قمة الجزائر: هل سيغادر العرب منطقة الشعارات؟

محمود زين الدين3 نوفمبر 2022آخر تحديث :
قمة الجزائر

خلافات عربية عربية لا تنتهي، وحيث يرخي الخلاف بين المغرب والجزائر تحديداً بظلاله على أعمال هذه القمة.
ضعف عربي عام لصالح تمدد النفوذ الإيراني، واستشراس الصلف الإسرائيلي وانزلاق إلى صفقات من نوع «سلام بلا أرض… ولا سلام».
المبادرة التي أطلقتها الجزائر للم شمل الفصائل الفلسطينية هي مكسب حقيقي يمكن أن تخرج به هذه القمة ما لم توضع العصي في دواليبه.
ما مصير جامعة الدول العربية كمؤسسة ومتى سيحين وقت إعادة تأهيلها وتطويرها إذ أن السواد الأعم من العرب لا يعرف لها وجود إلا من خلال القمم.
في مقدمة العناوين التي تعني العرب حرب أوكرانيا وتصدع النظام الدولي على خلفيتها، وقضية النفط والغاز والضغط الغربي على بلدان النفط وقضية القمح والغذاء.
هل يقرر المشاركون مغادرة منطقة الشعارات ويدفعهم القلق من مآلات الوضعين الإقليمي والعالمي لإدراك أن الحفاظ على الوضع القائم ليس بمتناول اليد طويلا؟
* * *
تنعقد القمة العربية الحادية والثلاثون لمجلس جامعة الدول العربية، في وقت تطوي فيه البلدان الناطقة بلغة الضاد عقداً شهد موجتين ربيعيتين (2011 في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين، و2018-2019 في السودان والجزائر والعراق ولبنان)، وتأرجحاً مهولاً بين الآمال المتوثبة وبين الخيبات اللئام، وتصدعات بالغة على مستوى مجتمعات وكيانات، وضعفاً بالمؤدى العام للكتلة العربية في الشرق الأوسط، لصالح تمدد النفوذ الإيراني، واستشراس الصلف الإسرائيلي، والانزلاق معه إلى صفقات من نوع «سلام بلا أرض… ولا سلام»، فضلاً عن خلافات عربية عربية لا تنتهي، وحيث يرخي الخلاف بين المغرب والجزائر تحديداً بظلاله على أعمال هذه القمة.
تجري القمة في وقت تلج فيه هذه البلدان – التي لم يظفر أكثرها «بالحرية» ولم تعرف، بأعمِّها الغالب أيضاً كيف تعود لتؤسس «لاستقرار» من أي نوع كان – عقد العشرينيات من هذا القرن، المطبوع باضطرابات حادة لم يشهد مثلها الكوكب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وفي مقدمة العناوين التي تعني العرب في زمن الحرب الروسية على أوكرانيا وتصدع النظام الدولي على خلفيتها، قضية النفط والغاز من جهة، والضغط الغربي على بلدان المنطقة من هذه الزاوية، وقضية القمح والغذاء، ولا سيما بالنسبة إلى البلدان الأكثر فقراً وهشاشة.
ولئن كانت الأزمة الوبائية العابرة للقارات فاصلاً بين عقدين، وحجرت فيه صحياً… وأمنياً، لأول مرة بهذا الشكل الممنهج، مليارات من البشر، فإن العمل العربي المشترك، أو ما كان يوصف بهذا الاسم، والذي تأجلت قممه بعد قمة تونس 2019 بسبب ظروف وباء كورونا، مستدعى اليوم إلى لقاء ليس من البديهي أن يشكل حدثاً يؤرخ له، ويمكن أن يسقط سهواً من ذاكرة الزمن، ما لم يقرر المشاركون مغادرة منطقة الشعارات والصيغ المكررة، ويدفعهم القلق من مآلات الوضعين الإقليمي والعالمي معاً الى الإدراك بأن الحفاظ على الوضع الراهن لن يكون بالمتناول لفترة طويلة.
وأنه إما أن ينجح العرب في الإعداد لمرحلة المطبات العالمية القاسية هذه، بلغة المصلحة وبوعي المشترك القومي ـ الحضاري في آن، بشكل يجعل بلدانهم تتفادى مجاعات جديدة، وحروباً أهلية جديدة، واستباحات استعمارية جديدة، وانهيارات شاملة للدول الوطنية في عدد من البلدان، وتبحث من جديد عن شروط التفاهم مع أهل هذه البلدان وسكانها، وإما أن نكون أمام مشهد معاد مكرر، ولم تكن هذه نادرة في تاريخ القمم العربية، مثلما أن متابعة هذه القمم تراجع بين الناس من قمة إلى أخرى، بشكل يكاد يكون عكسياً للنقل الحي ومتابعة الفضائيات الدؤوبة لهذا النوع من المؤتمرات.
وإذا كانت الملفات المتعلقة بالعلاقات مع بلدان الجوار، من إيران وتركيا وصولاً الى اثيوبيا، ومع الضفة الشمالية، الأوروبية، للحوض المتوسط، لها حيز أساسي في جدول أعمال القمة، وكذلك الملف الخطير والراهني للغاية المتعلق بالغذاء والأمن الغذائي وتمدد خريطة الجوع على مستوى الجغرافيا العربية، فإن المبادرة التي أطلقتها الجزائر، الدولة المضيفة للقمة، للم شمل الفصائل الفلسطينية هي من النوع الذي سينظر له على أنه مكسب حقيقي يمكن أن تخرج به هذه القمة ما لم توضع العصي في دواليبه.
لكن يبقى السؤال عن مصير جامعة الدول العربية كمؤسسة، كهيكلية، ومتى سيحين وقت ورشة إعادة تأهيلها وتطويرها، أخذاً بعين الاعتبار أن السواد الأعم من المواطنين العرب لا يعرف للجامعة العربية من وجود إلا من خلال القمم.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

القمة العربية.. عودة العصر الذهبي للدبلوماسية الجزائرية؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة