ليكن التركيز على التمويل والخسائر والأضرار

الساعة 2518 نوفمبر 2022آخر تحديث :
التمويل

يتعين على مجموعة ال 77+الصين (مجموعة الدول النامية)، أن تركز جهودها التفاوضية، على القضيتين الرئيسيتين، وهما التمويل، والخسائر والأضرار.

حتى الآن لم تتمكن من تحقيق هدف إنشاء صندوق لتعويض الدول النامية المتضررة من أعاصير وسيول الكوارث الطبيعية الأخرى التي تتعرض لها جراء التغير المناخي.

يجب تجيء التدفقات المالية المناخية من الدول المتقدمة للدول النامية، في صورة منح وليس في صورة قروض.

* * * *

بقلم: د. محمد الصياد

ينعقد هذه الأيام مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لتغير المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية، في ظل ظروف عالمية غير مواتية، لا من الناحية السياسية، حيث علقت الصين تعاونها مع أمريكا في ما خص المفاوضات الثنائية المسهلة للتوافق بين كافة أطراف التفاوض المناخي؛ ولا من الناحية الاقتصادية، حيث أهدرت أوروبا أموالاً ضخمة لتمويل الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعني عملياً تطيير موضوع التمويل من سلة القضايا التي يمكن أن يحقق فيها المؤتمر بعض الاختراقات؛ واضطرار بلدان أوروبا في ضوء أزمة الطاقة التي تواجهها نتيجة لعقوباتها على النفط والغاز الروسيين، إلى إعادة فتح مناجم الفحم من جديد. إضافة إلى المعوقات التقليدية الحاضرة دوماً على طاولة التفاوض، ومنها الخلافات حول أولوية الثالوث المناخي: التخفيف (خفض الانبعاثات)، والتكيف مع الظواهر المناخية السلبية، وتمويل برامج ومبادرات التخفيف والتكيف، وتلكؤ البلدان الأوروبية وأمريكا في الوفاء بالتزاماتهما المالية.

لذلك، لتفويت الفرصة أمام المحاولات المعتادة لتبديد وقت المؤتمر وتشتيت جهود المفاوضين في قضايا فرعية، يتعين على مجموعة ال 77+الصين (مجموعة الدول النامية)، أن تركز جهودها التفاوضية، على القضيتين الرئيسيتين، وهما التمويل، والخسائر والأضرار. نعلم أن دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، لا تحبذ مقاربة هذين الموضوعين الحساسين.

فيما يتعلق بالأضرار والخسائر، فقد وقفت سداً منيعاً في اجتماعات بون التحضيرية التي عقدت خلال الفترة من 31 مايو إلى 16 يونيو 2022، أمام محاولات الدول النامية لتحديد الالتزامات المالية (تمويل برامج ومبادرات خفض الانبعاثات «التخفيف»، والتكيف في الدول النامية المهددة بما يسمى اصطلاحاً مناخياً، الخسائر والأضرار (Loss and damage) الناتجة عن تسارع وتيرة الكوارث الطبيعية المتطرفة، كإحدى ظواهر تغير المناخ. فقد رفضت دول الاتحاد الأوروبي إنشاء مرفق تمويل مخصص لقضية الخسائر والأضرار، ورفضت إدراجه على جدول أعمال مؤتمر الأطراف في مصر. وكان هذا الموضوع قد أُقر في مؤتمر الأطراف ال 19 في وارسو (نوفمبر 2013)، بإنشاء «آلية وارسو الدولية للخسائر والأضرار» الناتجة عن الظواهر الطبيعية المتطرفة والأخرى البطيئة الحدوث في البلدان النامية المعرضة بشكل خاص لآثار تغير المناخ. ومنذ ذلك الوقت نجحت الدول النامية في تثبيته على جداول أعمال كل جولات التفاوض، لكنها حتى الآن لم تتمكن من تحقيق هدف إنشاء صندوق لتعويض الدول النامية المتضررة من أعاصير وسيول الكوارث الطبيعية الأخرى التي تتعرض لها جراء التغير المناخي، ومنها بصفة خاصة الدول النامية الجزرية الصغيرة (Small Island Developing States – SIDS) بسبب مواقف أمريكا وأوروبا الرافضة لذلك.

فيما يتعلق بالتمويل، حتى اليوم لم تفِ الدول الغربية بوعدها الخاص بتأمين مبلغ 100 مليار دولار سنوياً كانت قد تعهدت في مؤتمر الأطراف الخامس عشر في كوبنهاغن عام 2009 بدفعها بحلول 2020.

وهذا أكثر المواضيع التي تكره أوروبا وأمريكا مناقشتها في المفاوضات. لذلك فقد وضعته الدولة المنظمة لمؤتمر جلاسجو (بريطانيا بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي) في آخر قائمة جدول أعماله، لذا لم يحظَ سوى بآخر يوم في المؤتمر لمناقشته.

بحسب صحيفة “Hindustan Times” الهندية (20 تشرين الأول/أكتوبر 2022)، سيكون تركيز الهند في مؤتمر شرم الشيخ على وضع تعريف للتمويل متفق عليه من كافة الأطراف؛ وإصدار قرار بشأن الهدف الجماعي الجديد المتعلق بالتمويل بعد عام 2025؛ وتقييم الالتزام الذي تعهدت به البلدان المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ بحلول عام 2020؛ والمسائل المتعلقة بالمادة 2.1 «ج» من اتفاق باريس التي تنص على جعل «التدفقات المالية متسقة مع مسار خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتنمية المقاومة لتغير لمناخ».

هنا يجب على الدول النامية أن تصر في مفاوضات هذا المسار، على أن تجيء التدفقات المالية المناخية من الدول المتقدمة للدول النامية، في صورة منح وليس في صورة قروض، كما فوجئت بذلك جنوب إفريقيا، حين اكتشفت أن 97% من تمويل خطتها للتحول بعيداً عن الفحم (نزولاً عند ضغوط الدول الأوروبية)، هو في صورة قروض واجبة الدفع.

بهذا المعنى، سيكون معيار نجاح مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في شرم الشيخ، مدى النجاح الذي سيتحقق بشأن موضوعي التمويل، والخسائر والأضرار.

*د. محمد الصياد كاتب ومحلل اقتصادي بحريني

المصدر: الخليج – أبو ظبي

موضوعات تهمك:

الاقتصاد الرقمي من وجهة النظر الشرعية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة