انتخابات لبنان بين بصيص الأمل وانسداد مستحكم

محمود زين الدين18 مايو 2022آخر تحديث :
لبنان

لن تنهي النتائج ثقافة تعطيل الاستحقاقات الدستورية ونهج حكومات التوافق العقيمة وقد تسير بالبلد مجدداً في النفق المظلم ذاته.
نتائج تعكس فقدان «حزب الله» و«أمل» قسطاً واضحاً من التأثير والسيطرة، نظرا لأن الثنائي الشيعي كان الراعي المباشر للخاسرين.
لم تسفر الانتخابات النيابية عن تغيير جوهري بتوازنات المجلس، تغيير لاح أحيانا أنه إجابة المجتمع عن مسؤولية الساسة والأحزاب عن أوضاع كارثية.
نجاح 10 مرشحين في الوصول للمجلس النيابي على لوائح مسجلة باسم مجموعات التغيير ما قد يشكل كتلة نيابية تتدخل بمشاريع القرارات أو الطعن أمام المجلس الدستوري.
بصيص أمل صنعته ظواهر التحول في الانتخابات يوازيه انسداد مستحكم في التوازنات والمؤسسات والقوى والرهانات، وتلك معضلة شاقة لا يحلها انتصار رمزي هنا أو خسارة عابرة هناك.
نجاح قوى التغيير في حشد جماهيرها مقابل عجز الأحزاب التقليدية عن استنفار قواها المعتادة وتحريك «ماكينات» الانتخابات المعتادة رغم توظيف الأموال وشراء الأصوات وممارسة الترغيب والترهيب.
* * *
رغم أنها انطوت على عدد من المفاجآت المدوية المتمثلة في فشل بعض أقطاب المجلس النيابي وقدماء تحالف «حزب الله»، لم تسفر الانتخابات النيابية اللبنانية عن تغيير جوهري في توازنات المجلس.
ربما لاح التغيير خلال بعض الوقت أنه قد يكون إجابة المجتمع على مسؤولية الساسة والأحزاب التقليدية عن أوضاع كارثية معيشية واقتصادية وصحية وتعلمية وخدمية يعاني منها لبنان منذ سنتين ونصف، خاصة بعد الانتفاضة الشعبية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
ثمة مع ذلك نقاط مضيئة حول الفاعلية المستقبلية لتيارات التغيير المختلفة، التي انبثقت عن الانتفاضة أولاً كما تبلورت بوضوح أكثر بعد انفجار مرفأ بيروت مطلع آب/ أغسطس 2020.
أبرز هذه النقاط قد يكون ما تشير إليه عمليات فرز الأصوات حتى الساعة من نجاح 10 مرشحين في الوصول إلى المجلس على لوائح مسجلة باسم مجموعات التغيير المختلفة، الأمر الذي قد يتيح لهم تشكيل كتلة نيابية مخوّلة بالتدخل في مشاريع القرارات أو الطعن فيها أمام المجلس الدستوري.
والنقطة المضيئة الثانية ذات الصلة هي الفشل الذريع الذي مُني به عدد من مرشحي تحالف «حزب الله» البارزين، أمثال وئام وهاب وأسعد حردان وطلال أرسلان، وكذلك تراجع التيار الوطني الحر في مناطق نفوذ تاريخية وهبوطه إلى المرتبة الثانية في تمثيل المسيحيين، لصالح «القوات اللبنانية» التي باتت تحتل الموقع الأول.
والأكثر دلالة في هذه النتائج هو أنها تعكس فقدان «حزب الله» و«أمل» قسطاً واضحاً من التأثير والسيطرة، بالنظر إلى أن الثنائي الشيعي كان الراعي المباشر للخاسرين.
وإذا كانت نسبة الإقبال على الاقتراع لم تتجاوز الـ41٪ وبالتالي عبرت عن حالة معممة من الإحباط الشعبي وضعف الثقة في الساسة والنواب والمجلس على حد سواء، فإنها في الحالة اللبنانية على وجه التحديد قد تكون مؤشراً على نجاح قوى التغيير في حشد جماهيرها مقابل عجز الأحزاب التقليدية عن استنفار قواها المعتادة وتحريك «الماكينات» الانتخابية المعتادة بالرغم من توظيف الأموال وشراء الأصوات وممارسة الترغيب والترهيب.
وإن صحت هذه الحال فإنها تعني أيضاً انفضاض بعض الشرائح الشعبية عن أحزابها التقليدية وزعمائها المزمنين، مما يوحي أيضاً بتسلل مشاعر الإحباط والسخط إلى قلب الجموع التي يتفاخر «حزب الله» مثلاً بأنها خلفه كالبنيان المرصوص.
ومن الواضح أن هذه الجولة التشريعية لن تراجع نظام المحاصصة الطائفي السائد في البلد، ولن تمسّ هيمنة «حزب الله» عبر أغلبيته البرلمانية وسلاحه وتبعيته الإيرانية. ولن تنهي ثقافة تعطيل الاستحقاقات الدستورية ونهج حكومات التوافق العقيمة، وقد تسير بالبلد مجدداً في النفق المظلم ذاته.
وإلى جانب مآزق البلد الفاشل أو البلد المفلس أو البلد الجائع أو البلد المريض، ثمة اشتراطات صندوق النقد الدولي وعواقب فراغ الدولة وكوابيس المغامرات الإقليمية وأشباح حرب أهلية محدودة أو شاملة.
وهكذا فإنّ بصيص الأمل الذي صنعته أو تصنعه ظواهر التحول في هذه الانتخابات، يوازيه انسداد مستحكم في التوازنات والمؤسسات والقوى والرهانات، وتلك معضلة شاقة لا يحلها انتصار رمزي هنا أو خسارة عابرة هناك.
المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

لبنان.. الإفلاس السياسي والتعثر المالي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة