بريطانيا: لماذا يناهض رئيس الوزراء «ابن المهاجر» اللاجئين؟

محمود زين الدين16 ديسمبر 2022آخر تحديث :
بريطانيا

لماذا يترافق صعود الأقليات بحكومة حزب المحافظين وأعضائه بالبرلمان مع سياسات معادية للأقليات والمهاجرين؟
إضافة إلى كونه من أصل هندي، فإن ريشي سوناك هندوسي الديانة، وأول شخص «غير أبيض» يتولى المنصب البريطاني الرفيع.
يترابط تاريخ الحزب مع اتجاهات مناصرة الملكية والتقاليد المحافظة مع دعم الرأسمالية ورجال الأعمال، وكذلك مع المواقف المعادية للأقليات.
كثيرون من الأقليات يتحولون بعد جيل أو جيلين إلى أعداء المهاجرين (من بلدان وأديان بعينها!) ويتماهون مع سياسات المحافظين الاجتماعية الاقتصادية!
* * *
قام حزب المحافظين البريطاني بخطوة «غير محافظة»، ولا تقليدية أبدا، حين اختار نوابه في البرلمان ريشي سوناك، ابن المهاجرين الآسيويين، زعيما لهم، وبالتالي رئيسا للحكومة.
إضافة إلى كونه من أصل هندي، فإن سوناك هندوسي الديانة، وأول شخص «غير أبيض» يتولى المنصب البريطاني الرفيع.
إضافة لذلك، فقد اختار سوناك، لرئاسة وزارة الداخلية، زميلته سويلا بريفرمان، وهي أيضا ابنة مهاجرين من كينيا وموريشيوس، من أصول هندية (وتاميلية وموريشية من جهة الأم)، وقد حلت مكان زميلتها الهندية الأصل أيضا، وابنة المهاجرين الهنديين من أوغندا، بريتي باتيل.
وكانت رئيسة الوزراء السابقة، ليز تراس عيّنت، خلال فترة حكومتها القصيرة، كواسي كوارتنغ، ابن المهاجرين الغانيين، في منصب رفيع أيضا، هو وزير الخزانة.
يترابط تاريخ الحزب مع اتجاهات مناصرة الملكية والتقاليد المحافظة مع دعم الرأسمالية ورجال الأعمال، وكذلك مع المواقف المعادية للأقليات، والتي كانت خطبة وزير الدفاع اينوك باول «أنهار من دمار»، عام 1968، إحدى الذرى السياسية البارزة في تاريخ بريطانيا المعبرة عن النزعة العنصرية المشتبكة مع مناهضة المهاجرين.
في عام 2019 حصل صراع على قيادة الحزب، وكان هناك 10 مرشحين، بينهم واحد فقط من الأقليات، وامرأتان، أما في الاقتراع الأخير فكان بين المتنافسين سوناك وبريفرمان، وكيمي بادونوك، من أصول أفريقية، ونديم زهاوي، من أصول كردية عراقية، وهذا تطور كبير في هرمية الحزب، يتابع خط تطور بدأ مع بنجامين ديزرائيلي، أول يهودي من الحزب يرأس حكومة بريطانيا (خلال الحقبة الفكتورية)، ومارغريت ثاتشر، التي كانت أول امرأة ترأس الحكومة البريطانية (وهو خط استمر مع تيريزا ماي وليز تراس)، وساجد جافيد، أول وزير مسلم، وصولا إلى الحكومة الحالية التي تحتوي ثلاثة «ملونين» في مواقع رئيسية.
تبلورت سياسة اجتذاب الأقليات والنساء للحزب عام 2005 بحيث ارتفع عدد أعضاء الحزب النساء في البرلمان من 17 إلى 49 وممثلي الأقليات من 2 إلى 11، وصولا إلى 87 امرأة و22 من الأقليات حاليا، وبذلك تمكن الحزب من تغيير صورته القديمة ليبدو أكثر ديمقراطية وتمثيلا وشمولا، منافسا في ذلك خصمه حزب العمال، الذي يشكل أعضاؤه من الأقليات في البرلمان ما يقارب نصف مجمل أعضائه المئتين، كما أن لديه 41 امرأة.
غير أن السؤال، ضمن هذا السياق، هو: لماذا ترافق صعود الأقليات في حكومة المحافظين وأعضائه البرلمانيين إلى سياسات معادية للأقليات والمهاجرين، وهو ما دفع ربا حق، إحدى أعضاء البرلمان من «العمال» لاعتبار كوارتنغ، الأفريقي الأصل، الذي جاء بميزانية حادة في دعمها للشركات ورجال الأعمال، «أسود ظاهريا» فقط.
صحيح أن المحافظين شجعوا الأقليات على دخول الحزب، غير أن الواقع يقول إن الأقليات أيضا، تحمل ضمنها تنوعا سياسيا، وإن فيها كثيرين، يتحولون، بعد جيل أو جيلين، مثل بريفرمان وباتيل، إلى معادين للمهاجرين (أو لمهاجرين من بلدان وأديان بعينها!) ويتماهون مع السياسات الاقتصادية والاجتماعية للمحافظين.
رغم احتضان حزب المحافظين للأقليات في هرميته العليا، فإن الحقيقة أن جمهوره العام ما زال، في أغلبيته، من الأكثرية الأنغلو ساكسونية البيضاء البروتستانتية، وأن صعود أبناء المهاجرين إلى قمته، يُستخدم، في الحقيقة، لتبرير سياسات أشد سوءا وقساوة وبعدا عن شرائع الأمم المتحدة والقانون الدولي، مما سبق.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

قيادات السود بمجلس النواب

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة