فيروس كورونا في مصر | وضع أفقي مرعب

عبد الرحمن خالد29 فبراير 2020آخر تحديث :
فيروس كورونا في مصر

وضع أشبه بالرعب تعيشه طبقات الشعب المصرية التي لم تفلح الحكومة من خلال بيانات وتقارير وتصريحات عدة في طمأنتهم، الجميع يسأل عن فيروس كورونا في مصر وطبيعة الفيروس الذي بات خطرا وشيكا يتهدد البلاد بشكل شبه سري مع شبه تواطئ من المسؤولين في البلاد، وفي ظل ضباب مخيف يعيشه المصريون.

بتتبع تسلسل الأحداث بشأن فيروس كورونا في مصر يتبين الآتي: الحديث عن الفيروس بدأ بشكل فعلي حول مخاطره -وليس مجرد الاخبار الواردة من دول بعيدة أو من دول الجوار- كان مع بداية شهر يناير الماضي، الحديث تسارع وتزايد القلق حول انتشار الفيروس أو إمكانية ذلك، لينتهي الأمر من الحديث، انتقالا إلى الفعل مع جولة وزيرة الصحة المصرية في التاسع عشر من يناير الماضي، حيث قامت الدكتورة هالة زايد بجولة مرت خلالها على عدد من المستشفيات في المحافظات المصرية من الشمال وحتى الجنوب، تلك هي البداية الرسمية بعد عدة بيانات طمأنة.

الحدث الثاني، كان مع الإعلان عن إصابة رضيع بالفيروس وهي الحالة التي كانت في محافظة الإسكندرية، وذلك مع نهاية شهر يناير/ كانون الأول، بينما تم الكشف عن تفاصيل الحالة في بداية شهر فبراير بعدها بثلاثة أيام، حيث أعلنت مديرية الصحة أن الطفلة المصابة بالفيروس مصابة بالفيروس القديم، وتم تقديم العلاج للطفلة وجرى تعافيها بشكل كامل.

ظهرت الكمامات على استحياء في عدة محافظات، بينها وسط القاهرة في ميدان التحرير قرب المتحف المصري، في الإسكندرية في وسط المدينة وفي عدة محافظات أخرى على استحياء.

إجراءات مشددة أعلنت عنها الحكومة المصرية لاستيعاب أي ظهور أو أعراض أو انتشار لفيروس كورونا في مصر وإمكانية احتواء ظهوره في البلاد، وفق عدة بيانات لوزارة الصحة المصرية وغيرها، لكن الأمور سرعان ما بدأت تثير القلق لدى المصريين في أحاديثهم الخاصة والعامة، ليتسائلوا حول عودة الدراسة مجددا يوم 9 فبراير، وحديث حول تأجيلها وسط نفي تام من وزارة التعليم التي أكدت التنسيق مع الجهات المختصة.

فيروس كورونا في مصر

حدث ثالث، إعلان عودة المصريين الموجودين في إقليم هوبي مركز انتشار الفيروس في وسط الصين، حيث تم إجراء كشف طبي على العائدين، بينما تم حجرهم صحيا لمدة أسبوعين لتنتهي الأمور بسلام وفق بيانات السلطات الصحية المصرية، أما الذروة فكان عند الاعلان عن وجود حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد، لكنها كانت لمصاب أجنبي تم الإعلان عنها منتصف الشهر المنصرم، لتعلن السلطات الصحية المصرية يوم 17 فبراير بإجراء الحجر الصحي عن كل المحيطين به وإجراء ما يلزم دون توضيحات أكثر، والأمور حتى تلك الحادثة ليست واضحة.

فيما بعد يتم إعلان تعليق الرحلات العمرة للمملكة العربية السعودية، وفقا لقرار المملكة بتعليق العمرة وزيارة المسجد النبوي مؤقتا بسبب مخاوف عامة من كورونا.

بنظرة شخصية تبدو الكمامات أوسع انتشارا في أماكن ليست سياحية فقط، أماكن شعبية ظهرت فيها الكمامات، مناطق مختلفة في الإسكندرية، الكمامات تغزو مناطق عدة في محافظات صعيدية بحسب أصدقاء قالوا أنهم قابلوا في خلال يومين أكثر من عشرة أشخاص يرتدون الكمامات في المنيا بعضهم قال أنها ظهرت في محافظات الوجه البحري.

لكن أيضا بمتابعة شخصية يلاحظ وجود عدد كبير من الأشخاص يرتدون الكمامات في شوارع مختلفة من أربعة مناطق مختلفة في محافظة الإسكندرية خلال بضعة ساعات قليلة ومتصلة.

مع كل ذلك على مستوى شعبي، وصلتنا معلومات من أولياء أمور حول الإبقاء على أبنائهم في المنازل ومنعهم من الذهاب للمدارس، المعلومات وصلتنا من 10 مدارس مختلفة في محافظات مختلفة متباعدة على الأقل “هذا ما حصلنا عليه”. المعلومات الواردة تؤكد غياب عشرات التلاميذ من مقاعدة الدراسة بشكل دوري، الغياب يشمل العديد من المناطق الدراسية المقاعد نصفها فارغ في عدد كبير من الفصول في ثلاثة مدارس متجاورة في مدينة واحدة، خوفا من فيروس كورونا على الأرجح.

الأمهات على مجموعات التواصل أكدوا قلقهم الشديد على أبنائهم، دعوات مستمرة في تلك المجموعات على وقف ذهاب الأطفال إلى المدارس ذاتيا، بينما قالت أمهات أنهن أوقفن النزول من المنزل بالأساس.

مشاجرات محدودة واشتباك بالألفاظ والدفع في شركات بين موظفين بسبب القرب زائد عن الحد، بينما أحدهم قرر أخذ إجازة طويلة من العمل.

غير مرئي؟

لا تزال الأمور غير واضحة حتى اللحظة وحتى فيما بعد ربما لن يكون هناك أي تفاصيل دقيقة حول الأمر.

حتى الآن لا يوجد شئ رسمي لدينا حول فيروس كورونا الجديد في مصر، لا يوجد أي جزم بوجوده من عدمه سوى تقارير إيطالية وكندية اكدت وجود الفيروس في حالات وصلت إلى أراضيهم وافدين من مصر، وهو ما كان بمثابة الرعب بالنسبة للمصريين.

أحد الأصدقاء الذي شك في إصابته بالفيروس والذي فضل عدم ذكر اسمه، أكد أنه شعر بأعراض الفيروس المعلنة في التقارير الصحية، مع تناقل الفيروس من بلد إلى آخر، يؤكد أنه شعر بحرارة مرتفعة في جسده، سعال، وغيرها من الأعراض.

في البداية يؤكد أنه قرر عدم التعاطي مع الأمر واعتبر الأعراض مجرد نزلة برد عادية جدا، لكنه يشير إلى أن العلاجات التي يتناولها عادة في مثل تلك الحالة لم تؤد لنتيجة إيجابية فأوقفها، ولكنه مع الوقت شعر بقلق شديد كون الأمر غير متعلق بأي ألم في معدته ما يعني أنه غير مصاب بميكروب، كما أنه ليس لديه شعور باحتقان في حلقه، يضيف كابرت والقلق بداخلي، ولكن الأمر في النهاية انتهى مع الوقت (10 أيام) وربما اكون تعافيت.

يحكي: “لا أدري هل فارقني الفيروس فعلا، ام أنه مجرد برد عادي والحالة الإعلامية، صنعت لي هاجسا”، “لكن في النهاية الأعراض لم تعد موجودة”، بينما يضيف ساخرا أنه من الممكن أن تكون الأسطورة القائلة أن “طبيعة المصريين الذين شربوا من ماء النيل، لا تؤثر فيهم أي أمراض أو فيروسات كما هو منتشر” هي تفسير ما حدث.

نصحناه بالذهاب إلى عيادة طبية أو مستشفى متخصصة، لكنه رفض بشدة مؤكدا انه لا يمكنه مواجهة هذا الأمر ليس خوفا ولكن ما أسماه “المسؤولية”، “من يصرف علي ويتحمل مسؤولياتي المادية مع توقفي عن العمل بسبب حجر صجي لأسبوعين والأمر لا يزال شكا” قالها المصدر المذكور.

هنا ينبغي السؤال ماذا ستفعل الحكومة المصرية للمرضى ومسؤولياتهم ومسؤوليات علاجهم المادية عوضا عن أشياء اخرى؟

فيروس كورونا في مصر

لعل أزمة الفيروس كلها وانتشاره تكمن في شئ واحد الكتمان/ الإعلان. هذا هو مربط الحلقات.

بحسب مسؤول صحي متخصص في مستشفيات الحميات المنوط بها استيعاب حالة الانتشار الفيروسي، أكد أن الإعلان عن الفيروس من عدمه هي “مربط الفرس”، موضحا أنه لا يمكن مواجهة انتشار فيروس دون الإعلان عن وجوده وتقديم النصح للمواطنين وتحذيرهم، لكنه دعا إلى وقف بث الأمر كونه رعبا حتى لا تحدث أزمة أكبر.

لعل اللوم الواقع على عاتق الصين الشمولية هو عملها الدؤوب على إنكار الأزمة، وقف الأخبار منع الحديث عن الأمر، التعتيم، كان حل الصين كأي دولة شمولية، تبعتها إيران بالأمر ذاته، لكن في هذه المرة الأمر جاء على أدمغة مسؤولين في النظام الإيراني نفسه، الفيروس بات قريبا من المرشد الأعلى، أصيب به نواب في البرلمان وتوفى نائب بسببه، وتقارير تتحدث عن إصابة مرجعيات شيعية بالفيروس، بل الأمر وصل لسؤال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من قبل الصحفيين عن الفيروس.

يتسائل متخوفون على نطاقات واسعة حول إمكانيات مصر الصحية والتقنية والمادية، التي قد تستخدمها في مواجهة الفيروس, هل لدى مصر الإمكانيات اللازمة لاحتواء الفيروس؟ فالصين مثلا قوة عظمى في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا، لكنها لم تستطع مواجهة الفيروس واحتواءه وفقا للتقارير الواردة من هناك، فما بالك بدولة لا يمكنها بناء مستشفى متخصصة في علاج فيروس خلال أيام ولا حتى أشهر؟!

ظهور فيروس كورونا في مصر فعلا؟

فيروس كورونا في مصر

التقارير الكندية والفرنسية تؤكد ذلك.

مصدر طبي في أحد المراكز الطبية بالإسكندرية (فضل المصدر إخفاء هويته وهوية المركز الطبي العامل به حتي لا ينقطع عيشه على حد قوله)، أكد المصدر المذكور أن حالات الاشتباه التي تصلهم بلغت أكثر من 30 حالة في أسبوعين اثنين، الشكوك لا تزال مستمرة حول حالات منهم دون تأكد وجود إصابة فعلية.

في الحجر الصحي بأحد مستشفيات القاهرة قالت ممرضة أنه هناك حالتين مصابتين بفيروس كورونا الجديد بشكل مؤكد، تواصلنا مع مكان عملها للتحقق، لكن مسؤولون أكدوا أنها لا تزال جميعها حالات اشتباه ولا يوجد شئ مؤكد، بينما طبيب في مستشفى آخر أكد أن الفيروس فعلا ظهر بشكل مؤكد في حالة مصرية وسط تعتيم شديد، لكن مدير المستشفى تحدث بارتباك شديد منتقدا عمليات إثارة البلبلة، ومؤكدا أن الأمر غير صحيح “بتاتا” على حد وصفه، لكنه في نهاية حديثه سقطت منه جملة “ده أمن قومي حرام عليكم”.

لا يزال الأمر غير واضح ولكن المعلومة الوحيدة المؤكدة أننا أمام حالات أصيب بالفيروس في مصر بشكل شبه مؤكد وفق بيانات فرنسا وكندا، بالإضافة لتصريحات الحكومة غير الواضحة التي تقول فقط أنها تتواصل وتتابع دون أي تفاصيل أخرى، وهو ما يضعنا أمام احتمالين لم يتسن التحقق منهما، الأول هو أن فيروس كورونا في مصر انتشر بالفعل ولدى السلطات الصحية معلومات بذلك لكنها قررت التعتيم على تلك المعلومات وهو ما يعد كارثة، بينما الكارثة الأكبر هو احتمالية انتشار الفيروس في مصر، بينما السلطات الصحية المصرية ليس لديها معلومات كافية أو احاطة بالأمر وهي اللعنة التي يخشاها المصريون.

موضوعات ذات صلة:

منظمة الصحة العالمية تتحدث عن بيانات إصابة قادمين من مصر بفيروس كورونا

وزارة الصحة المصرية تعلق على أنباء انتشار كورونا في مصر

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة