مزاعم وانحرافات العقيدة الصهيونية اللاهوتية

أحمد عزت سليم1 يوليو 2019آخر تحديث :
حقيقة أكاذيب الكيان الصهيونى

مزاعم وانحرافات العقيدة الصهيونية اللاهوتية

البناء الأسطورى هو نتاج جماع مزاعم الانتصارات وانحراف العقيدة وتداخل المصادر والتناقض العلمى كأدوات تم استخدامها لصياغة المعتقد الدينى واستيعابه فى كل واحد فكما رأينا فإن القصص محرفة تاريخياً ولم تقع فى الواقع الموضوعى الإنسانى كما تحدث بها الإله ،  ثم هى  لا يقبلها العقل ،  هكذا الأسطورة بالمغايرة لكل من المبدأ العقلانى والتاريخ تعنى ما لايمكن أن يوجد فى الحقيقة (1) ومن ثم كما يرى بعض أصحاب التفسير النفسى للأسطورة أنها عملية إخراج لدوافع داخلية (2) لقبائل تحولت من حالات التناحر مع ذواتها المتعددة الأصل والجذر إلى التناحر مع الأغيار وهى فى مرحلة تحولها هذه صاغ كهنتها ما عرفوه من ثقافات ومعارف وديانات وحضارات الشعوب الأخرى التى عاشوا بين ظهرانيها، ما عبروا به عن طموحاتهم العنصرية والمرضية وطبيعتهم الدموية، كتعبير نخبوى عن جماهير وجموع متعطشة للدماء، فبررت السلوك وأراحت النفوس بشعائرها الدينية ومفردات التقاليد والعقائد وجوانيات الدوافع والبواطن، فدمجت الحدث الواقعى بالمسروق التاريخى واختراعات الكهنة وافتراءاتهم بما هو أسطورى.

وقد جاء فى دانيال (5: 1-31) من أن الملك “بيلشاصر” بن “نبوخذ نصر -عنصر حقيقى وتاريخى- أقام وليمة استعمل فيها أوانى الذهب والفضة التى أخذها أبوه من هيكل أورشاليم -افتراء-  ثم آنس الملك بعد ذلك يداً بشرية تخط على جدران قصره -عنصر أسطور -كتابة مستعجمة- إختراع –  فوجل قلبه واصطكت ركبتاه،  وهنا أشارت عليه الملكة أن يفزع إلى دانيال الذى جاء هادراً والذى يعنف الملك  لأنه احتسى الخمر فى الآنية المجلبة من هيكل سليمان -تلفيق- ثم قرأ ما كتب على الجدران على أنه “منا منا ثقيل وفرسين” وأن معناها “منا أحصى الله ملكوتك وأنهاه” تقبل وزنت بالموازين فوجدت ناقصاً،  فرس قسمت مملكتك وأعطيت لمادى وفارس،  ويستطرد السفر فى الرواية فيقول أنه “فى تلك الليلة قتل بيلشاصبر ملك الكلدانيين، فأخذ المملكة داريوس المادى ومن الغريب أن التوراة لم تشر حتى أن الملك قد أنكر على دانيال جرأته وتطاوله عليه، ولا جبهه إياه بهذا النذير الذى يتهدده هو وبلاده، ولم يفرط عليه فى القول، بل أن التوراة -ويا للعجب- تخبرنا أنه أعلن رضاه عنه – وأعلى منزلته وجعله ثالث ثلاثة فى مملكته، وأول ما يلاحظ على هذه القصة أن التاريخ العالمى لم يعرف ملكاً يدعى “داريوس المادى” قتل بليشامر ملك الكلدانيين، بل أن بيلشاصر نفسه لم يكن ملك على الكلدانيين، كما أنه لم يكن ابنا للملك “نبوخذ نصر” ولا خليفة له ذلك أن خليفته كان ابنه “ويل مردوخ” ثم خلفه زوج أخته وأحد قواد أبيه ” نرجال يسارأوصر ” (نريجليسار) ثم خلفه ابنه “لباشى مردوخ ” وكان طفلاً ذبح بعد تسعة أشهر ليحل محله “نبونيد” آخر ملوك بابل.

وهكذا يبدو واضحاً أن “بيلشاصر” ليس ابنا لـ “نبوخذ نصر” ولا خليفة له هذا فضلاً عن أن الذى استولى على بابل كان “قورش ” عام 539 ق . م، وليس “داريوس المادى” وحتى لو كان دانيال يقصد به “دارا الأول” فمن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن بابل قد سقطت فى أيدى الفرس على عهد جده ،  وليس على عهده هو، بل وقبل بداية حكمه بحوالى سبعة عشر عاماً وهناك أخيراً الخطأ فى رواية دانيال (2: 4) من أن الكلدانيين قد كلموا الملك بالأرمية، وذلك أنه ليس من طبائع الأشياء أن يتحدث أهل بابل إلى ملكهم بلسان اليهود (3) هكذا التاريخ المتعمد الذى دُمج فى الحدث بالمسروق وبالتلفيق وبالأسطورى وبما هو طقوسى وبما هو ذرائعى وليصير كل هذا كلا بنائياً- وكما يقول كلود ليفى شتراوس: “أنه مع الأسطورة يصبح كل شئ ممكناً” (4)،  يدفع إلى كراهية الأغيار وتكريس مخاوف الاندماج و بشاعة السلوك كشعور كامن وسلوك دفين احتوى هذه الجماعات فى بنية يقوم فيها الفرد مقام الإله، والإله مقام الفرد، والشعب مقام الإله والإله مقام الشعب، والفرد مقام الشعب والشعب مقام الفرد دفعاً فى التعاضد للكراهية والدموية.

وبحيث تكون هذه العلاقات كالحقائق الأسطورية لا تقبل جدالاً أو نقاشاً وتكون أقرب إلى المحرمات (5) ولكنها تختلف عن عالم الأسطورة فى أنها لم تنبعث عن عمليات انفعالية إنسانية عميقة لكنها تنبعث من عمليات عقلية لا تهدف إلى التعبير عن الإنسان بقدر ما تهدف إلى تلفيق الحقائق وتزييفها لتغلب أفكار النخبة الكهنوتية حتى تملكت أغوار الأتباع الأفراد والشعب والإله وصارت كالشخصيات الأسطورية مثالية، ونموذجية فى الأغلب كما أنها قد تتشكل فى أشكال كثيرة وتجمع بين خصائص وصفات متباينة وتتراوح بين الخير والشر وارتكاب كل أنواع الجرائم والموبيقات وتقوم بينهما كل أنواع العلاقات التى يمكن تصورها (6)، البطل منهم يخضع لتحولات سحرية ويقوم بأفعال خارقة هى انعكاسات لرغبات وأمان مكبوتة تنطلق من عقالها بعيداً عن رقابة العقل الواعى الذى يمارس دور الحارس على بوابة اللاشعور، هكذا كان ياروخ جولد شتاين مرتكب مذبحة الحرم الإبراهيمى كشمشون، وهكذا كان داود وسليمان وسائر أبطال القصص التوراتى الإسرائيليين.

المراجع:

  • زنون كوسيدوفسكى، الأسطورة والحقيقة فى التوراة، الأهالى للطباعة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى ـ 3/ 1996 ، ترجمة: محمد مخلوف  ص44
  •  الأسطورة والحقيقة فى التوراة  ص47
  • دراسات فى تاريخ الشرق 2 أسرائيل  ص119
  • الأسطورة والحقيقة فى التوراة ص89
  • الأسطورة والحقيقة فى التوراة  ص93
  • الأسطورة والحقيقة فى التوراة ص102

 

موضوعات تهمك:

تناقضات النص التوراتى العلمية

التصرفات الإجرامية الصهيونية تجسيدا للإله

العنصرية الصهيونية .. أولاد الرب تدمير وتخريب وإبادة

أسباب وماهية استمرارية خوف الكيان الصهيونى

 خفايا الحملة الصليببية لترامب

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة