سُدوا الفُرَج بين قوى التحرر العربي

محمود زين الدين5 يناير 2022آخر تحديث :
التحرر

ينبغي تأجيل البحث في اسباب الخلاف لحين الاتفاق على لقاءات تقود لإعادة رص الصفوف وسد الفُرج.

خلال زيارة وفد فلسطيني مقاوم الى بيروت مؤخرا لم يجد الترحاب المتوخى وهو ما يشكل تدرنا في جسد قوى التحرر العربي.

الخلافات التي نشبت بين قوى التحرر العربي في فلسطين ولبنان وسوريا بسبب الربيع العربي وتداعياته تغوي الخصوم نحو توظيف هذه الظاهرة.

الاحتقان يتزايد في المنطقة لأسباب محلية واقليمية ودولية ويستدعي تعزيز النزعة العقلانية والابتعاد التام عن “دبلوماسية الكيد ونزق ردات الفعل”.

مراجعة المواقف بين المتحالفين ظاهرة تاريخية عرفتها كل النظم السياسية لأن الهدف بقاء التحالف وإدارة التنازع بين الحلفاء وتغليب الاستراتيجي على التكتيكي.

* * *

بقلم: وليد عبدالحي

من بين ثغرات السلوك السياسي تاريخيا ، يمثل العجز عن مغادرة أدران التاريخ القديم او الحديث احداها، وعدم القدرة على مغادرة رواسب نقاط الالتباس في العلاقات الدولية.
ويبدو ان قوى التحرر العربي في فلسطين ولبنان وسوريا لم تدرك خطورة هذه الظاهرة، فالخلافات التي نشبت بين هذه القوى بسبب الربيع العربي وتداعياته تغوي الخصوم على توظيف هذه الظاهرة، وهو الامر الذي لاح مؤخرا خلال زيارة وفد فلسطيني مقاوم الى بيروت دون ان يجد الترحاب المتوخى، وهو ما يشكل تدرنا في جسد قوى التحرر العربي.
ذلك يستدعي عددا من الاجراءات من قبل هذه القوى او ممن يقف بجوارهم في صف التحرر، وأول هذه الاجراءات تأجيل البحث في اسباب الخلاف الى حين الاتفاق على لقاءات تقود الى اعادة رص الصفوف وسد الفُرج.
ولا شك ان ظاهرة المراجعة للمواقف بين المتحالفين هي ظاهرة تاريخية عرفتها كل النظم السياسية بكافة اشكالها، لكن الهدف الاهم هو بقاء التحالف وادارة التنازع بين المتحالفين من خلال تغليب الاستراتيجي على التكتيكي.
لا يخفى على الدارس لظواهر العلاقات الاقليمية في منطقتنا ان هناك ورم في جسد قوى التحرر لا بد من معالجته قبل أن يُؤكل الثور الاسود والابيض.
واعتقد ان الخطوة الاستراتيجية لتحقيق ذلك يجب ان يتم من خلال المساعي الحميدة Good Offices تقوم بها أطراف حريصة على قوى التحرر العربي.
لذا أرى أن جبهة التحرير الوطني الجزائرية هي الأكثر تأهيلا للقيام بهذه المساعي نظرا للاحترام الكبير والعلاقات الودية للغاية بين الجزائر وقوى التحرر العربي في سوريا ولبنان وفلسطين.
وعليها أن تحاول بكل ما نعرفه عن الدبلوماسية الجزائرية من ذكاء في إدارة مثل هذه الالتباسات بعيدا عن الاضواء وعن مستنقعات الخلافات العربية الأخرى.
إن الاحتقان الذي يتزايد في المنطقة لاسباب محلية واقليمية ودولية يستدعي تعزيز النزعة العقلانية والابتعاد التام عن “دبلوماسية الكيد ونزق ردات الفعل” من هذا المسؤول.
ذلك، إن الخلاف في العلاقات الدولية بين الحلفاء هي كما اشرت ظاهرة طبيعية عليها مئات الامثلة، لكن الذكاء الدبلوماسي يستوجب لقاء الحلفاء لاعادة رسم قواعد التحالف من ناحية وايلاء اهتمام أكبر لقواعد إدارة التحالف لكي لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين من ناحية ثانية.
وأي معالجة علنية للندب في وجه تحالف قوى التحرر والمقاومة العربية سيقود لمزيد من التعقيد، ولي في جبهة التحريرالوطني الجزائرية وكوادرها ذات الخبرة من زمن الثورة الجزائرية كل الثقة بانها قادرة على أداء هذه المهمة، وعلى قوى التحرر والمقاومة ان يترفعوا عن نرجسية الفروق الصغيرة.
لكي لا نشاهد ما شاهدناه مؤخرا في بيروت من “مكايدة” عكستها بعض اللقاءات التي لا وزن لبعض أطرافها في معادلة القوى الاقليمية، لكن ما زال لمدرسة المكايدة العربية تلاميذها!
فهل تقوم جبهة التحرير بهذه المهمة؟ سؤال اتمنى ان لا يبقى معلقا لفترة طويلة!

* د. وليد عبد الحي أستاذ علوم سياسية باحث في المستقبليات والاستشراف.

موضوعات تهمك:

الماء في قلب معركة التحرر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة