كيف صارت كلمة «السعودية» رديفا للرعب في العالم؟

الساعة 253 نوفمبر 2018آخر تحديث :
كيف صارت كلمة «السعودية» رديفا للرعب في العالم؟

كيف صارت كلمة «السعودية» رديفا للرعب في العالم؟

  • فتح اغتيال خاشقجي صندوق الشرور السعوديّ وبدأ الناس ينظرون بشكّ إلى كل ما يتعلّق بالمملكة!
  • حين اضطرت السعودية تحت الضغط للاعتراف بالقتل يتظاهر المسؤولون بأن لا شيء حصل وأنهم يستطيعون شراء الذمم دون عقاب.

الخبر غريب حقّاً لكنّه حقيقي: أهالي الغابون، الدولة الإفريقية الصغيرة (عدد سكانها مليون ونصف المليون وتتمتع بحكم ديمقراطي ومعدّل تنمية جيد)، قلقون على رئيسهم علي بونغو الذي زار السعودية لحضور مؤتمر الاستثمار ثم لم يظهر في ذلك المؤتمر وغابت أخباره ولم يعد إلى بلاده.

نتيجة تأثرهم بالأخبار المخيفة لاغتيال الصحافي جمال خاشقجي، وما سبق ذلك من أحداث احتجاز رئيس وزراء لبنان سعد الحريري، واعتقال مئات الأمراء ورجال الأعمال، فقد كان الأمر «الطبيعي» لسكان الغابون أن يشعروا بدورهم بالخوف، فمن الذي يعرف ماذا يدور في كواليس ذلك البلد العربي ـ الإسلاميّ الذي احتلّت أفعال الدائرة الأمنيّة الضيقة التي تحيط بوليّ عهده محمد بن سلمان على وسائل الإعلام العالمية؟

فتح اغتيال خاشقجي، على ما يظهر، صندوق الشرور الأسود السعوديّ، وبدأ الناس ينظرون بشكّ إلى كل ما يتعلّق بالمملكة، ولسبب ما فإن الأخبار السيئة لم تتوقّف، أو أنّ سكان المعمورة لم يكونوا يأخذون لها اعتباراً من قبل، أو لم يكونوا يضعون تلك الأخبار ضمن السياق الجديد الذي آلت إليه صورة السعودية بعد هبوب رياح حادثة الاغتيال على العالم.

من ذلك ما جرى للفتاتين السعوديتين، تالا وروتانا فارع، اللتين اكتشفت جثتاهما مربوطتين في نهر هدسون، وكانت السلطات الأمريكية ستتعامل مع الحدث كجريمة عاديّة لولا معرفة أن الفتاتين كانتا قد قدمتا طلبي لجوء وأن مسؤولا سعوديا اتصل بوالدتهما ليأمر الأسرة بمغادرة الولايات المتحدة لأن ابنتيها تقدمتا بطلب لجوء سياسي»، ثم يكتشف جثمانا الفتاتين غارقتين في تلك الوضعية المريبة.

وما كان حدث إعدام خادمة إندونيسية في السعودية سيثير احتجاجاً لدى بلادها لولا هذا الشكّ الذي سيضحي، على الأغلب، أحد الثوابت في كل ما يأتي من السعودية، فقد ذكرت الأنباء أن الإندونيسية قتلت مخدومها الذي كانت تتهمه باغتصابها، وهو الأمر الذي أدى لاحتجاج رسميّ إندونيسي.

صار معتاداً، بعد هذه الأخبار كلها، أن يعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما حصل «أسوأ تغطية ممكنة»، وأن يقول وزير دفاعه جيمس ماتيس إن حادثة الاغتيال «لا مثيل لها على الإطلاق»، وأن يصرّح وزير خارجية بريطانيا جيرمي هانت بأن العملية «اصابتنا جميعا بالفزع».

والحقيقة التي يجب أن تقال إن أحد أسباب هذا الاهتمام العالميّ بقضية خاشقجي وما أدّت إليه من كشوفات حول السعودية وحكامها هو أن تفاصيلها والطريقة التي خطّط لها وتم تنفيذها تصيب أيّ شخص يقرأ أو يسمع عنها بالفزع.

لأنها تتحدث بداية عن إنسان كان معروفاً بلطفه ودماثته واعتداله وحبه لبلاده ورغبته الصادقة في إصلاح أحوالها يدخل بقدميه إلى جزء من بلاده يعتبره آمنا ليفاجأ بخمسة عشر شخصاً توحي صورهم بأنهم أناس عاديّون كلّفوا بمهمة دبلوماسية.

لكنه يفاجأ بأنهم جاؤوا لقتله، ثم يخنقونه ويقطعونه ويخفون جثته ويذهبون لأكل الشاورما واحتساء الخمر كما لو أنهم كانوا في نزهة، ثم حين اضطرت بلادهم، تحت الضغط للاعتراف بالقتل، يتظاهر المسؤولون بأن لا شيء حصل وأنهم يستطيعون شراء ذمم كل دول العالم وضمائرها من دون عقاب.

ما تقوله هذه الأنباء والتصريحات كلها أننا نشهد أمراً مؤسفاً ومسيئا ليس لحكام المملكة وحدهم بل لكل العرب والمسلمين، فتراجع صورة السعودية بهذا الشكل الفظيع، وتحوّلها إلى مرادف للرعب هو تنميط إضافي لا يرغب العرب والمسلمون في إضافته عليهم فلديهم ما يكفي من تلك التنميطات.

السعودية التي فيها أقدس مواقع الأرض بالنسبة للمسلمين، هي ملك لهؤلاء جميعا ولا يمكن ربط مصيرها بتصرفات مجموعة قتلة، أو برغبة شخص واحد في التسلط، مهما علا شأنه.

المصدر: القدس العربي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة