لماذا يجادل الابن المراهق؟

محمد كمال الشريف14 مايو 2019آخر تحديث :
لماذا يجادل الابن المراهق؟

لماذا يجادل الابن المراهق؟

حب الجدل والمحاججة:

كلما اكتسب الطفل قدرة جديدة نشأت لديه دافعية ورغبة في استخدامها، وممارستها، فابن الأربع سنوات الذي تعلم العد يعرض نفسه على الكبار كثيراً، وعند أية علامة لموافقة الكبار ينطلق ليعد حتى يبلغ أكبر رقم تعلمه، وكذلك المراهق الذي اكتسب العمليات المنطقية الصورية، فإنه مدفوع إلى استخدامها وممارستها، لقد أصبحت لديه قدرة جديدة… إنه قادر على تنظيم الحقائق، والأفكار، وعلى أن يصوغ قضية يدافع عنها بالحجج والبراهين، وتجاوز الطفولة عندما كان يرى الأشياء إما بيضاء وإما سوداء، إما جيدة وإما سيئة، إما صحيحة وإما خاطئة، حيث لا حلول وسط، لقد تجاوز هذه الطفولة العقلية، وصار قادراً على رؤية الظلال الرمادية بين الأبيض والأسود، أي: على إدراك تدرجات الجودة أو السوء، وعلى إدراك تدرجات الخطأ والصواب.

وفي هذه المرحلة لا يقنع المراهق بأمر من أمه أو أبيه يقول له: (افعل ذلك لأنني أنا أقول لك أن تفعله)… لقد كان مثل هذا الأمر كافياً له في طفولته، لكن الآن يريد أن يعرف الأسباب التي بموجبها عليه أن يفعل أو لا يفعل فإذا قال أحد الوالدين لمراهق أو مراهقة: (لا يمكنك الخروج اليوم إذ عليك واجب مدرسي، وعليك الاستيقاظ باكراً في الصباح لكي تذهب إلى المدرسة) يكون الرد المتوقع من المراهق من قبيل: (لكنني عملت الجزء الأكبر من واجبي اليوم، ويمكنني إتمامه في قاعة الدراسة في المدرسة غداً، ثم إنني لا أقدر أن أنام مبكرأً على أية حال).

إن أمثال هذه المجادلات ، على الرغم من أنها مزعجة للوالدين ، يجب أن ينظر إليها في إطار حقيقتها، وهي جهود من المراهقين لاستعمال قدراتهم على الجدل والمحاججة، والتدرب عليها، وإن كان لها دوافع أخرى أيضاً، لكن حب ممارسة القدرات الجديدة تجعل الإنسان يلجأ إليها بكثرة حتى يتقنها جيداً، ويطمئن إلى امتلاكه إياها.

وكثيراً ما يشتكي الآباء والأمهات من جدل أبناءهم وبناتهم في طور المراهقة، ويقولون: (لكنه يجادل من أجل الجدل) وهذا حق، إذ المراهق لا يجادل من أجل الأمر المعين موضوع الجدل فحسب، إنما هو يجادل ليمارس قدرته الجديدة على الجدل، وإذا أدركنا هذه الحقيقة، فإننا نستطيع التعامل مع جدل المراهقين بطريقة تشجع نموهم البنّاء، ويمكننا مساعدتهم على التمييز بيد الجدل كتمرين في المنطق والجدل كمحاولة إقناع جادة.

ثم إنه يمكننا مجادلة المراهقين في المبادئ ، والأسس، وتجنب مجادلتهم في الأمور المشحونة عاطفياً بالنسبة لهم، فالواجب المدرسي يجب أن ينجز لأنه جزء من عملية الذهاب إلى المدرسة، والانتظام فيها، ولأنه من الالتزامات التي يلتزم بها الطالب.. وقد يرغب المراهق في مناقشة هذا المبدأ، أو غيره من المبادئ، والأسس، وذلك أمر لا بأس فيه، إنما على الوالدين أن يتركوا دوافع المراهق وشخصيته خارج النقاش؛ لأنها موضوعات مشحونة عاطفياً بالنسبة له، وبإخراجها من مجال النقاش يمكننا أن نؤمن للمراهق ما يحتاج إليه من ممارسة للجدل وللمحاججة دون أن نزعجه، أو أن يزعجنا، ودن أن يتحول النقاش إلى نقاش في شخص المراهق، وبالتالي إلى دفاع من المراهق يظهر فيه العناد، والمكابرة، لأنه صار يدافع عن نفسه، لا عن فكرة مجردة، وصار يرى في انتقادنا لما يقول إساءة له، وانتقاصاً منه، وهذا عادة يعقد الأمور كثيراً.

موضوعات تهمك:

كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال والمراهقين، بقلم المفكر الاسلامي استشاري الطب النفسي الدكتور محمد كمال شريفة ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا عليه الرابط هنا

هل تقاليدنا فعلا تقاليد اسلامية؟

فائدة مشاعر الامتنان في تربية الأبناء

لماذا نعلم أبناءنا الصلاة في السابعة من عمرهم؟

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة