الركود العظيم.. هل بدأت قوة الصين بالأفول؟

مؤمن صالح19 أكتوبر 2021آخر تحديث :
قوة الصين

المحتويات

الركود العظيم.. هل بدأت قوة الصين بالأفول؟

مقدمة الترجمة

أعدَّ “مايكل بِكلي”، أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة “تافتس”، و”هال براندز”، أستاذ كرسي هنري كِسينغر للشؤون العامة بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة “جونز هوبكنز”، تحليلا نشرته مجلة “فورين أفيرز”، يتناولان فيه القوة الصينية التي حقَّقت صعودا مُذهلا خلال العقود الماضية، ويناقشان احتمالية أفول نجم الصين في السنوات المقبلة، مُستعرضين الشواهد على ذلك، وكيف يستعد العالم لمثل هذه اللحظة.

 

نص الترجمة

ثمَّة إجماع غالب اليوم بأن الصين بصدد التفوُّق على الولايات المتحدة وتجاوزها، وهناك العديد من الأدلة التي تدعم هذا الرأي. فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الصيني 40 ضِعْفا منذ عام 1978، بينما تتربَّع الصين على قمة العالم من حيث الاحتياطي النقدي، والفائض التجاري، والاقتصاد وفق مقياس تعادل القوة الشرائية، والقوات البحرية مقيسة بعدد السفن. وبينما تلملم الولايات المتحدة ذيول خيبتها خروجا من أفغانستان، تنطلق الصين بقوة لتُدشِّن نظاما مرتكزا لها في آسيا، ولتحل محل واشنطن على قمة العالم.

بيد أن الصين في عجلة من أمرها كما يبدو، وذلك لأن نجمها في الواقع أوشك على الأفول. لقد كانت الرياح مواتية لصعود الصين طيلة عقود، أما الآن فقد انعكست هذه الرياح بما لا تشتهيه الصين، إذ تُخفي الحكومة الصينية ركودا اقتصاديا خطيرا، وتنزلق عائدة إلى نظام شمولي هش، علاوة على ما تُعانيه البلاد من ندرة حادة في الموارد، وما تواجهه من انخفاض في عدد السكان، وهو الانحدار الديمغرافي الأسوأ من نوعه في التاريخ (في أوقات السِّلْم). وأخيرا، وليس آخرا، تخسر الصين تدريجيا اليوم صِلاتها بالعالم الذي رحَّب بها يوما ومَكَّنها من التقدُّم.

مرحبا بكم في عصر “الذروة الصينية”، حيث بكين قوة تسعى لتعديل النظام القائم وإعادة تشكيل العالم، في حين أن الوقت المتاح لها للقيام بذلك قد بدأ ينفد بالفعل.

صناعة المعجزة الصينية

تخوض الصين رحلة صعود منذ سنوات طويلة، حتى بات مراقبون كُثُر يعتقدون بأن تربُّعها على القمة أمر حتمي. ولكن في الواقع، يُعَدُّ السلام والازدهار أثناء العقود الأخيرة في الصين استثناء تاريخيا. فعلى مدار معظم تاريخها الحديث، قُدِّر للصين الدخول في صراعات وشدائد بسبب موقعها الحرِج عند الحد الفاصل بين أوراسيا والمحيط الهادئ، إذ قطَّعت القوى الإمبريالية أوصال البلاد منذ حرب الأفيون الأولى عام 1839 وحتى نهاية الحرب الأهلية الصينية. وبعد توحيد الصين تحت الحكم الشيوعي عام 1949، واجهت البلاد عداء أميركيا شرسا، فتكبَّدت بكين عناء الخصومة مع أكبر قوتين عالميَّتين معا (واشنطن وموسكو)، بعد انهيار التحالف الصيني-السوفيتي في ستينيات القرن الماضي.

عصف الفقر والجوع بالصين المعزولة والمحاصرة، بيد أن الانفتاح على الولايات المتحدة عام 1971 كسر هذا النمط، فحظيت الصين فجأة بحليف من القوى العظمى، وحذَّرت واشنطن موسكو من مهاجمة الصين، كما عجَّلت من اندماج بكين مع بقية العالم. وبحلول منتصف السبعينيات، أصبحت الصين بلدا آمنا، وصار لديها القدرة على الوصول إلى الأسواق ورؤوس الأموال الأجنبية، وحدث كل ذلك في توقيت مثالي. لقد ارتفعت التجارة العالمية بمقدار ستة أمثالها في الفترة بين عامَيْ 1970-2007، وركبت الصين موجة العولمة لتصبح مصنعا للعالم.

تمكَّنت الصين من ذلك لأن حكومتها التزمت بالإصلاح بدرجة كبيرة، فبعد وفاة “ماو تسي تونغ” عام 1976، شرَّع الحزب الشيوعي الصيني حدودا للفترة الرئاسية مع قيود رقابية أخرى على كبار قادة الدولة، ثمَّ بدأت في مكافأة الأداء الاقتصادي الجيد والكفاءة التكنوقراطية. وسُمح للمجتمعات الريفية بإنشاء شركات متساهلة تنظيميا، وتوسَّعت المناطق الاقتصادية الخاصة في شتى أنحاء البلاد؛ ما سمح للشركات الأجنبية بحرية العمل. وفي إطار استعداداتها للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001؛ تبنَّت الصين مجموعة من الأنظمة القانونية والضريبية الحديثة، ومن ثمَّ حازت بكين حزمة السياسات اللازمة للازدهار في عالم مفتوح.

حازت الصين أيضا التركيبة السكانية المواتية، إذ شهدت أعظم قِسمة سكانية في التاريخ الحديث. ففي العقد الأول من القرن الحالي، وصل عدد البالغين في سن العمل إلى عشرة أمثال المواطنين المُسِنين، في حين يبلغ المتوسط خمسة أمثال تقريبا في معظم اقتصادات العالم الكبرى. وقد نشأت هذه الميزة السكانية نتيجة عرضية لتقلُّبات السياسات المتهوِّرة، حيث حث الحزب الشيوعي الصيني النساء على إنجاب الكثير من الأطفال في الخمسينيات والستينيات؛ لتعزيز عدد السكان الذين أنهكتهم الحروب والمجاعات، فارتفع التعداد السكاني بنسبة 80% في 30 عاما. لكن بكين شدَّت الحزام في السبعينيات، وحدَّدت الإنجاب لكل أسرة بطفل واحد. نتيجة لذلك، امتلكت الصين قوة عاملة هائلة مع أعداد ضئيلة نسبيا من المسنين والأطفال المحتاجين إلى الرعاية. ما من تركيبة سكانية كانت مؤهلة للإنتاج مثل الأمة الصينية في تلك اللحظة.

لم تحتج الصين إلى مساعدة خارجية كبيرة لتزويد مواطنيها بالغذاء والمياه، أو إمداد صناعاتها بمعظم المواد الخام اللازمة، وجعلت عوامل مثل سهولة الوصول إلى هذه الموارد، بالإضافة إلى العمالة الرخيصة وضعف سياسات حماية البيئة، جعلت من الصين مركزا هائلا للصناعة. بيد أن عطايا القدر تلك لا تدوم طويلا، فعلى مدار العقد الماضي، صارت المزايا التي حفَّزت صعود البلاد يوما هي نفسها الالتزامات التي تشدُّها إلى أسفل.

النزول من أعلى القمة

بادئ ذي بدء، شارفت الصين على نفاد مواردها، إذ اختفت نصف أنهارها، وتسبَّب التلوث في جعل 60% من مياهها الجوفية “غير صالحة لاستهلاك البشر”، بحسب اعتراف الحكومة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، تشهد البلاد تدهورا في الأمن الغذائي بعدما دمّرت 40% من أراضيها الزراعية بسبب الاستخدام المفرط، وباتت اليوم أكبر مستورد للمنتجات الزراعية في العالم. ونتيجة جزئية لندرة الموارد، ارتفعت تكلفة النمو ارتفاعا كبيرا، وبات على الصين استثمار ثلاثة أمثال رأس المال الذي استثمرته سابقا لخلق نمو مماثل لما أنجزته مطلع القرن الحالي.

علاوة على ذلك، تقف التركيبة السكانية الصينية على أعتاب الانكماش، ويعود الفضل في ذلك إلى إرث سياسة الطفل الواحد. ستفقد الصين ما يصل إلى 70 مليون بالغ في سن العمل بين عامَيْ 2020-2035، وسيرتفع لديها بالتزامن عدد المُسِنين بنحو 130 مليون مواطن مُسِن. ويناظر ذلك فقدان عمال ودافعي ضرائب يُكافئ تعدادهم الشعب الفرنسي، مع زيادة أصحاب معاشات ومتقاعدين يكافئ تعدادهم الشعب الياباني. ثم ستفقد الصين 105 مليون عامل إضافي بين عامَيْ 2035-2050، وسيزداد بالتزامن عدد المُسِنين بنحو 64 مليونا آخرين. ستكون العواقب الاقتصادية وخيمة، وتُرجِّح الإحصاءات الحالية أن معدل “الإنفاق بحسب العمر” من جانب الحكومة يجب أن يرتفع إلى ثلاثة أمثاله بحلول عام 2050، أي من 10% إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي. وتجدر الإشارة هُنا إلى أن إجمالي إنفاق الحكومة الصينية كاملا اليوم يبلغ 30% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي.

سيكون التعامل مع هذه المشكلات عسيرا، لأن الصين يحمكها حُكم استبدادي منفرد يُضحِّي بالكفاءة الاقتصادية لصالح القوة السياسية. ورغم أن الشركات الخاصة تُولِّد معظم الثروة في البلاد، فإنها حُرِمَت من رأس المال تحت حكم الرئيس “شي جينبينغ”. عوضا عن ذلك، تحصل الشركات المملوكة للدولة والأقل كفاءة على 80% من الدعم والقروض الحكومية. لقد قاد الروَّاد المحليون وشركاتهم طفرة الصين الاقتصادية، لكن حملة مكافحة الفساد التي قادها “شي” نفَّرتهم من الانخراط في تجريب المشروعات من جديد. هذا وحظرت الحكومة فعليا نشر أخبار اقتصادية سلبية، وهو أمر استحالت معه الإصلاحات الحيوية تقريبا، في حين انسحق الابتكار بفعل موجة من القوانين ذات الدوافع السياسية.

بالتزامن مع تحوُّل الصين إلى دولة أكثر حزما وسلطوية، بات العالم هو الآخر أقل ملاءمة للنمو الصيني، إذ واجهت بكين آلاف العوائق التجارية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. علاوة على ذلك، تعزل اقتصادات العالم الكبرى اليوم شبكات اتصالاتها عن التأثير الصيني، حيث تسعى أستراليا والهند واليابان وغيرهم إلى إبعاد الصين عن سلاسل الإمداد الخاصة بهم.

ركود الصين العظيم

تواجه الصين حاليا نزعتين: ركود النمو، والتطويق الإستراتيجي، وهُما يكتبان نهاية صعودها. فبسبب مشكلات الاقتصاد الصيني المتراكمة، دخل مؤخرا أطول تباطؤ شهده عصر ما بعد ماو، إذ انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الرسمي من 15% عام 2007 إلى 6% عام 2019، ثمَّ جاءت الجائحة لتهبط بالنمو إلى ما يزيد بقليل عن 2% عام 2020. أما الإنتاجية، المُكوِّن الأساسي لصناعة الثروة، فانخفضت بنسبة 10% بين عامَيْ 2010-2019، وهو أسوأ هبوط للإنتاجية تشهده قوة عظمى منذ الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات.

تَظهَر المؤشرات على هذا النمو غير المُثمر في كل شيء. تضم الصين أكثر من 50 مدينة أشباح، وهي مراكز عمرانية كاملة بالطرق والمنازل لكن لا يسكنها بشر. ولن تعوِّض نحو ثلثَيْ مشروعات البنية التحتية الصينية تكاليف إنشائها على الإطلاق؛ ما سينتج عنه ديون خارجة عن السيطرة، هذا وقفز الدين الإجمالي الصيني بثمانية أمثاله بين عامَيْ 2008-2019. إننا نعرف نهاية مثل هذه القصص: فقاعات استثمارية ينتج عنها ركود طويل، ففي اليابان، نتج عن الإقراض المفرط ثلاثة عقود من النمو شبه المنعدم، وتسبَّب الأمر نفسه في الولايات المتحدة بالركود الاقتصادي الكبير (بين عامَيْ 2007-2009 بالتزامن مع الأزمة المالية العالمية). ولعل المشكلات التي تشهدها شركة التطوير العقاري الصينية “إيفرغراند” ذات الديون الهائلة بمنزلة مؤشر لما هو آتٍ.

بيد أن الحزب الشيوعي لا يعترف بالهزيمة، ويأمل “شي” في إحياء النمو السريع عبر الابتكار التكنولوجي، وقد زاد الإنفاق على البحث والتطوير بالفعل بثلاثة أمثاله منذ عام 2006. ورغم هذه الجهود، فإن نصيب الصين من السوق العالمية في معظم الصناعات العالية التقنية لا يزال ضئيلا. والسبب الرئيسي في ذلك هو أن نظام البحث والتطوير الصيني محكوم من أعلى إلى أسفل، ورغم أنه ممتاز في حشد الموارد، فإنه يخنق التدفُّق المفتوح للمعلومات ورأس المال اللازمَيْن للابتكار المُستديم. وستتفاقم المشكلة بفعل القمع السياسي الجاري الذي يُحفِّز الانصياع للرأي الواحد.

التطويق الإستراتيجي

لطالما تجنَّبت الصين أثناء صعودها طيلة 40 عاما تقريبا تطويقها إستراتيجيا عن طريق التقليل من شأن طموحاتها العالمية، والحفاظ على علاقات ودية مع الولايات المتحدة. لكن هذه المرحلة انتهت منذ أصبحت بكين أكثر عدوانية في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، تخلَّت الولايات المتحدة عن التفاعل البنَّاء وانتهجت سياسة احتواء جديدة. فقد أجرت واشنطن توسعة بحرية وصاروخية هي الأكبر في 30 عاما، وفرضت رسوما جمركية هي الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية، وطبَّقت أشد قيود عرفتها منذ الحرب الباردة على الاستثمار الأجنبي، وجميعها إجراءات موجَّهة ضد بكين. هذا واشتكى نائب وزير الخارجية الصيني هذا العام من “حملة حكومية وشعبية هدفها تركيع الصين”.

يصُب تحوُّل الموقف الأميركي تجاه الصين لصالح كفة رد الفعل المتنامي على نطاق أوسع ضد قوة بكين. ففي شمال شرق آسيا، باتت تايوان أكثر عزما من أي وقت مضى على حماية استقلالها الفعلي، ووافقت الحكومة التايوانية على إستراتيجية دفاعية حازمة جديدة بوسعها أن تجعل الجزيرة شبه عصية على الغزو، كما وافقت اليابان على التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة لدرء أي عدوان صيني على المنطقة.

بدأت بلاد بحر الصين الجنوبي أيضا في التحوُّط ضد الصين. فقد حصلت فيتنام على صواريخ ساحلية متحرِّكة، وغواصات هجوم روسية، وطائرات مقاتلة جديدة، وسفن مسلَّحة بصواريخ “كروز” المتطورة، وغدت سنغافورة بهدوء شريكا مهما للولايات المتحدة، ورفعت إندونيسيا إنفاقها على الدفاع بنسبة 20% عام 2020، وبنسبة 21% أخرى عام 2021، وحتى الفلبين، التي تودَّدت إلى الصين في معظم سنوات رئاسة “رودريغو دوتِرتي”، عادت الآن لتؤكِّد حقوقها في بحر الصين الجنوبي، وتُكثِّف من دورياتها الجوية والبحرية.

أينما تضغط بكين، فإنها تجد ضغطا مضادا من فريق متزايد من الخصوم. فقد ظهر الحوار الأمني الرباعي -يضم أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة- بوصفه محورا للتعاون المناهض للصين بين أقوى الديمقراطيات في منطقة الهندي-الهادئ، ووحَّد تحالف “أوكوس” (أستراليا-بريطانيا-أميركا) الناشئ أبرز قوى العالم الناطق بالإنجليزية ضد بكين. بالتأكيد يظل التعاون المناهض للصين قيد التنفيذ ولم تتبلور ملامحه بعد، لأن دولا عديدة لا تزال معتمدة على التجارة مع بكين، غير أن هذه الشراكات المتشابكة قد تكون في النهاية سيفا مُسلَّطا على رقبة الصين.

حين ينتهي الصعود

تُعَدُّ الصين قوة أتمَّت صعودها بالفعل، لا قوة صاعدة، فقد اكتسبت إمكانيات جيوسياسية هائلة، لكن أجمل أيامها ولَّت بالفعل. وتلك التفرقة مهمة هُنا، لأن الصين خطَّطت لتحقيق طموحات لا سقف لها، ولعلها لن تستطيع تحقيقها الآن دون أن تسلك سلوكا حادا. يهدف الحزب الشيوعي إلى استعادة بلاده لتايوان، وبسط هيمنتها على غرب المحيط الهادئ، ونشر نفوذها في شتى أنحاء العالم، كما أعلن “شي” أن الصين تسعى إلى “مستقبل تظفر فيه بالمبادرة وتتبوَّأ موقعا مُهيمنا”. بيد أن ذاك الحلم بدأ يتلاشى، تزامنا مع تباطؤ النمو ووقوف الصين وجها لوجه أمام قوى عالمية تُناصبها عداء أشد.

غالبا ما تكون القوى الراغبة بتغيير الأوضاع أكثر خطورة حين تتسع الفجوة بين طموحاتها وإمكانياتها اتساعا لا يمكنها سدّه. وعندما يبدأ انغلاق النافذة الإستراتيجية لتلك القوة الساخطة على الوضع القائم، يتراءى لها أن احتمالا ضعيفا باقتناص النصر أفضل من سقوط مهين. لقد شنَّت ألمانيا الحرب العالمية الأولى لِتَحُول دون تحطيم طموحاتها في الهيمنة على أيدي الائتلاف البريطاني-الروسي-الفرنسي، وأشعلت اليابان الحرب العالمية الثانية في آسيا لِتَحُول دون خنق الولايات المتحدة لإمبراطوريتها. في الحقيقة، تنخرط الصين اليوم بالفعل في ممارسات متوقَّعة من بلد في وضعها، فهي تُعزِّز من قوتها العسكرية بلا هوادة، وتبحث عن مجالات نفوذ لها في آسيا وما وراءها.

يعتقد مراقبون كُثُر أن الصين تُلقي بثقلها كاملا اليوم لأنها تثق تماما بانحدارها المستمر. ويبدو بلا شك أن “شي” يعتقد أن جائحة كوفيد وعدم الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة قد خلقا احتمالات جديدة للصين كي تتقدَّم. بيد أن الاحتمال الأرجح -والمُخيف أكثر- هو أن قادة الصين عازمون على التحرُّك سريعا لأن الوقت ليس في صالحهم. ماذا يحدث حينما يرى بلد ما، في خضم سعيه لإعادة ترتيب العالم، احتمالية عدم قدرته على تحقيق ذلك سِلميا؟ الإجابة التي يُرجِّحها لنا التاريخ، وسلوك الصين الحالي: أمور لا تُحمَد عُقباها.

الكاتب:  مايكل بِكلي و هال براندز _ تم النشر بواسطة “Foreign Affairs” (مجلة أمريكية تصدر عن مجلس العلاقات الخارجية)

ترجمة: هدير عبد العظيم

المصدر: الجزيرة 


موضوعات قد تهمك: 

هل تفقد فرنسا نفوذها في المغرب العربي إلى الأبد؟

موجات تغيير عظيمة.. كيف سيبدو العالم؟

هل صعود الصين مصلحة للعرب؟

 

 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة