العنصريون قادمون

محمود زين الدين25 ديسمبر 2022آخر تحديث :
العنصريون

تعتنق تلك الحركات الغربية مبادئ بالغة العنصرية ضد كل مَن ليس مثلهم، أى ليس من البِيض الذكور المسيحيين!
الأفكار التى تعتنقها الحركة التى قامت بتلك المحاولة الفاشلة هى ذاتها التى تعتنقها حركات مماثلة بأمريكا ودول أوروبية عدة.
السلطات الألمانية كانت قد أعلنت أنها أحبطت محاولة للانقلاب على نظام الحكم، تستعد لها حركة، اسمها «حركة مواطني الرايخ».
تسعى حركة مواطني الرايخ لإقامة ملكية ديكتاتورية، على رأسها أمير، يؤمن بأفكارهم، من الأسرة التى حكمت ألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى.
الإعداد للانقلاب بدأ سرًّا منذ نوفمبر 2021 بل إن الانقلابيين اختاروا وزراء الحكومة التى سيُنشئونها بعد هدم نظام الحكم وشكّلوا وحدات جيش جديد.
* * *

بقلم: د. منار الشوربجي

محاولة الانقلاب، التى تم الكشف عنها فى ألمانيا مؤخرًا، تمثل واحدة من حلقات صعود التطرف العنصرى فى الغرب، فالأفكار التى تعتنقها الحركة التى قامت بتلك المحاولة الفاشلة هى ذاتها التى تعتنقها حركات مماثلة بأمريكا ودول أوروبية عدة.
فالسلطات الألمانية كانت قد أعلنت أنها أحبطت محاولة للانقلاب على نظام الحكم، تستعد لها حركة، اسمها «حركة مواطني الرايخ». وبينما تم القبض على العشرات، فإن أخطر ما فى القصة أن الذين تم القبض عليهم ضموا قاضية كانت عضوًا سابقًا بالبرلمان، فضلا عن ضباط سابقين بالجيش والقوات الخاصة الألمانية، كما تم العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات والذخيرة.
والأخطر من هذا وذاك أن بعض تلك الأسلحة كانت قد اختفت فيما سبق من قواعد عسكرية، بل أعلنت السلطات، قبل شهور، عن حل إحدى وحدات القوات الخاصة، بعدما تبين اعتناق عناصرها فكر الحركة.
وتشير التحقيقات إلى أن الإعداد للانقلاب بدأ سرًّا منذ نوفمبر 2021، حتى إن الانقلابيين اختاروا الوزراء فى الحكومة، التى سيُنشئونها بعد هدم نظام الحكم، بل شكّلوا بعض وحدات الجيش الجديد.
وكانت الخطة أن يتم تنفيذ الانقلاب قبل أعياد الكريسماس العام الجارى. وتشمل التحقيقات السعى للتأكد من حجم العلاقة بين بعض مَن تم القبض عليهم و«حزب البديل الألمانى» اليمينى، الذى حصل فى الانتخابات الماضية على 79 مقعدًا بمجلس النواب، بل الكشف عن مستوى العلاقة بالكرملين وغيره من الهيئات الأجنبية، التى كان الانقلابيون يسعون للحصول على اعترافها بشرعية الانقلاب فور نجاحه.
وحركة مواطنى الرايخ ليست حركة جديدة، ولكنها تزداد قوة، حيث يُقدر عدد أعضائها الحالى بحوالى 21 ألف عضو، وهى حركة تتسم بالسيولة، إذ تضم جماعات متعددة، وليست لها قيادة مركزية.
غير أن ما يُوحِّد فصائل الحركة هو معتقداتها، فأعضاؤها لا يعترفون بنظام الحكم الألمانى، الموجود منذ عام 1949، ولا بالحدود الألمانية الحالية، وإنما يرون أن حدود الإمبراطورية الألمانية، التى كانت موجودة قبل 1937، هى التى تتمتع بالشرعية، أى الإمبراطورية التى أُنشئت فى 1871.
ولأنهم يعتبرون النظام القائم غير شرعى، فهم يرفضون استخراج بطاقات هوية، ودفع الضرائب، وبعضهم يستصدر بطاقات هوية خاصة، ورخصًا للقيادة!
وهم يؤمنون أيضًا بأن النظام الحالى مجرد عميل لقوات الحلفاء، التى هزمت النازيين وانتصرت فى الحرب العالمية الثانية، ولا تزال تحكم ألمانيا سرًّا حتى اليوم. وتسعى الحركة لإقامة ملكية ديكتاتورية، على رأسها أمير، يؤمن بأفكارهم، من الأسرة التى حكمت ألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى.
والحقيقة أن تلك الأفكار تشبه إلى حد التطابق أحيانًا أفكار الكثير من الجماعات الأمريكية المتطرفة، وتلك الموجودة بدول أوروبية، فهى كلها، بأمريكا وأوروبا، تحرص على تجنيد أعضاء الجيش والشرطة السابقين لأنهم الأكثر تدريبًا على استخدام السلاح.
وجميعها تؤمن بفكرة عدم شرعية النظم الحاكمة، ووجود حكومات سرية غير تلك المعلنة، ضمن عدد من نظريات المؤامرة. والكثير من هؤلاء، أيًّا كان موطنهم، يرون روسيا نموذجًا يُحتذى لأنها «بيضاء (فقط) ومسيحية»، ويعشقون ترامب وفيكتور أوربان، رئيس المجر. وتعتنق تلك الحركات الغربية مبادئ بالغة العنصرية ضد كل مَن ليس مثلهم، أى ليس من البِيض الذكور المسيحيين!
والتشابه لا يقتصر على الأفكار، وإنما يمتد إلى العمل على الأرض، فالبرلمان الألمانى، مثلًا، شهد، فى أغسطس 2020، واقعة لم تكتمل، شبيهة باقتحام الكونغرس بعدها بأشهر قليلة، فى يناير 2021، بل إن هناك علاقات معقدة بين تلك القوى فيما يشبه الشبكة. والصعود المتنامى لتلك القوى الغربية ينذر بكوارث ومجازر بالجملة.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية المساعدة، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر: المصري اليوم – القاهرة

موضوعات تهمك:

العنصرية والدين والسياسة بأمريكا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة