تغلغل الإنترنت فى حياتنا

أحمد عزت سليم20 يوليو 2020آخر تحديث :
تغلغل الإنترنت فى حياتنا يصور د. ثائر العذارى فى حديثه عن علم النفس الرقمى تغلغل الإنترنت فى الحياة على النحو الذى يراه الكثير من المهتمين والمتخصصين

تغلغل الإنترنت فى حياتنا

يصور د. ثائر العذارى فى حديثه عن علم النفس الرقمى تغلغل الإنترنت فى الحياة على النحو الذى يراه الكثير من المهتمين والمتخصصين فى تكنولوجيا المعلومات: “يوما بعد يوم تتغلغل الانترنت في حياتنا ، لتستحوذ على رقعة متسعة من نشاطاتنا اليومية ، فتكون بديلا للحياة الإنسانية الواقعية ، فالانترنت لم تعد محض مصدر للمعلومات، فقد حولتها إمكانات التفاعل والاتصال إلى وسيلة من وسائل الحياة المفعمة بالأنشطة الإنسانية من فنون وأعمال وتجارة وعلاقات فردية وجماعية .. فضلنا تسميته المجتمع الرقمي، الذى يشترك المجتمع الطبيعي بالكثير من الصفات ، فهو مجتمع متكامل يمكن فيه دراسة الفرد وطبائعه وسلوكه الشخصي ، كما يمكن دراسة العلاقات الاجتماعية وخصائصها، وفيه الأنشطة الجماعية التي تتيح دراسة سلوك الفرد داخل الجماعة والحركة الجمعية والقيادات وأساليبها ، كما أن المجتمع الرقمي مجتمع منتج للفنون والآداب، ومجتمع اقتصادي فاعل إذ أصبحت المليارات من الدولارات تتدفق عبر هذا المجتمع بين البنوك الإلكترونية والمتاجر الرقمية، مما أدى إلى نشوء نمط جديد من علاقات الإنتاج.

تختلف الطبيعة الديموغرافية للمجتمع الرقمي كثيرا عن المجتمع الطبيعي ، فالفرد في المجتمع الرقمي يمتلك القدرة على خلق البيئة التي توفر له الراحة والفائدة، فبإمكانه اختيار الأشخاص الذين يتعامل معهم ويضعهم في قائمة ( chat ) الشات مثلا ليكون كالجيران في المجتمع الطبيعي ، يراقبهم من النافذة ويرى متى يكونون متواجدين ليتعامل معهم ، كما يمكنه حجب كل الأشخاص الذين لا يرغب بالتعامل معهم ، كما أن المفضلة  Favorites تمثل وسيلة أخرى لخلق البيئة المرغوبة من خلال تحديد المواقع التي يدخلها الفرد يوميا ،ويمكن القول أن المجتمع الرقمي يقع في منطقة بين الحلم والواقع ، فهو حلم إرادي يتيح للفرد أن يكون ما يتمنى هو لا ما حكم عليه المجتمع الطبيعي أن يكون ، فبإمكانه أن يختار لنفسه إسما جديدا يتمناه وعمرا مثاليا وصورة يرغب فيها، بل إنه يستطيع حتى تغيير جنسه إن رغب في ذلك.

وهذا ما يتيح للفرد شكلا من العلاقات الاجتماعية لا يمكن مقارنته أبدا بالعلاقات في المجتمع الطبيعي وخاصة فى المجتمعات التى تعانى من التفرقة والاضطهاد والقهر، وحيث أن هذا متاحا فى الدول الغربية فى الواقع الاجتماعى دون الحاجة للمجتمع الرقمى الافتراضى وكما فى قضية المثليين وحقوقهم فى هذه المجتمعات ، فالأسس والضوابط والوسائط مختلفة تماما.ومن أجل التوضيح فقط يمكن أن نشبه الحاسوب الشخصي بالمنزل الشخصي، إنه مكانك الذي فيه ممتلكاتك وأسرارك الشخصية ، وهكذا يمكن أن ننظر إلى برامج المحادثة كما لو كانت غرفة الضيوف في المنزل يمكنك أن تستقبل فيها الأصدقاء والشخصيات التي يربط بينك وبينهم عمل ما ، وكما في المجتمع الطبيعي لا يستطيع هؤلاء الضيوف رؤية ما في منزلك خارج هذه الغرفة إلا بإرادتك ، ولكن على الضد من المجتمع الطبيعي لا يستطيع الضيوف رؤية بعضهم البعض الآخر.

كما يمكن النظر إلى المستعرضات ( Explorers ) على أنها البيئة العامة التي تشمل الطرقات والأسواق والمدارس والمنتديات والمكتبات وأماكن اللهو والتسلية والتنزه وكما في المجتمع الطبيعي تتنوع أنماط السلوك في المجتمع الرقمي فهناك الأسوياء والعصابيون والمنحرفون ، هناك المتفائلون والمتشائمون، الشخصيات المرحة والكئيبة، وليس بالضرورة أن تتطابق الشخصية الرقمية مع الشخصية الطبيعية للفرد نفسه فهناك الكثير من الأفراد الذين استطاعوا أن يخلقوا شخصيات لهم أصبحت مشهورة على الشبكة بينما هم مغمورون في المجتمع الطبيعي ، وهناك الكثير من الأسوياء في المجتمع الطبيعي يعيشون في المجتمع الرقمي بشخصيات منحرفة ، ثمة مظهران من مظاهر المجتمع الرقمي السيكولوجية لابد من الإشارة إليهما، أما الأول فهو إمكانية التنكر، أي تقمص شخصية أخرى لا علاقة لها بالشخصية الطبيعية ويتيح هذا إمكانية ظهور المحتالين التي تمثل ظاهرة الرسائل المزعجة (SPAM )  المثال الأبرز عليها ، وأما الثاني فهو إمكانية التخفي ( Anonymity ) وهي مختلفة عن التنكر وتعني إمكانية تنقل الفرد في الفضاء الرقمي من غير أن يكون مرئيا، وتتيح هذه الإمكانية حدوث الجريمة الرقمية وظهور القراصنة واللصوص الرقميين/ وهكذا يكون بإمكان شخص متخف الدخول إلى منزلك (حاسبتك الشخصية) والعبث بمحتوياته ، وربما يسرق هويتك (بياناتك الشخصية) ويظهر في المجتمع الرقمي بها ويراسل الآخرين باسمك ومن بريدك الشخصي الذي سيطلع عليه ويكشف من خلاله كل علاقاتك الشخصية.

موضوعات تهمك:

هل الإرهاب السيبراني يمثل تهديدا حقيقا أو متخيلا

لا يمكن منع الإختراق السيبراني الأمني

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة