انتخابات إيطاليا: أقصى اليمين أم أسرع الإخفاق؟

محمود زين الدين28 سبتمبر 2022آخر تحديث :
انتخابات إيطاليا

احتلال حزب إخوة إيطاليا المركز الأول على جميع أحزاب إيطاليا في اليمين والوسط واليسار هو العلامة الأوضح على مدّ متزايد تحققه أحزاب أقصى اليمين بأوروبا.
الفوز بربع أصوات الناخبين بإيطاليا يختلف عن النجاح في تشكيل حكومة يمينية متعددة الأطراف وعن البقاء بالسلطة فترة كافية لحكم بلد شهد 67 حكومة في 77 عاما.
شهدت السويد مؤخراً تقدم أحزاب يمينية متطرفة نازية جديدة، ونال التجمع الوطني اليميني المتطرف بفرنسا 89 عضواً بالبرلمان في نقلة تاريخية وفي إسبانيا يتواصل صعود حزب «فوكس» اليميني المتشدد.
* * *
أظهرت نتائج انتخابات إيطاليا التشريعية فوز تحالف الأحزاب اليمينية بنحو 44٪ من الأصوات، مما يؤهلها لضمان أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ وتشكيل الحكومة المقبلة نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ويتألف هذا التكتل من حزب الرابطة بزعامة ماتيو سالفيني وحزب سيلفيو برلسكوني «فورزا إيطاليا» وحزب إخوة إيطاليا الذي تتزعمه جيورجيا ميلوني، إلا أن المؤشر الأهم هو فوز الحزب الأخير بـ26% من الأصوات، صاعداً من 4.3% في الانتخابات الأخيرة سنة 2018، وذلك للمرة الأولى لأي حزب يميني متشدد وقريب من الفكر الفاشي منذ عام 1946، ليس على نطاق إيطاليا وحدها بل على امتداد القارة الأوروبية.
ورغم أن نسبة الإقبال على التصويت تراجعت في هذه الدورة بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، وأن حزب «الرابطة» مُني بخسائر ملموسة بالقياس إلى نتائجه سنة 2018، فإن احتلال «إخوة إيطاليا» المركز الأول على جميع أحزاب إيطاليا في فئات اليمين والوسط واليسار يعتبر العلامة الأوضح حتى الساعة على مدّ متزايد أخذت تحققه أحزاب أقصى اليمين في أوروبا.
وكانت السويد قد شهدت مؤخراً تقدم أحزاب يمينية متطرفة وذات ميول نازية جديدة، وقبل أشهر قليلة تمكن «التجمع الوطني» اليميني المتطرف في فرنسا من إيصال 89 نائباً إلى البرلمان في نقلة تاريخية أعقبت وصول رئيسته مارين لوبين إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية وللمرة الثانية، وفي إسبانيا يتواصل صعود حزب «فوكس» اليميني المتشدد بدوره والأقرب إلى «إخوة إيطاليا».
لكن الفوز بنحو ربع أصوات الناخبين الإيطاليين أمر مختلف عن النجاح في تشكيل حكومة يمينية متعددة الأطراف والتيارات، ومختلف أكثر عن البقاء في السلطة فترة كافية لحكم بلد مثل إيطاليا شهد 67 حكومة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بينها 11 حكومة خلال العقدين الأخيرين فقط.
وهذه معادلة سوف تتزايد وطأتها على أي حكومة يمكن أن تشكلها ميلوني خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لسبب جوهري أول هو التحديات الاقتصادية الهائلة التي سوف تلقي بأثقالها على أداء التحالف اليميني، الذي يعاني اصلاً من هشاشة سياساته واضطراب مواقفه من قضايا شائكة داخلية وأوروبية وعالمية.
ولم يكن غريباً أن تجنح ميلوني إلى نبرة اعتدال في خطبة إعلان الفوز بالانتخابات، خاصة في التأكيد على أنها ستقود حكومة من أجل كل الإيطاليين، متراجعة بذلك عن طروحاتها الشعبوية ضدّ دعاة الإجهاض والمثليين وجماعات اليسار، وكذلك تلميحها إلى انتماء إيطاليا الأوروبي في إشارة ضمنية إلى عدم قدرة أي حكومة إيطالية على مغادرة الاتحاد الأوروبي والتنازل الطوعي عن مليارات تحظى بها روما ضمن خطة الاتحاد الأوروبي للإنعاش الاقتصادي بعد جائحة كوفيد-19.
كذلك لن يكون سهلاً على ميلوني أن تصالح بين العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة على روسيا جراء غزو أوكرانيا، وبين مواقف شريكيها في التحالف سالفيني وبرلسكوني المتعاطفين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وصحيح أنها سوف تسجل سابقة تاريخية كأول امرأة تترأس حكومة إيطالية، ولكن الأصح في المقابل أنها قد تسجل رقماً قياسياً جديداً في الإخفاق السريع.

المصدر: القدس العربي

موضوعات تهمك:

جورجيا ميلوني تقلق أوروبا: ماذا يعني عودة وجه فاشي للحكم؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة