صفقة القرن و«النمل الأبيض»

محرر الرأي16 يوليو 2019آخر تحديث :
صفقة القرن

صفقة القرن و«النمل الأبيض»

  • إسرائيل منزل محمي بجدران قوية بينما يأكله النمل الأبيض من الداخل.
  • طبيعة الحركة الصهيونية الحتمية عنصرية وأقامت نظام فصل عنصريا.
  • تحول الولايات المتحدة بمرحلة معينة من «إمبريالية كلاسيكية» إلى «إمبريالية عسكريتارية» مدمرة.

* * *

بقلم | عدنان كريمة

إسرائيل تستعجل الخطوات التنفيذية ليس فقط للتملص من حق العودة الذي كفلته الأمم المتحدة بقرارات دولية وتوطين اللاجئين حيث هم في الخارج، بل باستخدام وسائل الضغط كافة لتهجير فلسطينيي الداخل في الوقت الذي تسعى فيه لترسيخ يهوديتها، جغرافياً وسكانياً، عبر محاولات حثيثة ومتسارعة لتهويد الزمان والمكان.

إذا كان الجانب الاقتصادي مما يسمى «صفقة القرن»، والذي كشف عنه جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويتضمن تخصيص تعويضات بقيمة 50 مليار دولار، يشكل مدخلاً لتمهيد الطريق للبعد السياسي من الصفقة، التي لم تخف «الدعوة إلى توطين دائم للفلسطينيين في الأماكن التي يقيمون بها، بدلاً من عودتهم إلى أراضٍ أصبحت الآن في دولة إسرائيل»، كما يدعي كوشنر، فإن مسيرة هذه الطريق ينتظر أن تكون طويلة جداً وغير معبدة، بل مليئة بألغام وعثرات متعددة ومتنوعة، وتصطدم بصعوبات كبيرة.

تتجلى من خلالها إرادة شعب مظلوم طرد من أرضه، ويعاني كل يوم منذ نحو 71 سنة ويلات وقهر سلطة الاحتلال، ومن سياسات التهميش الاقتصادي والتمييز ومصادرة الموارد والأراضي وتجنيد الاقتصاد الفلسطيني لخدمة مشروعها الاستيطاني. وهذا الشعب يتحدى دائماً «الموت من أجل الحياة».

في مطلع التسعينيات، برز حل للنزاع العربي – الإسرائيلي بزخم قوي على أساس أن تقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وفي كتابه «الشرق الأوسط الجديد»الذي صدر عام 1993، جسد شيمون بيريز ذلك، واعداً بمستقبل زاهر للمنطقة التي ظلت تعلق الآمال على حل الدولتين طوال فترة 26 سنة الماضية.

حتى انتهى كل شيء بما يسمى«صفقة القرن» التي حطمت هذه الآمال بعيداً عن تحقيق السلام والديموقراطية والازدهار، أما الأسباب فهي لا تعود فقط إلى طبيعة الحركة الصهيونية الحتمية العنصرية وإقامتها نظام الفصل العنصري، بل أيضاً بسبب تحول الولايات المتحدة الأميركية في مرحلة معينة من «إمبريالية كلاسيكية» إلى «إمبريالية عسكريتارية» ومدمرة.

ويبدو أنه يوجد خلاف كبير حول الخطوات التنفيذية لـ«صفقة القرن»، فالجانب الأميركي طرح مشروعه معتمداً على ضرورة الصبر والصمود لتذليل الصعوبات التي تتطلب وقتاً طويلاً، وربما يستشهد بذلك بـ«وعد بلفور» الذي أطلقته بريطانيا عام 1917، ونفذ عام 1948، بقيام دولة الكيان الصهيوني،.

في حين أن إسرائيل تستعجل الخطوات التنفيذية ليس فقط للتملص من حق العودة الذي كفلته الأمم المتحدة بقرارات دولية وتوطين اللاجئين حيث هم في الخارج، بل باستخدام وسائل الضغط كافة لتهجير فلسطينيي الداخل في الوقت الذي تسعى فيه لترسيخ يهوديتها، جغرافياً وسكانياً، عبر محاولات حثيثة ومتسارعة لتهويد الزمان والمكان.

وإضافة إلى الثورة الديمغرافية اليهودية وانعكاساتها وأخطارها، مع الأخذ بالاعتبار تسارع نمو عدد السكان «الحريديم»، حذر بعض الخبراء اليهود من خطر الديمغرافية الفلسطينية التي وصفت بـ«قنبلة الأرحام».

وفي هذا السياق تنبأ كبير الديمغرافيين «سيرجي ديلا فرغولا» بأنه خلال عدة سنوات سيتحول اليهود إلى أقلية في المساحة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن.

أما الخبير «أرنون سوفر»، فقد توقع بدوره أن يسير الكيان نحو الانتحار، مؤكداً «أن الحل يكمن في التخلص من السكان وإقامة الجدار، لأنه الطريق الوحيد للانتصار على الرحم الفلسطيني، فإذا سقط هذا الجدار، سقط الكيان، بعد أن يغمرنا طوفان هائل من الفلسطينيين».

يستدل من بيانات وتقديرات دائرة الإحصاء الإسرائيلية، مدى أهمية وخطورة تطور الديمغرافية داخل فلسطين المحتلة، وبما يقلق الكيان على مستقبله، خصوصاً لجهة قدرة المجتمع الفلسطيني «الفتي» على الصمود لتحقيق قيام دولته.

وقد كشف الجنرال احتياط «عاموس جلعاد» رئيس «معهد هرتسيليا»، وأحد أبرز العقول الأمنية والاستراتيجية عن مقولة شديدة الخطورة تصف هذا الكيان بأنه «منزل محمي بجدران قوية بينما يأكله النمل الأبيض من الداخل».

* عدنان كريمة كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية
المصدر | الاتحاد – أبوظبي

موضوعات تهمك:

هل فشلت «صفقة القرن» حقاً؟ ومن أفشلها؟

«صفقة القرن»: الجميع يكسب إلا الفلسطينيين 

الجانب الاقتصادي في صفقة القرن

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة