جدار الفصل يخنق مسافر يطا: أداة أخرى للتهجير

محمود زين الدين3 أغسطس 2022آخر تحديث :
جدار الفصل

يستهدف الاحتلال أهالي مسافر يطا في أرزاقهم
جيش الاحتلال يقوم أحياناً بنصب كمائن للعمّال، عبر إبقاء مناطق معينة دون تواجد عسكري
يتذرع الاحتلال كذباً بمحاولة منع تسلل العمال الفلسطينيين، لكن الأهالي يدركون أنه قرار لتهجير قرى مسافر يطا
* * *
على مدار ثلاثة أيام، خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، أصاب رصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة عمّال فلسطينيين، فيما أصيب عمّال آخرون، نتيجة تدافعهم وسقوطهم أرضاً أثناء محاولات هروبهم بعد إطلاق الاحتلال النار باتجاههم، وهي حوادث تكررت قرب حاجزي الظاهرية (جنوب مدينة الخليل) وترقوميا (غرب الخليل)، اللذين يفصلان جنوب الضفة الغربية عن النقب في الأراضي المحتلة عام 1948.
ونتجت الإصابات المتكررة للعمّال في تلك المنطقة عن ملاحقات لهم تكثفت خلال الأشهر الماضية، خلال مرورهم عبر ما تسمى بـ”فتحات الجدار” الفاصل، “جدار الضمّ والتوسع”، إلى الداخل المحتل.
ملاحقة عمّال مسافر يطا التفاف مكشوف على خطة الاستيطان
مشهد ملاحقة العمّال الذي تكرر أخيراً بشكل لافت، خصوصاً عند الثغرات في السياج والجدار الفاصل، لا يمكن تفسيره وفق أهالي جنوب الخليل بمحاولات منع العمّال الفلسطينيين من المرور عبر تلك الثغرات فقط، بل ينظر الأهالي إلى المشهد من زاوية أوسع، ترتبط بخطة استهداف المنطقة كلّها، لا سيما قرى مسافر يطا، من خلال إكمال بناء الجدار، ما يعني محاصرة مسافر يطا، تنفيذاً للتهجير.
الصحافي مشهور الوحواح، الذي كان شاهداً على إحدى عمليات ملاحقة العمّال قرب حاجز الظاهرية الشهر الماضي، يروي كيف بدأ جيش الاحتلال يومها، عند الساعة الخامسة والنصف فجراً، بإطلاق الرصاص في اتجاه العمّال، الذين حاولوا الهروب ليصاب عدد منهم نتيجة التدافع والسقوط أرضاً.
ويؤكد النقابي سمير حريزات، من اتحاد نقابات عمّال فلسطين في يطا، إصابة عامل آخر قبل أيام، عند حاجز ترقوميا. ويوضح حريزات، لـ”العربي الجديد”، أن الملاحقات الإسرائيلية للعمّال معهودة، لكنها تكثفت بشكل لافت خلال الشهر الماضي.
ويلفت إلى أن جيش الاحتلال يقوم أحياناً بنصب كمائن للعمّال، عبر إبقاء مناطق معينة من دون حضور عسكري، وفور دخول العمّال منها تظهر قوات الاحتلال لتلاحقهم، وقد أصيب عاملان قبل أيام بالرصاص الحيّ عند حاجز الظاهرية.
يرفض الأهالي الفلسطينيون ادعاءات الاحتلال ووسائل إعلامه بأن الهدف هو بناء عائق وسواتر وأنفاق هو منع “تسلل العمّال الفلسطينيين”، كما نشرت أخيراً صحيفة “يسرائيل هيوم”.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم جيش الاحتلال قوله إن الأعمال بدأت منذ شهر إبريل/ نيسان الماضي، ضمن العملية العسكرية المسماة “كاسر الأمواج”، بعد سلسلة عمليات فدائية فلسطينية، واشتملت على حفريات لنفق على امتداد 5 كيلومترات “في خط التماس مع بادية فلسطين”، ومصادرة عشرات المركبات التي استخدمت لنقل العمّال.
حصار بين الجدار والمستعمرات
يقول منسق لجان الحماية والصمود في مسافر يطا وجبال جنوب الخليل فؤاد العمور إنه “كناشط، يرى في حفريات الاحتلال الأخيرة جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ مخطط استيطاني بحت، يهدف إلى قضم الأراضي وتنفيذ قرار تهجير قرى مسافر يطا، كجزء مما يعرف بصفقة القرن والضم”.
فالذي يحصل، كما يرصده العمور، والنشطاء الفلسطينيون عموماً، هو انتهاء إنشاء البنية التحتية لجدار الفصل العنصري على طول يقّدره بـ15 كيلومتراً. وما تبقى هناك لاستكمال جزء الجدار، وفق العمور، هو وضع المكعبات الإسمنتية.
ويلفت العمور إلى أن هذه العملية متواصلة منذ 4 أشهر، وليست وليدة لحظة راهنة، وقد تبعها، في ما يسّمى ذكرى “الاستقلال الإسرائيلي”، وتحديداً في 15 إبريل الماضي، إعلان الاحتلال قراراً بتهجير 12 قرية فلسطينية في مسافر يطا، تنفيذاً لمخطط قديم، 4 قرى منها تقابل الجدار، والذي سيقضم أراضيها.
وسيعمل الجدار، وفق الخطة المرسومة له، على منع تواصل الأهالي في المنطقة، مع الأراضي الممتدة أمامهم كمراعٍ تاريخية لمواشيهم، والتي يدخلونها أصلاً بحذر وخوف من إجراءات الاحتلال. في المقابل، يحيط بتلك القرى حزام من المستوطنات والبؤر الاستيطانية يمنع الرعاة من الوصول إلى الأراضي هناك.
وبحسب العمور، سيقضم الجدار بمسافة تقارب 15 كيلومتراً أراضي بعمق 3 كيلومترات من قرى: جنبا، الحلاوة، المجاز، والتبان. وهو يرى كمتابع يومي للأوضاع في تلك القرى أن الهدف يقضي بقضم الأراضي وتهجير عملي لمسافر يطا، بعد سنوات من المحاولات التي لم تنجح حتى الآن، ما سيؤدي إلى إفراغ قرابة 50 ألف دونم في المنطقة.
كذلك يرى العمور أنّ التشدد في ملاحقة العمّال الفلسطينيين بشكل كبير في المنطقة ما هو إلا “شمّاعة” ومبرر تسوقه وسائل الإعلام وأمام الدول التي قد تسأل عن الجدار، الذي يقام هناك. والنتيجة، بحسب الخطة، تقضي أن يكون الأهالي، حتى وإن لم يخرجوا بالقوة، محاصرين برزقهم، الذي يتمثل بالمراعي لمواشيهم: فمن الشرق الجدار، ومن الشمال والجنوب الاستيطان.
وفي هذا السياق، يصف الخبير الاستيطاني عبد الهادي حنتش تفسير إقامة الجدار بسدّ طرق “تسلل العمّال” بأنه مجرد “ذريعة وكذب، فالأمر يتخطى ذلك، إلى تنفيذ مخطط ترحيل السكان على شكل التطهير العرقي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، عبر حصرهم بين الخط الأخضر وحزام المستعمرات”.
ويشير حنتش إلى أن التنفيذ الذي بدأ في شهر مارس/ آذار الماضي، وجاء بعد شكاوى عديدة صدرت من منظمات إرهابية إسرائيلية على سكان المنطقة لترحيلهم وتفريغ المنطقة بشكل كامل، كونها تفصل تلك المستوطنات عن الخط الأخضر.
ويؤكد حنتش أن تنفيذ الأمر واستكمال الجدار بمساحة واسعة تصل من بداية السواحرة شرقي القدس إلى جنوب الضفة وحدود النقب، كما هو إعلان الإعلام الإسرائيلي، يعني من الناحية العملية ترحيل السكان وضمّ المستعمرات إلى كيان الاحتلال، وكذلك ضم مساحات واسعة.
ويأتي ذلك، وفق شرحه، استكمالاً لما فعله الجدار الذي بدأ بناؤه في عام 2002، حيث التهم حتى الآن 13 في المائة من مساحة الضفة، ومن المتوقع أن يصل إلى 16 وربما 20 في المائة مع استكماله وفق خطر السير المعلن، تطبيقاً للهدف الحقيقي للاحتلال، وهو التوسع والضم على حساب الأهالي.

المصدر: العربي الجديد

موضوعات تهمك:

بايدن بين الفصل العنصري المخجل بجنوب إفريقيا وتجاهل سياسات إسرائيل

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة