لبنان والانفجار المستمر: تجهيل المعلوم!

محمود زين الدين7 أغسطس 2022آخر تحديث :
لبنان

دولتي فعلت هذا! ثلاث كلمات خطّها شخص عادي، قد يكون أحد ضحايا الانفجار، سواء بانهدام منزله، أو بتعرض أحد أقاربه للقتل أو الإصابة.
توقف التحقيق عدة مرات ووجدت “دولتي فعلت هذا!” حجة جديدة وهي أن محاكمة الوزراء الحاليين أو السابقين “يجب أن تنظرها محكمة خاصة بالرؤساء والوزراء”.
هؤلاء الحكام يريدون محكمة يعينون أعضاءها بأنفسهم والمعنى الآخر هو أن اللبنانيين صنفان: حكام خارج نطاق المقاضاة، ومواطنون، يطبق عليهم القانون فحسب!
* * *
هناك صورة مشهورة لجدار يتسع خلفه لمشهد واسع يظهر مرفأ لبنان بعد تعرّضه لانفجار هائل في 4 آب/ أغسطس عام 2020. تظهر على الجدار ثلاث كلمات يبدو من خطّها شخصا عاديا، ربما يكون أحد ضحايا ذلك الانفجار، سواء بانهدام منزله، أو بتعرض أحد أقاربه للقتل أو الإصابة. تقول الكلمات الثلاث: دولتي فعلت هذا!
تلخّص هذه الكلمات ما اشتغل حكام لبنان، منذ وقوع الحدث المهول، على وأده، بكافة الطرق، مع ما دفن من أنقاض المرفأ، الذي ما يزال يتداعى حتى الآن، وكانت آخر ضحاياه إهراءات الحبوب التي كانت قد تضررت سابقا.
وجاء صوت سقوطها الداوي، متزامنا مع الذكرى الثانية للانفجار الأول، ليقول لللبنانيين، بأبلغ طريقة ممكنة إن تداعيات الانفجار ما تزال مستمرة، غير أن الجاني المعلوم لا زال مجهولا!
من المجاهيل – المعاليم العديدة التي يفترض أن القضاء اللبناني كان سيتتبعها للكشف عن الجناة الذين ما زالوا طلقاء هو أن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت كانت خُمس إجمالي الكمية البالغة 2754 طنا، والتي تم تفريغها قبل سبع سنوات من الانفجار.
من المعلوم أيضا أن الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس وزرائه حينذاك، حسان دياب، كانا على علم بأمر الشحنة القاتلة.
برّر الأول تقصيره بالقول إنه طلب من السلطات الأمنية «القيام بما هو ضروري» وبرر الثاني بالقول إنه «مرتاح الضمير».
كان كبار مسؤولي الحكومة والأمن يعلمون أيضا، كما تقول «هيومن رايتس ووتش» «يدركون المخاطر الكبيرة على الحياة» وأنهم تقبلوا «خطر حدوث وفيات».
ولأن «دولتي فعلت هذا!» كما يقول الكاتب المجهول، فقد تصرّف مسؤولو الدولة كما هو مفترض لمنع فعل الكشف هذا. القاضي الأول، فادي صوان، الذي عيّن كبيرا للمحققين أصدر اتهاما لدياب، رئيس الحكومة حينها، ولثلاثة وزراء بالإهمال. بدلا من التحقيق مع المسؤولين المذكورين، قام بعضهم بالاشتكاء على القاضي، أي أن الساسة ضغطوا على القضاء الذي خضع فعلا وتم إبعاد القاضي.
سعى القاضي الثاني، طارق البيطار، لاستجواب شخصيات سياسية مجددا، كما سعى لاستجواب مدير عام جهاز الأمن العام، فووجه بمقاومة ليس من المسؤولين الذين كانوا في مناصبهم فحسب بل كذلك من السابقين الذين سعى لاستجوابهم.
توقف التحقيق عدة مرات، ووجدت «دولتي فعلت هذا!» حجة جديدة وهي أن محاكمة الوزراء الحاليين أو السابقين «يجب أن تنظرها محكمة خاصة بالرؤساء والوزراء».
المعنى الواضح هو أن هؤلاء يريدون محكمة يعينون أعضاءها بأنفسهم. المعنى الآخر هو أن اللبنانيين صنفان: الحكام، وهم خارج نطاق المقاضاة، والمواطنين، وهم من يطبق عليهم القانون فحسب.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

ماذا يعني فقدان (إسرائيل) أمنها البحري ؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة