القمة العربية.. عودة العصر الذهبي للدبلوماسية الجزائرية؟

محمود زين الدين1 نوفمبر 2022آخر تحديث :
الجزائر

الرؤساء الأوائل للجزائر المستقلة، أحمد بن بلة ثم هواري بومدين، مارسوا سياسات خارجية نشطة لصالح بلدان الجنوب.
هل قول العمامرة: “عندما يتحد الفلسطينيون، فالعرب سيتحدون بسهولة أكبر بعد ذلك”، إشارة لاختلاف آراء الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية؟
ترويج المغرب لـ”مغربية” الصحراء الغربية ونشاط الجزائر المؤيد للصحراويين كلف الدولتين ثمناً باهظاً بتركيز الموارد الدبلوماسية عليها وإهمال ملفات أخرى.
أظهر الرئيس تبون رغبة بالاندماج بمجموعة بريكس والدفاع عن دوره داخل الأسرة العربية الكبرى، في عملية المصالحة مع فرنسا ومشاريعها الاقتصادية جنوب الصحراء.
* * *
تحت عنوان: “قمة جامعة الدول العربية.. عودة العصر الذهبي للدبلوماسية الجزائرية؟”، أوضحت صحيفة “لوبينيون” الفرنسية أن قمة جامعة الدول العربية التي يستضيفها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في الجزائر العاصمة يومي 1 و 2 نوفمبر، ستخصص إلى حد كبير للأزمات في الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أنه في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، وقع أربعة عشر فصيلاً فلسطينياً، بما في ذلك فتح وحماس والجهاد الإسلامي، على إعلان الجزائر، والذي التزموا فيه بتنظيم الانتخابات الفلسطينية في غضون عام؛ الأمر الذي يُعد انتصارا دبلوماسياً للجزائر يمثل عودتها الكبيرة على الساحة الدولية.
وأشارت الصحيفة إلى تصريح رمطان لعمامرة، رئيس الدبلوماسية الجزائرية:
“إنها قمة لم الشمل، وتطوير رؤية مشتركة، وتأكيد للعالم العربي في هذا السياق العالمي المتقلب. يجب على بلداننا أن تعمل على تعزيز التضامن مع دول مثل الصومال وليبيا وفلسطين. ستكون مسألة السلام والأمن في الشرقين الأدنى والأوسط في قلب المناقشات. يجب أن يتيح لنا هذا الاجتماع إعادة التأكيد على تمسكنا بمبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية في قمة بيروت عام 2002، وتبقى البوصلة لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وكان الرئيس الجزائري قد دعا بالفعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى الجزائر يوم الخامس من يوليو/ تموز الماضي بمناسبة الذكرى الستين للاستقلال. تسارعت المناقشات من 11 إلى 13 أكتوبر، مما أتاح إبرام اتفاق.
وفقا للنص الموقع بالأحرف الأولى في الجزائر العاصمة، تتعهد الأطراف المختلفة بالعودة إلى الوحدة الوطنية، والانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية “الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”، لانتخاب مجلس وطني فلسطيني داخل البلاد وخارجها، وتنظيم الانتخابات العامة والرئاسية والتشريعية في غضون عام. وستكون مجموعة عمل جزائرية عربية مسؤولة عن مراقبة تنفيذ بنود الاتفاقية، تُذكّر الصحيفة الفرنسية.
ويبدو أن الرهان بعيد المنال، في ظل انقسام الفلسطينيين منذ خمسة عشر عاماً. وقد أرجأ المقربون من محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، تشكيل حكومة وحدة وطنية في اللحظة الأخيرة.
وتنقل الصحيفة عن دبلوماسي فلسطيني قوله: “إن تطبيق هذا الاتفاق لن يكون سهلاً. لقد سئم الفلسطينيون من الوعود الفارغة من قادتهم. فحركة فتح، المكون الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، خسرت إلى حد كبير دعم المواطنين بالضفة الغربية بسبب تواطؤها الأمني مع إسرائيل، ورفض العديد من سكان غزة الذين يعيشون في وضع صعب بسبب لي الذراع المسلح مع تل أبيب”.
ولم يعد شباب الأراضي المحتلة يؤمنون بالسلام، وباتوا يطمحون قبل كل شيء إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتساءلت “لوبينيون” إن كان قول وزير الخارجية الجزائري: “عندما يتحد الفلسطينيون، فإن العرب سيتحدون بسهولة أكبر بعد ذلك”، هو إشارة إلى اختلاف الآراء بين الدول الـ22 الأعضاء في جامعة الدول العربية؟ مُذكّرةً أنه منذ عامين، وقعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب اتفاقات إبراهام مع إسرائيل، رغم تعهدها أمام المنظمة العربية بعدم تطبيع العلاقات ما لم يتم تسوية القضية الفلسطينية.
من المتوقع أن تركز القمة العربية على إصلاح مؤسسة جامعة الدول العربية ومساعدة الدول التي تمر بأزمات مثل الصومال وليبيا ولبنان وتسوية الصراع بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى حول سد النهضة. كما أنها ستكرس الدور المتزايد للمجتمعات المدنية في المشاورات، كوسيلة لإدماجها بشكل أكثر فاعلية بينما لا يفي الربيع العربي بوعده، بالنسبة للكثيرين.
حتى الآن أُعلن عن مشاركة سبعة عشر زعيمًا في قمة الجزائر، بمن فيهم ملك المغرب محمد السادس. فالجزائر والرباط على خلاف حول الصحراء الغربية، وقد أغلقت الأولى مؤخرًا مجالها الجوي ردًا على الحشود العسكرية المغربية على طول حدودها وتعاونها العسكري مع إسرائيل.
واعتبرت “لوبينيون” أن الترويج لـ”مغربية” الصحراء الغربية من قبل الرباط والنشاط المؤيد للصحراويين من قبل الجزائر كلف الدولتين ثمناً باهظاً، بتركيز وسائل البلدين الدبلوماسية عليها، وتقليل الاستثمار في الملفات الأخرى.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن الرؤساء الأوائل للجزائر المستقلة -أحمد بن بلة ثم هواري بومدين- مارسوا سياسات خارجية نشطة لصالح بلدان الجنوب. وُصفت الجزائر بأنها “قِبلة الثوار” في الستينيات والسبعينيات، لكن العشرية السوداء (1991-2002) كانت نكسة، حيث ركزت البلاد بشكل أساسي على محاربة الإرهاب، بينما كانت تسعى إلى تجنب العزلة الدبلوماسية. وشكل مجيء عبد العزيز بوتفليقة مرحلة إحياء السياسة الخارجية، لكن مرض الرئيس سرعان ما قلل من الآمال في هذا المجال.
ومنذ وصوله إلى السلطة في 2019 -تقول الصحيفة الفرنسية- أعاد عبد المجيد تبون التزامه الكامل بالقضايا العربية والأفريقية. وهو يعتمد على الدبلوماسي المخضرم رمطان لعمامرة المفوض السابق للسلام والأمن في الاتحاد الأفريقي.
لقد أعاد الرئيس تبون بالفعل إطلاق اتفاق الجزائر بشأن مالي ولعب دورًا في الأزمات في ليبيا وبين إثيوبيا ومصر. ويعطي حاليًا زخمًا جديدًا لحركة دول عدم الانحياز، ويظهر رغبته في الاندماج مع دول بريكس، المجموعة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والدفاع عن دوره في داخل الأسرة العربية الكبرى، في عملية المصالحة مع فرنسا ومشاريعها الاقتصادية جنوب الصحراء.
وهو نشاط والتزامات تشير بلا شك إلى الرغبة في إدخال عصر ذهبي جديد للجزائر على المستوى الدبلوماسي.

المصدر: لوبينيون

موضوعات تهمك:

ماكرون في الجزائر: حل تاريخي أم استعمار جديد؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة