ترويض لبنان مقابل فتات

محمود زين الدين10 أكتوبر 2022آخر تحديث :
لبنان

ملف اتفاق ترسيم الحدود البحرية المقترح والتعديلات اللبنانية ليسا مطروحين بشفافية واضحة أمام الشعب اللبناني وبرلمانه.
مقابل فتات للبنان مقارنةً بأرباح إسرائيل من غاز حقل كاريش ستجني إسرائيل مكاسب هائلة بمجالات مختلفة اقتصادية وأمنية.
لأنّ لبنان نفسه يعيش أزمات متشابكة فخطر وقوعه بـ”أوسلو لبناني” مفصّل له يصبح أكثر من داهم إن أبقت القيادة اللبنانية الباب مشرعاً لنصوص مبهمة.
الأهم شرعية من لبنان لحدود برية وبحرية متفق عليها وكسر حاجز العداء مع العدو وفتح ثغرة لتصالح سياسي يمتد لتطبيع أحد شروطه الإسرائيلية شطب حق العودة الفلسطيني.
* * *

بقلم: نضال محمد وتد
ثلاثة مليارات دولار فقط، هي إجمالي العائدات والأرباح المتوقعة من حقل قانا اللبناني للغاز، هذا قبل طرح أرباح الشركة الفرنسية “توتال”، فيما الحصة الإسرائيلية المتوقعة تبلغ نسبتها 17 في المائة، أي نحو نصف مليار دولار.
هذه هي المعطيات التي أدلى بها المدير العام لوزارة الطاقة الإسرائيلية، ليئور شيلات، أول من أمس الخميس، أمام الكابينت الإسرائيلي؛ السياسي والأمني، ما ترك حتى وزيرة الداخلية المتطرفة، أيليت شاكيد، مذهولة أو مفاجأة من الثمن البخس الذي تتنازل عنه إسرائيل، مقابل ما قد تجنيه من الاتفاق في حال توقيعه.
لكن مقابل هذا الفتات، مقارنةً بالأرباح الإسرائيلية من الغاز في حقل كاريش، فإن إسرائيل ستجني أيضاً مكاسب هائلة في مجالات مختلفة؛ بدءاً من المكاسب الاقتصادية، فالمكاسب الأمنية.
والأهم من ذلك كله، شرعية من لبنان على حدود برية وبحرية متفق عليها وكسر حاجز العداء، وفتح ثغرة أمام تصالح سياسي يمتد لاحقاً إلى تطبيع يكون أحد شروطه الإسرائيلية المستقبلية قتل حق العودة الفلسطيني وشطبه نهائياً بعد “زوال حالة العداء” بين الطرفين.
ليس واضحاً بعد كيف ستقود القيادة اللبنانية مركب لبنان في مواجهة الضغوط الأميركية، لا سيما وأن ملف اتفاق ترسيم الحدود البحرية المقترح والتعديلات اللبنانية ليسا مطروحين بشفافية واضحة أمام الشعب اللبناني وبرلمانه، ولا يبدو أن هناك ميلا واضحا لدى القيادة اللبنانية لكشف كل ما يخفى عن الشعب، في ما يتعلق بموارد البلاد ومستقبلها أو مستقبل العلاقة مع دولة الاحتلال.
من الواضح أن إسرائيل لن تكتفي بالضغوط الأميركية، بل ستسعى أيضاً لاجتلاب ضغوط أوروبية؛ ألمانية وفرنسية، وأخرى عربية من الخليج، لتسيير مركب الاتفاق وفق شروطها هي (في الشقين الأمني والعسكري)، وبوعود وضمانات عربية وأوروبية، مع تلويح بوقف الدعم المالي الأميركي الرسمي للجيش اللبناني.
وسيجد لبنان وقيادته السياسية نفسهما، أمام وضع مركب وشائك من الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية، لتقديم تنازلات، حتى وإن تم ربطها بمقترحات لحلول مرحلية مؤقتة لتمكين بدء ضخ الغاز الإسرائيلي للأسواق الأوروبية قبل حلول الشتاء، من دون أن يملك لبنان أدوات أو أوراقا قوية لمواجهة هذه الضغوط.
ولأنّ لبنان نفسه يعيش أزمات داخلية متشابكة على مختلف الأصعدة، فإن خطر انزلاقه ووقوعه في مطب “أوسلو لبناني” مفصّل على مقاسه، يصبح أكثر من داهم، في حال لم تعتمد القيادة اللبنانية الشفافية التامة مع شعبها، وأبقت الباب مشرعاً أمام نصوص مبهمة.

* نضال محمد وتد كاتب صحفي فلسطيني

المصدر: العربي الجديد

موضوعات تهمك:

ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية وشيطان التفاصيل

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة