حكومة نتنياهو: التركيب الانفجاري وديمقراطية الموز

محمود زين الدين25 نوفمبر 2022آخر تحديث :
نتنياهو

«هل هذا ما أردتم؟ من أجل هذا كان تصويتكم لليكود؟ كي يأخذوا المال من الجنود ويعطوه لطلاب المدارس الدينية؟»، سأل لبيد.
إصرار حلفاء نتنياهو المتشددين على إبطال قرارات المحكمة العليا، بما يجعل «واحة الديمقراطية الوحيدة» في الشرق الأوسط أقرب إلى جمهورية موز.
تركيب حكومة تقوم على متطرفين وفاشيين طالبوا بطرد العرب أو ضمّ المستوطنات لن يتجاوز التركيب الانفجاري الهش المرشح للتفكك والانهيار.
الاستعصاء الراهن بتشكيل الحكومة ليس سوى أعراض لكيان عنصري ديني متطرف يتجه حثيثاً نحو الأبارتهايد وما خفي من أعراض أخرى أعظم وأفدح.
****
يائير لبيد رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته توجه إلى ناخبي ليكود بسلسلة من الأسئلة، تتعلق بالاستعصاء الراهن الذي وقع فيه بنيامين نتنياهو المكلف بتشكيل حكومة جديدة بعد خروجه ظافراً في انتخابات الكنيست الأخيرة، صحبة أحزاب دينية فاشية متشددة وقومية عنصرية.
«هل هذا ما أردتم؟ من أجل هذا كان تصويتكم لليكود؟ كي يأخذوا المال من الجنود ويعطوه لطلاب المدارس الدينية؟»، سأل لبيد.
ولم يتوقف عند هذا، بل أضاف في نبرة ابتزاز واضحة بأن زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش «يريد حظر مباريات كرة القدم أيام السبت، وستصدر قرارات بفصل الرجال عن النساء في الأماكن العامة»، مذكراً أنصار ليكود بأنهم ليسوا في إيران.
وبالطبع لم يكن الحياء وحده وراء إحجام لبيد عن توجيه سؤال معكوس إلى ناخبي حزبه «هناك مستقبل»: لماذا قصّرتم في انتخابنا، وتركتم الأبواب مشرعة أمام عودة رجل يواجه القضاء باتهامات فساد متعددة، وترأس الحكومة 12 سنة متواصلة سبقتها 3 سنوات بين 1996 و1999، ومعروف أنه سوف يخضع لإرادة المتدينين والقوميين المتشددين الذين لا حكومة سوف يترأسها من دون مباركتهم؟
كانت ألاعيب النفاق والمراوغة هي الأسبق هيمنةً على منطوق أسئلة لبيد خاصة حين أوحى بالتمييز بين إيران ودولة الاحتلال، متناسياً أن منع الاختلاط يُطبق لتوه بحقّ النساء عند حائط المبكى، ومتجاهلاً عنصراً آخر أهم من اقتطاع مخصصات الجنود لصالح طلاب المدارس التوراتية.
أي إصرار حلفاء نتنياهو المتشددين على إبطال عدد من قرارات المحكمة العليا، بما يجعل «واحة الديمقراطية الوحيدة» في الشرق الأوسط أقرب إلى جمهورية موز.
بعض الساسة والمعلقين والمحللين الإسرائيليين، ممن بوغتوا بهذه الموجة العارمة من أحزاب اليمين الديني المتطرف والفاشي، استطابوا ترويج السردية الكاذبة التي تقول إن نتنياهو يرفض منح حقائب الدفاع أو الأمن الداخلي أو المالية أو إلى أمثال سموتريتش وإيتمار بن غفير وأرييه درعي تفادياً للحرج مع البيت الأبيض بالنظر إلى سجلات هؤلاء الإرهابية الفاضحة.
وأما في واقع الأمر فإن تركيب حكومة تقوم أركانها على متطرفين سبق أن طالبوا بطرد العرب أو ضمّ المستوطنات أو منح المدارس التوراتية مزايا فائقة للعادة، عدا عن تحويل المحكمة العليا إلى ناد للثرثرة القضائية مجرد من الصلاحية، لن يتجاوز التركيب الانفجاري الهش المرشح للتفكك والانهيار كلما هبت عاصفة.
ولن يكون مفاجئاً أن يطوي لبيد أسئلته إلى جمهور الليكود، وأن يتوجه في المقابل إلى أنصاره وناخبي شركائه السابقين أمثال بيني غانتس ونفتالي بينيت للانضمام إلى نتنياهو وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ليس على قاعدة أن مصلحة دولة الاحتلال فوق كل خلاف حزبي كما صرح تعليقاً على نتائج انتخابات الكنيست، بل لأن الجشع إلى السلطة هو الاعتبار الأعلى لديه في حقيقة الأمر.
والاستعصاء الراهن في مفاوضات تشكيل الحكومة، أو احتمال انحناء نتنياهو صاغراً أمام شركائه، أو حتى ابتزاز الجميع عن طريق التلويح بحكومة ائتلافية عريضة، هذه وسواها ليست سوى الأعراض الأوضح لكيان عنصري ديني متطرف يتجه حثيثاً نحو الأبارتهايد، وما خفي من أعراض أخرى قد تكشف الأيام أنه أعظم وأفدح.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة