيتم، لا لشئ سوى أنك لا تهاجم شخص الرجل، وإنما تهاجم ضمنيا ما يقومون به في غزة: مقاومة الاحتلال!

المقال المنشور في موقع “الديار” يقول التالي:

“لكي ندرك مدى المسافة (الضوئية) بيننا وبين القرن، بيننا وبين التاريخ، والعالم، هذا كلام لزعيم ثوري يقاتل لازالة الاحتلال، الاحتلال التوراتي عن بلاده. اسماعيل هنية قال في مقابلة أجراها معه علي الظفيري على قناة الجزيرة، “نحن جزء من … الأمة السنية”!
الآتي من مدرسة ايديولوجية ترفع شعار “الإسلام هو الحل”، أحاطنا علماً بأن هناك أمة سنية، وأمة شيعية، وأمة درزية، وأمة مارونية، وأمة كاثوليكية، وأمة أرثوذكسية. استطراداً أمة يهودية. غريب أن اليهود وحدهم لم يبعثروا الله بين الخنادق، أو بين المذاهب. ربما كانت هناك تباينات في تأويل بعض المسائل الميتافيزيقية، ولكن دون حدوث أي تصدع لاهوتي أو حتى طقوسي.
على كل سبق لجمال خاشقجي الذي قتل، حسبما تردد بأيد سنيّة، وكتب في جريدة “الحياة” أن الشرق سني. لا مكان للآخرين الا كجاليات طارئة، والا كأهل ذمة يفترض بهم أن يكون رعايا الدرجة العاشرة. الحاخام مئير كاهانا كان يرى في العرب كائنات ما دون البشرية. قد تكون سقطت سهواً من سروال يهوه..

الظفيري وقد حاور بعض المفكرين العالميين الذين يحفرون في الزمن، للوصول الى ما بعد الزمن، صدمنا بالسؤال عن حالات تشيّع قي غزة. ارتبك هنية وقال ان المسألة قيد المعالجة باعتبار أن لكل من السنّة والشيعة، الههم الخاص، ونبيّهم الخاص , وقرآنهم الخاص.

هل كان ثوري مثل تشي غيفارا، أو مثل اميليو زاباتا، أو مثل هوشي منه، يفكر بالفصل بين الانسان والانسان، ما يتناقض وتعاليم الانجيل، وتعاليم القرآن، ناهيك عن تعاليم الداماباد، الكتاب المقدس لدى البوذيين؟
هذا ما يحدث في سائر المجتمعات العربية والاسلامية . محمد أركون لم يحذر فقط من ارتداء عباءة الشيطان. حذر من الذوبان (الأخلاقي) في الشيطان.
لندع أدونيس يقول ونشاطره القول، هذه أمة آيلة الى الانقراض، وحيث زال كل أثر للعقل في رؤية الله وفي رؤية العالم. الأميركي روبرت كاغان بلغ به الازدراء حد القول اننا ملأنا “ذلك الشرق المقدس حيناً بالدماء وحيناً بالوحول”. يا لقداسة أميركا!

حين ينشغل الآخرون (وقد جزم فقهاؤنا الأفاضل بأنهم من أهل جهنم)، بالبحث عن لقاحات للكورونا، ولكل مشتقات كل تلك السلالة المجنونة، وحين ينكب علماء منهم على مطاردة الأمراض السرطانية، وحين يفتشون عن أي أثرللحياة على أي كوكب آخر بعدما بدا أن الكرة الأرضية شاخت، أو هي في طور الاحتضار بسبب الاختلال الذي أحدثته البشرية في التوازن المناخي، ننهمك نحن في تأجيج الصراع بين السنّة والشيعة. وهذه باتت بضاعة العديد من رجال الدين الذين دمروا الجوهر الالهي، والجوهر الانساني، بالتأويل الزبائني للنص.
نعود الى ما قاله المؤرخ اليهودي اسحق دوتشر، في كتابه “اليهودي واللايهودي” حول ما دعاها”العبقرية اليهودية” وقد عزاها الى كون اليهود عاشوا على تخوم الحضارات وفي داخلها.
هكذا وصف دافيد بن غوريون مفاعل ديمونا في النقب بـ”هيكلنا الآخر”، وهكذا رأى حاييم وايزمان في معهد التخنيون (المعهد الاسرائيلي للتكنولوجيا) الذي بوشر العمل فيه عام 1924 , على أنه الدليل القاطع على “أننا ندرك المعنى الحقيقي للحياة”. وايزمان الذي كان عالماً , وأختير أول رئيس للدولة بعد رفض ألبرت اينشتاين تولي المنصب، وصف العرب بالقبائل التي لا تعرف كيف تعيش ولا تعرف كيف تموت.
اذا كان هناك من أمة سنية , أين هي هذه الأمة من التراجيديا الفلسطينية؟ الفلسطينيون، كما قال هنية، جزء من هذه الأمة . الأمة الرهينة للأزمنة الغابرة..
لكن هذه هي نظرية “الاخوان المسلمين” الذين ثمة من يجاريهم على الضفة الشيعية التي لا تخلو من أولئك الذين كرسوا ثقافة التفرقة، وثقافة التكفير (تابعوا الشاشات الصفراء من لندن وغيرها)، ودون أي اعتبار للتسونامي الحضاري، وللتسونامي التكنولوجي، الذي قد ينقل الانسان الى ما بعد الانسان.
المشكلة أننا ندخل القرن، وكما قال محمد الماغوط مثلما تدخل الذبابة الى غرفة الملك. على الأقل تنظر الذبابة بدهشة الى كل ما يحيط بها. من زمان فقدنا حتى المعنى الشاعري للدهشة..
حفيد (أقدم أبجدية في التاريخ).. انتهى”.

هذا المقال كما هو واضح يهاجم إسماعيل هنية، ويمجد أدونيس، ويقلل من نضال شعب يقع كله تحت الحصار، فاذا كان هنية قد قال مثل هذا الكلام فلا شك انه كلام مرفوض، ولا شك انه يحاول ان يبعد عن نفسه وحركته ما تواجهه دائما من اتهامات بأنها قريبة من التشيع، و تدور في المحور الايراني.

لكن ان يكون ادونيس مرجعا فكريا او وطنيا او اخلاقيا او عروبيا او اسلاميا او حضاريا، كما يزعم كاتب المقال، فهذا يدخل في باب الهلوسة، ولكي اسجل رأيي بكل صدق، فأدونيس هو المثال الافضل للشخصية الطائفية النرجسية التي تقف مع الفساد والاستبداد فقط لان خيالها المريض صور لها ان الثورة السورية تخرج من المساجد السنية، اما هنية فيكفي انه يحمل البندقية دفاعا عن قضية سامية، بوجه الاحتلال الصهيوني، وفي الوقت ذاته يتعاون مع حزب الله الشيعي، وإن كان كلامه خطأ يستحق الادانة، فإن ممارساته نبيلة وليست طائفية على عكس (ادوفطيس).

ان اقتطاع جملة واحدة من نضال الشعب الفلسطيني، وفصله عن سياقه، وتوظيفه طائفيا، ليجد مبررا لهجوم طائفي على العروبة والاسلام، دون ان ينسى ان يمدح به الطائفية الصهيونية التي أسماها العبقرية اليهودية  ممثلة بـ”وايزمان وبنجوريون”، والعبقرية والطائفية النصيرية ممثلة بأدونيس، ثم ينتقل لشتم العرب على لسان الماغوط،  ويدور في فلك التحريض الطائفي للإساءة الى رمز من رموز الشعب الفلسطيني، ورمز من رموز المقاومة الاسلامية، واتهامه بالتخلف والطائفية، يدل على ان كاتب هذا المقال الذي طاب له ان يسمي نفسه “حفيد أقدم أبجدية في التاريخ” اثبت انه ليس الا حافر  طائفي و “حفير ابجر قدم في البعير”.

موضوعات تهمك:

وزير صهيوني يطالب باغتيال هنية والسنوار

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة