ثلاثة عوامل تجعل مساعدة الغرب لأوكرانيا عسكريا “محدودة”

محمود زين الدين26 مارس 2022آخر تحديث :
أوروبا

يتمركز معظم القوات العسكرية الأوكرانية جنوبا لمواجهة انفصاليي دونباس حيث المنطقة تشهد مواجهة عنيفة قبل الهجوم الروسي بأسبوعين.
وجهت قوات روسيا ضربة مباغتة ضد سلاح الطيران والصواريخ الباليستية الأوكرانية ودمرت مخازن أسلحة وطائرات بالمطارات العسكرية ومخازن الذخيرة.
يعاني الجيش الأوكراني نقص الذخيرة الحربية والرصد الروسي القوي لأي محاولة إدخال للعتاد العسكري إلى أوكرانيا والعمل على ضرب خطوط الإمداد.
الدعم الغربي حاليا أهم عنصر يذكي روح المقاومة لدى قوات أوكرانيا والطبقة السياسية لكنه يكتسب صفة رمزية أكثر من قدرته على تغيير المعادلة.
لا يستطيع الناتو نقل عتاد عسكري ثقيل كالدبابات والمدرعات أو الطائرات المقاتلة إلى أوكرانيا خشية انفجار الوضع مباشرة مع القوات الروسية.
قلة من جند أوكرانيا لهم دراية بالسلاح الغربي كصواريخ “ستينغر” أو بلا دراية. في حين تقوم القوات الخاصة الروسية برصد دقيق لدخول الأسلحة وتدميرها.
ضربت قوات روسيا خطوط إمداد الجيش الأوكراني وسط البلاد أو من بولندا ولا ترغب دول متاخمة لأوكرانيا بالتحول لجسر للأسلحة خوفا من الرد الروسي،
تعاني دول الغرب نقص الذخيرة واعترفت بعضها بأن الغزو الروسي مفاجأة جاءت في أسوأ الظروف المتمثلة بعدم التوفر على الذخيرة الحربية الكافية.
* * *

بقلم: حسين مجدوبي
تضع تقديرات ثلاثة عوامل تصعب مهمة الحلف الأطلسي في تقديم مساعدات إلى الجيش الأوكراني لمواجهة القوات الروسية، وذلك بسبب نقص الذخيرة الحربية، ثم الرصد القوي من طرف روسيا لأي محاولة إدخال للعتاد العسكري إلى أوكرانيا والعمل على ضرب خطوط الإمداد.
وتعتبر أوكرانيا دولة قوية عسكريا، واحتلت هذه السنة المركز 22 عالميا في الترتيب العسكري، وتفوقت على دول مثل بولندا وبلجيكا وهولندا وتقترب من مستوى إسبانيا. لكن مراقبين يرون أنها تواجه صعوبات في توظيف عتادها العسكري ضد الهجوم الروسي لسببين:
السبب الأول هو تمركز معظم القوى العسكرية الأوكرانية في الجنوب لمواجهة الانفصاليين في دونباس، حيث كانت المنطقة تشهد مواجهة عنيفة خلال الأسبوعين السابقين للهجوم الروسي.
السبب الثاني توجيه القوات الروسية ضربة مباغتة ضد سلاح الطيران والصواريخ الباليستية الأوكرانية من خلال تدمير مخازن الأسلحة والطائرات في المطارات العسكرية علاوة على مخازن الذخيرة.
ويقول الجنرال بيدرو بيتراش، مدير التخطيط العسكري السابق في وزارة الدفاع الإسبانية، والقائد السابق للقوات البرية، إن الإستراتيجية الروسية تعتمد على حصار المدن الأوكرانية، وهي خطة تعود إلى القرون الوسطى لإنهاك الخصم وضرب كل خطوط الدعم اللوجيستي لجعله يستسلم.
ويرى في الدعم الغربي أكبر عامل لتقوية معنويات الجيش الأوكراني في الوقت الراهن، وهو الدعم الذي جعل هذه القوات تقاوم حتى الآن. وعمليا، يعد الدعم الغربي حاليا أهم عنصر يذكي روح المقاومة وسط القوات الأوكرانية والطبقة السياسية، لكن هذا الدعم يكتسب صفة رمزية أكثر منه عملية قادرة على تغيير المعادلة.
ويعاني الدعم الغربي لأوكرانيا من ثلاثة عراقيل رئيسية تجعل الجيش الأوكراني يحارب لوحده، باستثناء استفادته من توجيهات عسكرية من الحلف الأطلسي حول تحرك القوات الروسية التي يجري رصدها بالأقمار الاصطناعية. وهذه العراقيل هي:
في المقام الأول، لا يستطيع حلف الناتو نقل العتاد العسكري الثقيل مثل الدبابات والمدرعات أو الطائرات المقاتلة إلى أوكرانيا، لأنه يتخوف من انفجار الوضع مباشرة مع القوات الروسية.
وكان الناتو ينوي تقديم مقاتلات سوفياتية الصنع مثل ميغ 29 وسوخوي 27 تمتلكها دول أعضاء من الحلف الأطلسي، كانت سابقا في حلف وارسو مثل بولندا، وتراجع خوفا من الاصطدام المباشر مع روسيا. ويعتبر نقل مقاتلات إلى أوكرانيا عملية انتحارية بسبب سيطرة القوات الروسية على المجال الجوي لهذا البلد.
في المقام الثاني، رغم تشديد الغرب على ضرورة تزويد أوكرانيا بالسلاح ومنها تصريحات المفوض الأوروبي للعلاقات الخارجية والدفاع، جوزيب بوريل، يوم الخميس، غير أن عملية إيصال هذه الأسلحة صعبة ومعقدة.
فمن جهة، هناك نسبة قليلة من الجنود في أوكرانيا لهم دراية بالسلاح الغربي مثل صواريخ “ستينغر” والباقي لا يستطيعون استعماله. ومن جهة أخرى، تقوم القوات الخاصة الروسية بعمل دقيق لرصد دخول هذه الأسلحة وتدميرها سواء من خلال عمليات تنفذها القوات الخاصة أو استعمال الصواريخ والطيران لتوجيه ضربات دقيقة.
ونجحت القوات الروسية في ضرب خطوط الإمداد للجيش الأوكراني سواء وسط البلاد أو من بولندا. ولا ترغب الدول المتاخمة لأوكرانيا مثل رومانيا بالتحول إلى جسر للأسلحة نحو هذا البلد خوفا من الرد الروسي، لا سيما بعدما هدد الكرملين بمعاقبة الدول التي تقوم بتهريب الأسلحة إلى القوات الأوكرانية.
في المقام الثالث، تعاني الدول الغربية من ضعف الذخيرة الكافية، وكانت مصادر عسكرية فرنسية قد اعترفت بأن الغزو الروسي مفاجأة جاءت في أسوأ الظروف المتمثلة في عدم التوفر على الذخيرة الحربية الكافية. ولهذا، تحافظ الجيوش الأوروبية على ذخيرتها تحسبا لفرضية توسع وامتداد الحرب، ولهذا لا تقدم الذخيرة والسلاح الخفيف الكافي للجيش الأوكراني.
وبعد مرور شهر كامل على اندلاع الحرب، تتفاقم صعوبة إيصال الأسلحة إلى أوكرانيا، مما يجعل الجيش الأوكراني يراهن على مخزونه الذي لم تدمره القوات الروسية أكثر من المساعدات عسكرية غربية.
* د. حسين مجدوبي كاتب وباحث مغربي
المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

حتمية الصراع في شرق أوروبا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة